;
هشام عميران
هشام عميران

الفساد الإداري غريمك يا بلادي.؟! 1122

2014-08-30 15:44:27


إن الأمانة في أداء العمل خلق حث عليه الدين الإسلامي في كثير من مواطن القرآن والسنة النبوية المطهرة , يقول تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ويقول تعالى: { إنَّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاً}, ويقول – صلى الله عليه وسلم –: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تَخُن من خانك ), وفي حديث آخر يروي أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: بينما النبي – صلى الله عليه وسلم – في مجلس يحدث قومه جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحدث, فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال, وقال بعضهم : بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: ( أين أراه السائل عن الساعة ؟ ) قال ها أنا يا رسول الله , قال: ( فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة ), قال: كيف أضاعها ؟, قال: ( إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).

ولا شك أن الدين الإسلامي هو أكثر الأديان معرفة بنفسية البشر وكيفية معالجتها, ولذل نجده قد استخدم أسلوبين لمعالجة ذلك الفساد, وهما أسلوب الترغيب والترهيب.

 

ويُقَصد بأسلوب الترغيب استخدام أساليب التحفيز المختلفة التي من شأنها أن تجعل الموظف يقبل على عمله بنفس راضية وبحماس كبير فينجز إنجازاً عاليا ويؤدي أداءً متميزاً.

فمن آيات الترغيب مثلاً قوله تعالى:{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم }, وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستخدم في إدارته الدولة أسلوب الترغيب والترهيب , فكان يحبب لهم عمل الخير وينهاهم عن فعل الشر.

فالترغيب يكون في جانبين معنوي ومادي, فالترغيب المعنوي يتمثل في التقدير السليم للعامل المجد والاعتراف بجهده والإشادة بفضله إذا أحسن صُنعاً وذلك تشجيعاً له على مزيد من الإنتاج وإبعادا له عن الفساد, ولقد أوصى الإمام علي – كرم الله وجهه – أحد الولاة فقال: ( لا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء, فإن في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان, وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة ), ويقول – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه ) ويقول: ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)

والحافز المعنوي يتطلب كل الجهات المعنية والمختصة والمسؤولية أمور عدة وهامة

•الأخذ بيد الموظف الجديد فيدربونه ليحسّن من معرفته وأدائه للعمل.

•التعرُّف على جهوده والإشادة بها وتنمية مواهبه وإبداعاته.

معاملة الموظفين معاملة حسنة بدون تمييز إلا على أساس الكفاءة وحُسن الأداء. أما الجانب المادي وهو أن يتوفر لدى الموظف الأجر المجزي مقابل العمل الذي يؤديه, ولعل استقرار وصلاح العمالة النسبي في الدول المتقدمة أن مؤسساتها – حكومة أم قطاع خاص – تعطي العاملين المرتب المجزي الذي يغطي ضرورات الحياة له ولأسرته.

ولقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – وخلفاؤه الراشدون يراعون في تقدير الأجر الأعباء العائلية للفرد العامل وصعوبة العمل ومستوى غلاء المعيشة في المناطق المختلفة من الدول الإسلامية , فالأجور في مصر كانت أقل من الأجور في إقليم الحجاز نسبةً للرخاء الذي كان سائداً في مصر , وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعطي المتزوج من الجند حظين والأعزب حظاً واحدا من الفيء, وكان يقول – صلى الله عليه وسلم - : ( من ولي لنا أمراً وليس له منزلٌ فليتخذ منزلاً, أو ليس له زوجة فليتزوج, أو ليس له دابة فليتخذ دابة).

•أما أسلوب الترهيب: فيعتني باستخدام أسلوب التخويف بأنواعه المتدرجة ويشار إليها في الإدارة الحديثة بالحافز السلبي.

فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب – رضي اله عنه – من أكثر الخلفاء تطبيقاً لأسلوب الترهيب على الولاة والعمال في الدولة الإسلامية , فقد كان شديداً على الولاة والعمال ومن مقولاته:( إن أهون شيء عندي أن أضع والياً مكان والٍ إذا اشتكى منه الناس ) وكان يقاسمهم أموالهم إذا تكاثرت دون مبرر وكان يعاقبهم إذا رأى فيهم الفساد أو الانحراف المالي.

ويتمثل أسلوب الترهيب لمكافحة الفساد الإداري في مفهوم الرقابة على أداء العاملين بهدف كشف الأخطاء وتصحيح الانحرافات قبل أن تستفحل و والرقابة هو الوظيفة الرابعة من وظائف المدير أو القائد وتنتهي إلى الاطمئنان إلى سير العمل الإداري وفقاً للخطة الموضوعة تماماً دون إخلال.

وتبدأ الرقابة للفرد المسلم بالرقابة الذاتية التي يمارسها الموظف المسلم على نفسه بدافع من ضميره الحي , غير أن الإنسان بشر معرض للخطأ وقليل من الناس من تردعه نفسه عن الزلل ولذلك فإن المرء يحتاج إلى رقابة عليه , ولقد جعل الله تعالى مسؤولية الرقابة مسؤولية جماعية تقوم بها الدولة والمجتمع المسلم بأكمله , ونستدل على ذلك قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –: ( أرأيتم إن استعملت عليكم خير ما أعلم ثم أمرته بالعدل فيكم , أكنت قضيت ما علي ؟ قالوا : نعم , قال: لا , حتى أنظر في عمله أعَمِل بما أمرته أم لا ).

وتتركز الرقابة الإدارية السليمة في أمرين أساسيين:

1.وضع القوانين واللوائح والأساليب التي توضح الأخطاء الإدارية وتحدد العقوبات المناسبة لها.

2.تطبيق هذه القوانين بعدل وحزم دون تفريط أو إفراط.

لقد أدرك عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – منذ أول يوم من تولِّيه نقطة البداية في الفساد الإداري, فجمع أهل بيته وقال لهم : ( إن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم, فإذا وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا, وإني والله لا أوتي برجل منكم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني ).

فالفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – رفع شعاراً لمحاربة الفساد وهو ( الحاكم في رقابة المحكوم ), فيُحكى أنه دعا الناس فصعد على المنبر فقال: ( يا معشر المسلمين, ماذا تقولون لو مِلت برأسي إلى الدنيا... ؟ إني أخاف أن أخطئ فلا يردني أحد منكم تعظيماً لي, إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني, فقال رجل: والله يا أمير المؤمنين لو رأيناك معوجا لقومناك بسيوفنا ), وعندها أجاب الخليفة الزاهد والفرحة تعمر قلبه قائلا: ( رحمكم الله والحمد لله الذي جعل فيكم من يقوّم عمر بسيفه ).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد