جُديمة الصبيحة بلحج..

واحة منسية وشباب خارج نطاق العمل

2014-12-26 11:34:20 تقرير/ محمد المسيحي

تقع منطقة جديمة في مديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج وهي تبعد عن ساحل رأس العارة بمقدار أربعة كيلومترات, إلا أنها واحة زراعية ذات أرض خصبة حيث تلتقي فيها كبار وديان المديرية ك"تمنان وشعبوا" وغيرهما مما جعل من تربتها الخصبة صالحة لزراعة مختلف المحاصيل الزراعية..

وتعتبر منطقة جديمة عاصمة عشائر الفتيحة الموزعين على مختلف مناطق المديرية كالسقياء والعارة والصريح والعديدية وخور العميرة ، لكن منطقة جديمة عاصمتهم التاريخية.. هذه المنطقة تعاني اليوم الكثير من الحرمان والإهمال في شتى مناحي الحياه, فالتعليم يكاد يكون شحيحاً والصحة متدهورة, وأما مصادر الرزق والعيش فهي الرعي والاصطياد.. التقرير التالي يسلط الضوء على واقع المنطقة..


حين يأتي ذكر المنطقة يأتي إلى جانبها ذكر الشيخ النمر سالم المناضل الجسور والإنسان الشهم والذي يضرب به المثل في مختلف مناطق الصبيحة لجسارته وإقدامه وحبه للخير ودوره المتميز في الإصلاح بين مختلف قبائل الصبيحة فالنمر وجديمة صنوان لا يفترقان ولهما في الوسط الصبيحي الاحترام والتبجيل ولو تم في الآونة الأخيرة نسيانهم الأمر الذي انعكس على أبناء جديمة بالإهمال وعدم الإنصاف لهم، وحتى من بعد النمر ارتبط اسم جديمة بالسيد الغرابي الكريم المعطاء والذي كان يلقب بحاتم الصبيحة لجودة وكرمة

خطة الشعبي

تتسم ارض جديمة بأنها ارض زراعية ذات تربة خصبة صالحة لزراعة مختلف المحاصيل ونظراً للاتساع الشاسع لرقعتها وجودة تربتها وضع الرئيس قحطان محمد الشعبي رئيس أول جمهورية للجنوب اليمني خطة زراعية لتطويرها والعمل على استثمارها.

ويحكى الشعبي وبحكم تخصصه في الجانب الزراعي كان ينظر لهذا المكان باعتباره بقعة تستطيع رفد الاقتصاد الوطني بموارد مالية إذا استغل العمل فيها لكن الرفاق لم يتركوا لهذا الرجل الفرصة للنهوض ببلدة وعملوا على حجزه في الإقامة الجبرية حتى مات.

شقاء وكدح

وخلال فترة التشطير بعد قحطان لم يستغل هذا المكان الخصب والواسع الرقعة لاستثماره فظل المزارعون يكدحون ويشقون في أرضهم بما تجود به السماء من أمطار وسيول وحتى بعد قيام الوحدة ظلت تلك الرقعة الزراعية الكبيرة مهملة دون أي التفات لها.

إلا انه في الآونة الأخيرة بدأ المستثمرون التجار يتسابقون عليها ويعملون على حفر الآبار والمضخات لزراعة البصل, مما جعل هذا المحصول من هذه الأرض يملأ وتضيق به أسواق المملكة العربية السعودية وتعتبر ارض الحنبورية في جديمة من أجود الأرض فيها, حيث أن إنتاجها الزراعي من الأعلاف أو المحاصيل الأخرى كالبصل مدهش للغاية.

خدمات منعدمة

يتناثر في منطقة جديمة قرى متعددة كالبرودة وجنة والحصب وغيرها لكن رغم كثرة القرى فلا يوجد إلا مدرسة أساسية ويدرس فيها إلى السادس أساسي و باقي الطلاب في المراحل الأخرى ينتقلون إلى مناطق أخرى تبعد عنهم بمسافات، فيما مدرسة المنطقة تعاني النقص الحاد في المعلمين.

وأرجح الكثير من المواطنين في مديرية المضاربة بان عموم مدارس المديرية تعاني النقوصات في شتى التخصصات إلا أن هذا الأمر لم يصحو له بال من قبل إدارة التربية في المديرية، وضحية ذلك الطالب الذي أضحى يعاني حتى من قراءته لبعض الكلمات والعبارات التي تعرض عليه. وهذه أمور لا تهم القائمين على المديرية وكأن على آذانهم وقار أو ربما هناك غشاوة على العيون.

أما من الناحية الصحية فحدث ولا حرج أكثر الأسر والمصابة بالمرض تتعرض لجميع أصناف العذاب لعدم توفر حتى حبة بارا مول لتهدئة صداع الرأس، حيث يذهب الأهالي والمحاذون لقرية جديمة؛ إما إلى مستشفى العارة الريفي المهمل والمنسي من قبل السلطات أو يلجأون بسرعة نقل مريضهم إلى محافظة عدن.

فالصحة في المديرية والمنطقة "صفر على الشمال", كل الإداريين في الصحة والجهة المسئولة عنهم غير مهتمين بأبناء مناطق الصبيحة فهم حسنوا أوضاعهم المعيشية تاركين أبناء المديرية يعيشون في دهاليز النسيان.

هناك قضايا وضعت بين أيدي مسئولي الصحة ولكن وضعت في قائمة النسيان فالكثير من الأسر يعالجون مرضاهم بطرق تقليدية ورثوها من أجدادهم ،لان أملهم في الصحة مغيب تماماً. واضعين أيديهم على قلوبهم موكلين أمرهم لله، وباقي الخدمات كالكهرباء والمياه فهي معدومة ولا يوجد فيها مشاريع للكهرباء والمياه، ويعمل غالبية شباب جديمة في المجال الزراعي والاصطياد وهنا تجد الشباب في حالة استياء من عدم استيعابهم حتى في اللجان الشعبية.

مصدر رزقهم

بعد أن تقطعت بهم السبل من كل النواحي وتغيب عنهم كل القائمين على أمور المديرية وممثلوهم في المحافظة، حينها لجأ مواطنو المنطقة- صغيراً وكبيراً- منهم من مارس مهنة الصيد في البحر وآخرون من استغل وقته وشكل له مجموعة من الأغنام وبدأ في عملية الرعي، فهم لا يريدون قصورا ولا سيارات ولا تنافس على مناصب اهم ما يحتاجونه هؤلاء الناس هو العيش الكريم.

وبحسب تأكيدات أبناء المنطقة فإن أغلب الوظائف تصرف للبعض ويحرم منها الغالبية وكل ذلك يتم بطرق مخالفة للقانون، فشباب المنطقة يشكون من هذا التهميش المتعمد الذي لحق بهم جراء القيادات التي توهمهم بانها ستعمل.

فالسكان هنا يتجرعون مرارة الحياة القاسية وبكل ألوانها الصعبة وكأنهم في عصور غابرة لا تعرف شيئاً من العصر الحديث، فالرعي والاصطياد مازالت مهنتهم الشاقة جدا ولكن لا مجال آخر لديهم لإعاشة أسرهم سوى هذه المهنة التي اعتاد عليها أجدادهم من القدم..

رسائلهم كثيرة ومعاناتهم لا تحصى وعبر هذا المنبر الإعلامي يوجهون رسائل عاجلة لذوي الضمائر الحية ممن لديهم كامل الصلاحية في شتى المناصب في المديرية، وإدراجهم ضمن الوظائف حتى يتمكنوا من إتمام بقية أعمارهم دون أي أتعاب شاقة ترهق كاهلهم.

صرخات

أهالي منطقة جديمة يعيشون حياة غير آدمية وبمجرد أن ترى كل شباب المنطقة يبحثون هنا وهناك وكلٌ في يديه عدد من الشكاوي رافعاً بها إلى الجهات المعنية، هنا تقف في استغراب عما يحدث ربما حينه تقول انه خيال ولكن ومع جلوسك مع صاحب الشأن تدرك بان هؤلاء الشباب يبحثون عن وظائف تقطعت بهم السبل؛ منهم من يشكي من المحسوبية وآخر من المحاباة.. صرخات الشباب تعالت ولكن تواجه بالصمت.

يحدثنا احد أبناء المنطقة الأخ/بكيل سيف دوكم بان المنطقة أصبحت في طي النسيان وخصوصا في تكدس الشباب وأصبحوا يمثلون العبء على أهاليهم فيما هناك وظائف منها الجانب العسكري وأخرى في اللجان الشعبية ولكن أبناء المنطقة دائما مهمشون من ذلك فكل ما يدار إما يكون على شكل هبات وعطايا وعلى المقربين وهذا هو شعار القائمين على زمام المديرية- حد قوله.

موضحاً بانه تم تسجيل عدد من أبناء المديرية ولم يتم الرفع بأي شخص من أبناء جديمة رغم المتابعة المستمرة من مكان إلى آخر ولكن يواجهون باللامبالاة.. وطالب دوكم أصحاب الضمائر الحية التي تهتم بالمواطن أكثر من الاهتمام الشخصي بأخذ لفتة ضمير وإعطاء المنطقة نصيبها من الوظائف أسوة بالمناطق الأخرى التي يهتمون بها.

مجالس محلية معتكفة

يتحدث الكثير من أبناء المنطقة وغيرها بان ممثلوهم في المجالس المحلية فضلوا الاعتكاف في منازلهم بعد أن ارتوت وامتلأت بطونهم بالمال، تاركين هؤلاء الشباب والأسر الفقيرة تعاني الكثير من مصاعب الحياة..

يقول مواطنون إن أغلب المشاريع متعثرة وشبكة الطرق الرابطة بين المنطقة والمناطق الأخرى لازالت بدائية وغير معبّدة وخدمات الصحة والتعليم مفقودة, فيما فوضى السلاح وانتشاره ليس لها حدود والنزاعات القبلية في تصاعد مستمر.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد