من (وشحة) تبدأ الطريق إلى واشنطن..

تفاصيل 6 أشهر حرب ومعاناة بحُجة الدفاع عن منزل السيد

2012-03-21 05:11:49 تقرير/ علي العوارضي


كان أول دخول للحوثيين إلى محافظة حجة وفقاً لأمين عام المجلس المحلي بالمحافظة أمين القدمي مطلع العام الماضي بدعوة من قبيلتي الشيخ محمد حزام مسعود، والشيخ حميد هادي العبيدي في مديرية وشحة، وذلك كوسيط لحل نزاع قبلي بين الطرفين مرَ عليه أكثر من عقدين.

وقال: القدمي خلال لقاءه بالفريق الإعلامي والحقوقي الذي زار محافظة حجة الأسبوع الماضي:" إن الحوثي أتخذ من هذه الدعوة فرصة للتوسع والتمدد داخل مناطق حجة وقد ساعده على ذلك امتلاكه أكبر معسكر في رأس جبل شعلل المطل على مديرية وشحة والذي تم السيطرة عليه في وقت سابق كونه يفصل بين محافظتي صعدة وحجة من جهة الشمال".
وبحسب مصادر محلية، فإن غياب الدولة أو تغييبها كلياً في مديرية وشحة آنذاك وإسناد الأمر إلى قيادات مؤتمرية متواطئة جداً مع الحوثيين هي التي مكنتهم من بسط نفوذهم على المديرية بل وجعلها قاعدة للهجوم على مديريات أخرى، بينها كحلان الشرف والشاهل والخفناج والمحابشة، ومستبأ وكشر التي تدور فيها المعارك خلال الفترة الحالية.
وتشير المعلومات التي حصلنا عليها إلى أن شوكة الحوثي تقوت أكثر بعد دخوله مديرية كحلان الشرف التي خاض فيها مواجهات شرسة مع بعض القبائل وجنود الأمن، انتهت أواخر شهر أكتوبر من العام المنصرم بحصيلة 9 قتلى وعشرات الجرحى من الطرفين، وسقوط عزلة (افصر) التي يتخذ منها الحوثيون حالياً مركزاً لهم.

مديرية مستبأ التهامية المعروفة ببساطة أهلها ومسالمتهم، كانت هدفاً رئيسياً للحوثيين لاعتبارات عدة: منها موقعها الاستراتيجي القريب من المملكة العربية السعودية وكذلك جزيرة ميدي التي يسعون إلى السيطرة عليها وتأمينها كمنفذ بحري لاستقبال دعم ومعونات عسكرية من إيران -حسب بعض المراقبين- فضلاً عن كونها الممر الوحيد الذي يربط معظم مديريات حجة بمدينتي حرض وعبس وباقي محافظات الجمهورية.

بدأ الحوثيون يتوافدون إلى مديرية مستبأ منذ منتصف شهر يونيو 2011م من جهة الغرب وذلك بأعداد مسلحة أثارت قلق السلطة المحلية في المحافظة- كما أفاد بذلك الشيخ إسماعيل المهيّم وكيل محافظة حجة الذي ينتمي لذات المديرية وأحد النازحين منها.

وبحسب المهيم فإن أبناء مديرية مستبأ الذين وصفهم بالمسالمين لم يعتدوا على الحوثيين رغم قتلهم أحد أبناء المديرية وجرح عدد كبير منهم، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن أبناء مديرية مستبأ تخلوا عن فكرة الحروب من قبل 15 سنة ولم يعودوا بحاجة لحمل السلاح بالطريقة التي تمكنهم من مواجهة الحوثيين والدفاع عن أنفسهم وأرضهم.
وقال المهيم:" الحوثيون مارسوا على أبناء مديرية مستبأ ضغوطات غير عادية منها مداهمة المنازل وقتل البعض وتقييد حرياتهم ومنعهم حتى من حقهم في الشكوى وخطف عدد كبير منهم إلى جهات مجهولة بتهم واهية كالعمالة لأمريكا والتواصل مع السفير السعودي أو ما شابه ذلك".

من باع مستبأ؟!
من جانبه أتهم الشيخ أحمد بكيلي، رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بمديرية مستبأ، قياديين كبيرين في حزبه هما عبدالرحمن الجماعي من نفس المديرية، والشيخ محمد حزام مسعود من مديرية وشحة، بالتواطؤ مع الحوثيين وتسليمهم مستبأ، كي يستعيدوا هيمنتهم ومصالحهم التي فقدوها، مؤكداً في الوقت ذاته بأن الحوثيين صاروا يسيطرون حالياً على منطقة ران وجبل صرحي ومنطقة رقعي والخميس وأبو دوار.

وقال في حديثه لنا:" طرقنا باب الدولة فلم تستجيب وكأننا لسنا من رعاياها وتخاطبنا مع بعض القيادات العسكرية التي لها تواجد في المنطقة كي تقوم بواجبها القانوني والدستوري في حمايتنا ومساندتنا كمواطنين ورفع الظلم الواقع علينا، فأخبرونا بأنهم موقعين صلح مع الحوثيين ولا يستطيعون التدخل حتى لا يتهمون بنقض هذا الصلح أو الاتفاق".
وشبه بكيلي حالهم بحال الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، حيث لا يكاد يمر أسبوع –حد قوله- دون أن يختطف الحوثيون منهم 3 أشخاص على الأقل ويرفضون إطلاق سراحهم حتى يتدخل أبن حزام أو الجماعي، لكي يتقاضيا مبالغ باهظة مقابل ذلك.  

وأشار إلى أن مسلحين يتبعون "الجماعي وابن حمزة" يقتادون بين الحين والآخر قطعان من الأبقار والأغنام التابعة لمواطنين في مديرية مستبأ باسم المجاهدين ومن يرفض أو يعترض على ذلك اختطفوه بحجة أن السيد يطلب حضوره ويظل محتجزاً لديهم حتى يأتي أحد أقاربه ويدفع من الأبقار والأغنام ما رفض هو دفعه مقابل أن يتم إطلاق سراحه. 
واستشهد على ذلك بحادثة إختطاف تعرض لها المواطن علي محمد حسين محولي، خلال اليوم الذي زرنا فيه منطقة "أبو دوار" وذلك على خلفية اعتراضه أمام لجنة الوساطة في اليوم الأول على دخول ابن حمزة بمسلحيه إلى داخل مديرية مستبأ.

واختتم حديثه بالقول:" صحيح أننا أناس بسطاء ولا نمتلك السلاح الذي نواجه به الحوثيين المتسلليين إلى أراضينا والمحتلين بيوتنا وأملاكنا، لكننا مع ذلك نقول لهذه العصابة ومن ساعدوها في الوصول إلى هنا لن يمر اعتداءكم هذا بسلام وسيأتي اليوم الذي نجد فيه من يساندنا ويقف إلى جانبنا حتى نأخذ بثأرنا ونستعيد كرامتنا وحريتنا التي سلبتموها منا".   

اليوم المشؤوم
في الخامس من شهر يوليو 2011م استيقظ أبناء مديرية كشر على مجاميع مسلحة تابعة للحوثيين تدخل على ظهر 10 أطقم عسكرية إلى المديرية من جهة الشرق عبر طريق حوث عاهم، حيث قامت تلك المجاميع بإطلاق النار على أهالي منطقة قرايات والعبيسة، ما أدى إلى سقوط قتيلين دهساً بالأطقم وجرح آخرين في سوق العبيسة، ثم تبادل لإطلاق النار بين الحوثيين المعتدين والأهالي الذين تمكنوا من منع مواصلة سيرهم باتجاه الغرب.
وفي منتصف شهر يوليو 2011م قدِم يوسف المداني من محافظة صعدة برفقة نحو مائتي مسلح يستقلون 20 سيارة كانت تتجه صوب منطقة أبو دوار، حيث منزل والده والتي تقع في الجزء الشرقي من مديرية مستبأ المتاخمة لمديرية كُشر من جهة سوق عاهم.

ومن يومها والمداني يواصل حفر الخنادق والمتارس على قمم الجبال وفي التباب المحيطة بمنطقة أبو دوار، وصار يبعث الوفود تلو الأخرى إلى قرى وعزل مديرية كشر وما جاورها، للتبشير بمذهبهم، ونشر أفكارهم وطباعة الصرخة على جدران المنازل والمساجد بصورة أثارت حفيظة القبائل، خصوصاً ما يتعلق بسب الصحابة وتكفير من لا يسب معاوية.
بدأ الحوثيون القادمون مع المداني التحرك في مواكب مسلحة بشكل مستفز لأبناء المنطقة، وأقاموا نقاط التفتيش على طول الطريق الإسفلتي بمديرية مستبأ، وكذا الطريق المؤدية إلى وشحه وبكيل المير، كما قاموا بشراء بعض المشائخ والعقال بالمال والسلاح والسيارات.

الانتقال إلى كشر
أنتقل الحوثيون إلى منطقة (مزرعة) بمديرية كشر بحجة امتلاك أحد "سادتهم" أبو حسين يوسف المداني بقايا مزرعة ورثها عن والده هناك وتحت تلك الذريعة بدأوا يتمترسون في الجبال المحيطة بسوق عاهم، مثل جبل الشتير، ووعل، والجرابي، وقاموا بتوزيع مجموعات مسلحة منهم على مساجد عاهم وما جاورها، سيما مع كل صلاة جمعة لترديد الصرخة في تلك المساجد.

وتحسباً لأي هجوم أو مداهمة قد ينفذها الحوثيون على قرى منطقة عاهم، قام أبناء مديرية كُشر بوضع نقطة في جبل الراكب المطل على سوق عاهم، وأثناء مرور وفد الحوثيين من تلك النقطة أطلقوا النار على من كانوا فيها من أبناء كشر، والذي أعقبه تبادل إطلاق نار بين الجانبين دون سقوط جرحى أو قتلى.
ولعل هذا الحادث هو من دفع الحوثيين إلى تعزيز تواجدهم العسكري في الجبال المحيطة بسوق عاهم، والتي تم الزحف إليها ومهاجمتها صباح يوم عيد الأضحى الماضي، وقتل منصور علي جبهان أحد أبناء المنطقة.


القشة والبعير
تعود البداية الحقيقة للمواجهات المسلحة بين الحوثيين وقبائل كشر إلى أول أيام عيد الأضحى والذي صادف الأحد 6 نوفمبر 2011م ، حيث قامت مجموعة مسلحة من الحوثيين، أثناء صلاة وخطبة عيد الأضحى بقتل أحد أبناء مديرية كشر، ويدعى منصور جبهان، ثم الاستيلاء على جبل الشتير المطل على سوق عاهم.

وفي ثاني أيام العيد أطلق الحوثيون النار بشكل مكثف على دار للقرآن الكريم بعاهم، مستخدمين في ذلك مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، وحالوا اقتحام الدار مرتين متتاليتين، قتلوا خلالها بعض أفراد حراسته وأرغموا البقية على الانسحاب ليتمكنوا بعد ذلك من الدخول إليه بتواطؤ من بعض سكان القرية والعبث بكل محتوياته وإحراق نحو 3000 مصحف داخل الجامع التابع له، فكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير.

على خلفية ذلك، هب أبناء مديرية كشر (قبائل حجور) للدفاع عن أنفسهم وأهاليهم وقراهم ومنازلهم، حيث توزعوا على ست جبهات قتالية هي (عاهم، نهم الشرق، ونهم الغرب، وحجور الشام بمديرية شحة، وحجور اليمن، وكشر، إلى حدود الجميمة).

جبهة عاهم
في معركة غير متكافئة استطاعت قبائل كشر بإمكانياتها العسكرية المحدودة والمتواضعة التي لا تتجاوز الرشاش العادي أن تدحر الحوثيين بمدافعهم ورشاشاتهم ودفاعاتهم الجوية وقذائف الهاون والـ (آر.بي. جي) التي يمتلكونها من جبل الشتير، ووعل، والجرابي المطلة على سوق عاهم والسيطرة عليها.

كما قام مسلحو القبائل بتطهير سوق عاهم والقرى المجاورة له وكذلك بعض المؤسسات الحكومية من عناصر الحوثي وإجبارهم على التراجع إلى منطقة أبو دوار، تاركين ورائهم نحو 3000 قطعة سلاح خفيفة ومتوسطة غنيمة لقبائل كشر وحجور.

وفي يوم الثلاثاء 7 نوفمبر 2011م قام المقاتلون القبائل في ذات الجبهة بضرب (قصبة صلق)، وهي عبارة عن دار مهجورة في منطقة صلق، كان يتواجد فيها أكثر من 12 حوثياً قتلوا جميعاً، وسويت القصبة بالأرض.

جبهة راكب
وفي المقابل تمكن الحوثيون من استعادة سيطرتهم على جبل (الراكب) أحد جبهات القتال، بعد شراءهم بعض مشائخ المنطقة الذين سمحوا لهم باعتلاء جبلين مجاورين هما (القفشة) و(الملوم) ليفاجأ القبائل بأنفسهم وقد أصبحوا في مرمى الحوثيين القادمين من الخلف، مما أضطرهم إلى الانسحاب من جبهة الراكب.
ولم يكتفي الحوثيون باستعادتهم جبل الراكب، بل هاجموا بمئات المسلحين قرية (الحود) التي لا يتجاوز عدد سكانها 300 نسمة، وقاموا خلال الهجوم باقتحام المنازل ونهب ممتلكات المواطنين، وقتل وأسر عدد من أبناء تلك القرية، وتشريد من تبقى من الأطفال والنساء والشيوخ.

جبهة نهم
من جهة أخرى استمرت المواجهات بين القبائل والحوثيين في جبهة (نهم الشرق) و(نهم الغرب) لأكثر من أسبوعين، انتهت بطرد القبائل لجماعة الحوثي من قرية (مزرعة) وتحديداً يوم الخميس 24 نوفمبر 2011م، كما تم طردهم أيضاً من جزء في جبل الراكب الذي استعادوه بالمال والحيلة.
بعدها تحركت قبائل عاهم للالتحام بقبائل نهم في جبل الراكب بالتحديد، وحصلت مواجهات عنيفة، تكررت خلالها عملية شراء الحوثيين لبعض الوجاهات، للسماح لهم بضرب المقاتلين القبليين من الخلف، غير أن القبائل سارعت بالانسحاب والبقاء في جبهة نهم الشرق.

موقف السلطة المحلية
يقول نائب محافظ حجة أمين القدمي، إن قدوم يوسف المداني إلى منطقة أبو دوار بطريقة مسلحة استفز مشاعر الكثير من أبناء المحافظة، مما استدعاهم في قيادة المحافظة إلى عقد اجتماع استثنائي لمناقشة الموضوع، والخروج بحل وسط يقبل بالصلح ويتحاشى الدخول مع المداني في مواجهة، كونه قد أبلغهم في وقت سابق أنه جاء ضيفاً يزور منزل والده لا أقل ولا أكثر، فطلب منه التخلي عن المرافقين المسلحين، فتذرع بأن لديه مشاكل ما جعلت منه شخصاً مستهدفاً ويحتاج إلى حماية.

واعترف القدمي بأن ما يمتلكه الحوثي من إمكانيات عسكرية تفوق بكثير إمكانات المحافظة جعلتهم يفرملوا ويستبعدوا تماماً التدخل الأمني والعسكري من قائمة الحلول التي وضعوها رغم تلقيهم عدة بلاغات وشكاوى بوجود تعسفات واعتداءات على المواطنين من قبل عناصر الحوثي، والتي وصلت حد منع الناس من الصلاة في المساجد، وإغلاق عشرات المدارس في وجوه الطلاب- حسب قوله.

وأشار القدمي إلى أنه تم التواصل مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي وعلي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية، لكنهم لم يبدوا أي استجابة لمطالبهم وبالذات المتعلقة بالتدخل العسكري، منوهاً إلى أن الجميع أحالوهم إلى أنفسهم في قيادة المحافظة ونصحوهم بإيجاد أي مخرج آخر يساعد على تهدئة الأوضاع، وهو ما عملت به قيادة المحافظة حيث دفعت مراراً –حسب قوله- باتجاه المصالحة والهدنة لكن دون جدوى.

الوساطة والصلح
في 9 نوفمبر 2011م تمكنت وساطة قبلية في محافظة حجة من التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار بين قبائل مديرية كشر بمنطقة عاهم والحوثيين، غير أن الأخيرين لم يلتزما بوقف إطلاق النار وظلا يمارسان بعض الخروقات للهدنة في محاولة للضغط باتجاه استعادة مواقعها في الجبال المطلة على عاهم التي استطاعت القبائل طردهم منها.
ودار الحديث آنذاك عن تواطؤ بعض مشائخ المؤتمر الشعبي العام في مديرية كشر والذين قالوا إن لديهم توجيهات عليا بتسليم المواقع التي سيطر عليها القبائل لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى إدخال تعزيزات عسكرية من الحرس الجمهوري إلى المنطقة، الأمر الذي تسبب في تجدد المواجهات المسلحة بشكل أعنف من السابق بعد أسبوعين فقط من إعلان الهدنة.
بعدها بنحو 20 يوماً فقط كلف محافظ حجة وكيل المحافظة عبد العزيز الغادر وعدد من المشائخ والشخصيات الاجتماعية في المحافظة، بالترتيب لصلح بين أبناء مديرية كُشر وجماعة الحوثي، وقد توصلت تلك الوساطة التي تعد الأولى منذ اندلاع المواجهات إلى صلح تم توقيعه من قبل الطرفين بتاريخ 7/12/2011م.

وقضى الصلح بوقف إطلاق النار، ورفع جميع النقاط والأرتاب والتمترس من الطرفين، وعودة الحوثيين إلى معسكرهم في أبو دوار، وضمان تأمين المرور بسلام في الطرقات العامة للجميع، وعدم الاعتداء على المرافق والمنشآت العامة والخاصة مع عدم التدخل أيضاً في اختصاصاتها وأعمالها، وإجراء عملية تبادل للأسرى من الجانبين.
كما كفل الصلح للجميع حرية العمل السياسي السلمي في إطار الدستور والقانون، ملزماً الطرفين بالتعهد على الامتناع عن كل ما من شأنه الاستفزاز للآخر.

وبحسب أحد أعضاء لجنة الوساطة – فضل عدم ذكر اسمه- فإن معظم بنود الاتفاق كانت قد طبقت، حيث نزل الحوثيون من (مزرعة) وعادوا إلى (أبو دوار)، في حين ظلت القبائل داخل (عاهم) واستمر الوضع على هذا الحال حتى يوم الخميس 11 يناير 2012م، حيث دخل مسلحون حوثيون بسياراتهم إلى سوق عاهم وباشروا إطلاق النار على أحد أبناء مديرية (كشر)، مما أسفر عن إصابته ومقتل أحدهم في تبادل لإطلاق النار بين الجانبين.
ووفقاً لما رواه عضو لجنة الوساطة، فإن القيادي في الحركة السلفية بمديرية كشر أبو مسلم الزعكري، توجه بعد يومين من حادثتي عاهم وكشر ومعه مجموعة مسلحين إلى منطقة أبو دوار بغرض الانتقام لأحد أنصاره الذي أصيب اليوم الأول بعاهم وفور وصوله أمطره الحوثيون المتمركزون هناك بوابل رصاص أسفرت عن مقتل 7 من رجاله وجرح آخرين.  
ولأن هذه الحادثة كانت بمثابة فاتحة شر –حسب بعض المراقبين- وبداية لتجدد مواجهات هي الأعنف، فقد بادرا الشيخ علي القيسي والأستاذ أحمد الكحلاني إلى عقد صلح في يوم الجمعة 27/1/2012م، - يعد الأخير حتى الآن - والذي وقعه من جانب قبائل حجور (كشر) زيد الشامي عضو مجلس النواب عن الإصلاح والقيادي الناصري محمد مسعد الرداعي ومن جانب الحوثيين يوسف الفيشي وعلي العماد.

وقد تضمن الصلح عدة بنود تمثلت في التعايش السلمي واعتماد مبدأ الحوار في حل أي مشاكل على قاعدة الوطن يتسع للجميع وبطرق ودية والعمل سوياً وفقاً للثوابت الوطنية، وتعزيز كل ما يؤدي إلى التوافق والتقارب والابتعاد عن أساليب فرض الرؤى بالغلبة أو القوة، ووقف كل مظاهر التحريض مع الاحتفاظ لكل مواطن بحقه في الانتماء السياسي والفكري دون إكراه .

كما تم الاتفاق على وقف الأعمال المسلحة والتوسع المسلح من جميع الأطراف والابتعاد عن أي أعمال استفزازية والعمل على عودة المسلحين إلى مناطقهم ومحافظاتهم ، بالإضافة إلى تشكيل لجان ميدانية لحل أي إشكال ومعالجته بشكل فوري قبل حدوث أي تطورات قد تؤثر على الأمن والسلم الاجتماعي .

واتفق الطرفان أيضاً على تشكيل لجنة ميدانية مشتركة ترعى التطبيق والالتزام بهذه البنود من الجميع ووضع الآليات لاستيعاب المعالجات وإزالة الإشكاليات أينما وجدت وحلها، كما تسعى إلى التقريب بين وجهات النظر في إطار المبادئ الإسلامية العامة والثوابت الوطنية، وتعمل هذه اللجنة وفقاً للاتفاق الموقع على: (الوقف الفوري لإطلاق النار، وفتح الطرقات ، والتفاهم مع وجهاء كشر وقيادة الحوثيين بشأن تهدئة الأجواء والعودة بالأمور إلى طبيعتها وإزالة أسباب التوتر).

وكان الشيخ عبدالله وهبان - عضو لجنة الإشراف على تنفيذ بنود هذا الاتفاق - قد حمل الحوثيين مسؤولية نقضهم الاتفاق في 12 فبراير 2012م عقب مهاجمتهم لمنطقة عاهم وجبل المشبه المطل عليها وما حوله من القرى، منوهاً إلى أن نقطة تفتيش مسلحة تابعة للحوثي منعته يومها من الدخول إلى المنطقة ،الأمر الذي تسبب في عرقلة أعمال اللجنة التي عادت إلى مدينة حرض-حسب قوله.

واتهم الشيخ عبدالله وهبان قيادة وأعضاء السلطة المحلية بمديريتي كشر ومستبأ بالانحياز إلى طرفي الصراع والإسهام في تأجيج المشكلة وذلك عبر دعم كل عضو لأصحابه والوقوف إلى جانبهم حتى في المواجهات المسلحة الدائرة .
وفي السياق ذاته أكد الشيخ مبخوت نهشل، عضو لجنة الإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق الأخير، أن الأمور لازالت متوترة وأن الطرفين في حالة ترقب حذر، خصوصاً مع ظهور بعض النتوءات الناجمة عن غياب دور الدولة وعدم قيامها بواجبها في حماية المواطنين وترسيخ الأمن والاستقرار، مرجعاً سبب الخروقات المتكررة للاتفاقات الموقعة إلى عدم وجود ضمانات لتنفيذها، وكذلك غياب القوة الرادعة للطرفين. 

وعلى العكس من ذلك عبر الشيخ ناصر دعقين عن تفاؤله الكبير بالتزام الطرفين بالاتفاق الأخير، مشيراً إلى أنه تم التفاهم مع مشائخ كشر وأصحاب مستبأ من جهة والحوثيين من جهة على آليات عملية لتهدئة الأجواء مستقبلاً، ولافتاً إلى أنه على ضوء نتائج زيارتهم الأخيرة خلال اليومين الماضيين للطرفين - الحوثي والقبائل - لمسوا اهتماماً وجدية لتطبيق بنود الصلح.

وأفاد الشيخ دعقين، بأن من أهم أولوياتهم في اللجنة الإشرافية هو فتح الطريق الرئيسية التي تربط مديرية كشر وتحديداً سوق عاهم الشهير بمستبأ ومنها إلى عبس وحرض وبعدها فتح الطرق الأخرى وتأمينها ونزع الألغام التي تم زرعها ومن ثم العمل على إعادة النازحين إلى قراهم ومساكنهم وترك ما يتعلق بالجانب الإنساني للجهات المعنية سواء في القطاع العام أو الخاص – حسب قوله.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد