استيقظوا.. إنهم يتأمرون عليكم..

قوانين تشرعن نهب ثروات اليمن!!

2014-08-17 15:53:37 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي

في الوقت الذي كان يعتقد العامة من الشعب اليمني انه صار بالإمكان تحول ولو جزء يسير من الثروات التي قيل أنها غادرت اليمن خلال العامين الماضيين إلى الخارج وأصبحت ثروات خاصة بمسئولين منحتهم المبادرة الخليجية حصانة من الملاحقة سواء في الداخل أو الخارج.

في الوقت ذاته برزت حقائق مفزعة وبتأكيد اطراف عدة داخلية وخارجية أفادت أن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة أو التي تم تهريبها من اليمن إلى الخارج ، أفادت بأن هذا المشروع بدلا من أن يكون ضامن وملزم لاستعادة الثروات والأموال المهربة من اليمن اصبح مخرج رئيس لضياعها.
يفتقد للصفة القانونية

والباعث للقلق أكثر في هذا المشروع تأييد الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بأنه يفتقد للصفة القانونية ولم يكن نتاج تشريعي تخصصي سليم وان تكاليف اللجنة التي قامت صياغته وتجهيزه كان مخالفا للقانون وكذلك تكليف اللجنة تم بالتجاوز لمهام الهيئة والاعتداء على وظيفتها.

وأضافت الهيئة بان مشروع القانون هذا ملئ بالثغرات التشريعية وتسبب في إيجاد تعارض بين مهامها وتوجيهات المشروع وانه ركيك الصياغة والمضمون ولا يتلاءم مع قانون مكافحة الفساد والذي يعد هو الأخر وفق تأكيد هذه الهيئة قانون باطل يعتريه نقص واختلالات وصار من الضروري جدا إعادة النظر فيه.
لا يتواءم مع اتفاقية مكافحة الفساد

وأيضاً ذكرت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بأن مشروع استرداد الأموال المنهوبة لا يتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وكذل يتعارض مع هذه الاتفاقية والقوانين المتعلقة بالمنظومة التشريعية لمكافحة الفساد.

وكشفت مذكرة حملت رقم (378/أ) وجهتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بتاريخ 18/3/2014 إلى رئيس الجمهورية بأن ابرز الملاحظات والاعتراضات على مشروع القانون هذا من قبل هيئة مكافحة الفساد.

وجاء في مذكرتها هذه فخامة الأخ المشير / عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية المحترم، بخصوص موضوع/ مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، نود الإحاطة بان وزارة الشئون القانونية قد قامت بأعداد مشروع قانون لاسترداد الأموال المنهوبة واستصدرت أمرا من مجلس الوزراء برقم 20 لسنة 2014م في 5/2/2014، بتكليف لجنة وزارية من عدد من الوزراء ورؤساء الهيئات والأجهزة الرقابية ورؤساء بعض الجهات لاستكمال مراجعة مشروع القانون من الناحية الفنية والإجرائية.
تعارض وازدواجية

وأضافت المذكرة وقد وقفت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على مشروع القانون المشار إليه أعلاه وتبين لها وجود تعارض بينه وبين اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والقوانين النافذة ذات العلاقة وان مشروع القانون ينشئ ازدواجية وتضارب في الاختصاصات مع مهام الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

 وأيضاً ينشئ ازدواجية وتضارب في الاختصاصات مع مهام، بقية الأجهزة الرقابية والقضائية ضمن منظومة مكافحة الفساد من جهة واللجنة الوزارية المزمع إنشاؤها من جهة أخرى ونوج لفخامتكم اهم الملاحظات والاعتراضات على مشروع القانون المذكور:ـ

وحسب مذكرة هيئة مكافحة الفساد، إن إعداد مشروع قانون يعنى باسترداد الأموال، وهو من القوانين المتعلقة بالمنظومة التشريعية لمكافحة الفساد وتقديمه مباشرة لمجلس الوزراء لإقراره فيه تعد واضح وعلى اختصاص أصيل للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.

وهذا التعدٍ يؤكده القانون رقم 39 لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد في المادة (2،3،5،6/أ، 23/أ،42) والتي تخول الهيئة بالتنسيق مع الجهات المختصة دراسة وتقييم واقتراح تطوير التشريعات العقابية المتعلقة بجرائم الفساد من الناحيتين الإجرائية والموضوعية لمواكبة أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد واستكمال إجراءات عرضها على مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها وفقا للإجراءات الدستورية.
غير محايدة ولا مستقلة

ولذلك فإن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، قد تمحور حول إنشاء لجنة وزارية لاسترداد الأموال المنهوبة اكثر من كونه قانونا ينظم إجراءات استرداد الأموال وهذا يتناقض ويتعارض مع نصوص المواد(3- 5- 6 – 36- 51- 52- 53- 54- 55- 56- 57- 58) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها من قبل بلادنا بالقانون رقم 47 لسنة 2005.

 واتفاقية الأمم المتحدة أوجبت على الدول الأطراف أن تكفل هيئات مستقلة لمكافحة الفساد ومنحها صلاحيات قانونية في مكافحة الفساد ودرء مخاطره واسترداد الأموال العامة المتحصلة من جرائم الفساد في الداخل أو في الخارج بالتنسيق مع الجهات والهيئات النظيرة ومؤسسات إنفاذ القانون.

وبالتالي فإن إصدار مشروع هذا القانون بقصد إنشاء لجنة وزارية غير محايدة ولا مستقلة لاسترداد الأموال تنازع اختصاص الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد مخالف لنصوص اتفاقي الأمم المتحدة المشار إليها.
يتعارض مع مخرجات الحوار

كما أن مشروع القانون المذكور يتعارض كليا مع القانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد في المواد (2- 3- 5- 6/أ- 20/أ- 32/أ- 42 ) والمواد ( 2- 4- 149- 150- 151- 152- 153- 154- 155- 156- 157- 160)

بند أولاً فقرة ( 1- 2- 3)

وبند ثالثاً فقرة ( 1- 2- 3- 5- 6- 7- 8- 9- 10)، من اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد والتي نصت جميعها على أن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد هي الجهة الرقابية والضبطية المخولة بمكافحة الفساد ولملاحقة مرتكبيه وتعقب الأموال المتحصلة من جرائم الفساد وحجزها واستردادها للخزينة العامة بالتنسيق والتواصل مع الجهات النظيرة وأجهزة إنفاذ القانون في الخارج بما فيها تعقب مثول الأشخاص للتحقيق أمام الهيئة وإحالتهم إلى القضاء.

ناهيك على أن مشروع القانون تضمن نصوصا تتعارض مع ما أوصى به مؤتمر الحوار الوطني من قرارات وتوصيات في التشديد على تفعيل الهيئة والوطنية العليا لمكافحة الفساد والأجهزة الرقابية الأخرى حسب ما ورد في الموجهات الدستورية ومقررات الحكم الرشيد المادة 13 والموجهات القانونية لفريق الحكم الرشيد.

وأيضا وفق ما جاء في المواد (86- 87- 93- 155) وكذا ما ورد ف بالموجهات القانونية لفريق استقلالية الهيئات في مؤتمر الحوار الوطني صـ 167 من وثيقة الحوار في الفقرات (1-2-7 / 2-2-2 -7 ) ومع برنامج حكومة الوفاق الوطني في تفعيل دور هيئة مكافحة الفساد في مهامها ( ومن تلك المهام استرداد الأموال).
تنازع الاختصاصات

وليس هذا فحسب بل إن مشروع القانون يتعارض مع نصوص القانون رقم (1) لسنة 2010 وتعديلاته بالقانون رقم 17 لسنة 2013م بشأن إحلال لجنة استرداد الأموال محل لجان وكيانات قانونية قائمة وهي لجنة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ووحدة جمع المعلومات المالية بالبنك المركزي المشكلة من عدد من الجهات الرقابية ( في البنك المركزي والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وجهاز الرقابة والمحاسبة وجهاز الأمن القومي وجهاز الأمن السياسي ومصلحة الضرائب ومكتب النائب العام ووزارة العدل).

 وعلى الطرف الأخر تتولى وحدة جمع المعلومات ( الاستخبارات المالية) بالتنسيق مع الهيئة إجراءات تتبع الأرصدة البنكية والأموال المنقولة والعقارية في الداخل والتواصل والاتصال مع الجهات النظيرة وأجهزة إنفاذ القانون في الخارج.

علاوة على أن الأجهزة الرقابية ممثلة بجهاز الرقابة والمحاسبة ووحدة جمع المعلومات قد تقدمت بعدة ملاحظات واعترضت على مشروع القانون، كما أن دائرة التفتيش والشئون العدلية والقانونية بمجلس الوزراء قد اعترضت على مشوع القانون عند تقديمه من وزارة الشؤون القانونية.

 وجاء الاعتراض لكون مشروع القانون يتعارض مع نصوص قانون مكافحة الفساد رقم 39 لسنة 2006م باعتبار الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد للدراسة وإبداء الرأي بشأنه تفاديا لأي تعارض بين القوانين أو تنازع في الاختصاصات والذي لا يصب في خدمة المصلحة العامة بقد ما يضر بها ومع ذلك سارت وزارة الشئون القانونية بإجراءات القانون.
إلغاء للدستور

ويتطور الأمر ليصل حيال مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، إلى بُعد أخطر وهو انتهاك الدستور اليمني، وإلغاءه إذ يعد صدوره مخالفاً للدستور، حيث تقضي المادة (47) من الدستور بعدم إصدار أية قوانين عن جرائم مثل استرداد الأموال المنهوبة ومكافحة الفساد، وذلك بأثر رجعي.

كما أن مشروع القانون منح صلاحيات مبُالغ فيها للمخولين باسترداد الأموال المنهوبة، حتى وصل الأمر بمنحهم حق التفاوض السري مع الأطراف المتهمة، والأخطر منح هؤلاء المخولين حق التنازل للقائمين بالنهب بجزء من الأموال التي نهبوها، ناهيك عن مخالفات أخرى وتمثل مخرجاً للمتهمين وغير ذلك.
يناقض القوانين النافذة

وقال تقرير صادر عن منظمة أوتاد لمكافحة الفساد بشأن مشروع قانون استرداد الأموال المنهوبة، من حلال دراسة محتوى المشروع قانونياً؛ تبين لنا الاختلال الواضح والقصور ممثلاً بالتالي: القانون- إجمالاً- يمثل مخالفة دستورية للمادة 47 من الدستور والتي تقضي بعدم إصدار أي قوانين عن جرائم بأثر رجعي، وهو ما سيمثل مخالفة دستورية صريحة, كون جريمة نهب المال العام والسعي لاستردادها هي جرائم ذات أثر رجعي، وبالتالي كان يفترض على الحكومة اليمنية والجهات الرقابية العمل أولاً على تعديل النص الدستوري بالرجوع لمخرجات الحوار الوطني والتنسيق مع لجنة إعادة صياغة الدستور، إضافة لذلك فإن العديد من المواد بالمشروع تشكل تناقضاً مع العديد من القوانين النافذة.
لا تؤدي الغرض

وأضاف التقرير بأن المصطلحات الأساسية المستخدمة لا تؤدي الغرض الأساسي كاملاً بالرجوع للمبادئ المهنية والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة والتي كان يفترض أن تستخدم مصطلح " الموجودات المختلسة" كونها أكثر دقة في ترجمتها للعربية.

كما أن تعريف الأموال المنهوبة بالقانون اقتصر على إطار معين مستنسخ ولم يتوسع بما يغطي الواقع اليمني, مهشماً جوانب أخرى أهمها: فوارق بيع الثروات الوطنية بين أسعار البيع و الأسعار السوقية السائدة وخاصة المبيعات وفقاً لاتفاقيات ثبت فيها الغبن الواضح، إضافة لثروت الأفراد والفئات الناتجة عن عدم عدالة توزيع الثروات والممتلكات العامة بما في ذلك التملك وعوائد الانتفاع غير المشروع والعادل للأراضي والعقارات العامة.
عيب الاستقلالية

ومن جهة أخرى حدد المشروع تشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة برئاسة وزير الشؤون القانونية ( جهة إعداد المشروع) وعضوية 10 أشخاص حددها القانون جميعهم ممثلين لجهات حكومية ، وهنا فإننا ومن خلال دراسة الموضوع من الناحية الشرعية والمهنية نرى أن رئاسة لجنة لهذا الخصوص تكون أولوية رئاستها للنائب العام وليس لوزير الشؤون القانونية من جهة ومن جهة أخرى فإن حصر عضوية اللجنة بدرجة وكيل وزارة يتنافى مع مقتضيات المعايير الرقابية كون الأعضاء كافة وفقاً لما ورد بالمشروع يندرجون ضن الفئات المستهدفة من القانون بحكم صفاتهم الوظيفية، مما يعيب على مبدأ الاستقلالية كمتطلب رئيسي مهنياً أقره المشروع نفسه من جهة أخرى، ومن جانب ثالث فقد همش المشروع منظمات المجتمع المدني نهائياً من التمثيل باللجنة وهو ما يخالف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والتزامات الحكومة اليمنية تجاه المجتمع الدولي في تعزيز الشراكة البناءة بين الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني.
صلاحيات واسعة

وليس هذا فحسب بل منح المشروع للجنة المذكورة صلاحيات مبالغ فيها وصل الأمر لدرجة إجراء مفاوضات سرية مع المتهمين وتمنح اللجنة الحق في التنازل عن جزء من الأموال المختلسة المطلوب استردادها بل وصل الأمر بنص عقوبات مشددة ضد كل من يسرب معلومات عن تلك المفاوضات. إن مثل هذه البنود الواردة بالمشروع شكلت صدمة لنا بأن تطرح في مشروع قانون كونها تمثل في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها شرعاً وقانوناً وتتنافى مع مبدأ الشفافية والمساءلة العادلة، والأهم منه أن المشروع بهذه النصوص منح اللجنة صلاحية التنازل عن أموال عامة مستحقة للشعب كافة دون أن يكون لدى تلك اللجنة أي تفويض مطلق من الشعب بتحديد مصير جزء من أمواله وممتلكاته ومن خلال التبرير الذي ساقته الوزارة لهذه الصلاحيات بأنها مأخوذة من تجربة شبيه بالقانون المصري, فإن المتطلع للأحداث يعلم يقيناً فشلها في مصر, بل أن ذلك النص كان دافعاً رئيسياً لقوى باتجاه إيصال الأوضاع إلى ما آلت إليه.
ربط القوانين

وحسب منظمة أوتاد في الجانب القانوني لاسترداد الموجودات المختلسة فإن الأمر يتطلب الربط مع قوانين أخرى لها ارتباط مباشر وفعال بالموضوع أهمها: قانون الذمة المالية وقانون مكافحة غسيل الأموال وفي اتجاه آخر بالاتفاقيات الدولية والمصادق عليها وخاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي ألزمت الدول الأعضاء فيها بالعديد من الإجراءات والتعهدات للتعاون فيما بينها البين كان يجب على المشروع اليمني سنّ مواد قانونية من خلال تلك التعهدات تسهم في ملاحقة واسترداد الموجودات المختلسة والمهربة خارج البلاد وبما لا يتعارض مع المادة الرابعة من الاتفاقية المتعلقة بصون السيادة ونهب الثروات والأموال العامة في مصر وتونس اختلفت كلياً عن مثيلاتها باليمن في نفس الأحداث مما يعطي دلالة واضحة بعدم فاعلية استنساخ الآليات المستخدمة في مصر لاستخدمها باليمن في ذات الشأن.
الجانب الإداري والتخصصي

 ووفق أوتاد ومن خلال اطلاع المنظمة وتحليها لوجهة نظر الجهات ذات العلاقة حول مشروع القانون؛ فإننا بمنظمة أوتاد لمكافحة الفساد وإذ نعيب على الأجهزة الرقابية والقضائية ذات الاختصاص تقصيرهم الكبير في قضية الموجودات والأصول المختلسة منذ إنشائها وحتى الآن سواء من حيث إعادة النظر في البنية التشريعية أو مهام الرصد والحصر والتتبع والحجز والتجميد وصولاً للمصادرة والاسترداد كونها الجهات المخولة أساساً بموجب قوانينها وبموجب المادة 6 من اتفاقيات الأمم المتحدة.

واضافت إلا أننا نؤيد من جهة أخرى الرؤية التي تعتبر مشروع القانون تدخلاً في اختصاصات جهات أخرى وفي مقدمتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومكتب النائب العام, إضافة لمجلس النواب وكان يفترض تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين الجهات ذات العلاقة لإعداد مشروع يلبي طموحات الشعب اليمني و يتناسب مع خصوصية البلاد، وبما لا يتنافى من الشرعية الإسلامية والمواثيق الدولية والمعايير والمبادئ المهنية وفي اتجاه يرسم المهام والاختصاصات بوضوح يزيل أي تعارض أو تداخل في المسئوليات.

إن مشروع القانون بمحتواه الحالي سيؤدي حتمياً لتصادم الصلاحيات وضياع المسئوليات بين الحكومة من جهة والأجهزة الرقابية من جهة والقضاء من جهة أخرى، وهو ما سيؤثر سلباً على أي جهود رسمية رامية لملاحقة واسترداد الموجودات المختلسة ومحاسبة المتورطين.
الوضع السياسي الراهن وتأثيراته

 وأشارت أوتاد إلى أنه وبدراسة استشرافية لتطورات الأحداث منذ بداية العام 2013 مع إعلان الحكومة توقيف تعاملاتها مع هيئة مكافحة الفساد مروراً بالجدال داخل مجلس الشورى بالقضاء اليمني؛ فإننا بمنظمة أوتاد نستشف من تلك الأحداث واستقرائنا لمشروع القانون المذكور وردة فعل الهيئة عليه، بوجود ترابط فيما بينها ينذر بتجبير قضايا حقوق عامة للشعب اليمني إلى ساحات للمقايضة والتنافس الموجه لحساب قوى بعينها، مما يقضي كلياً على استقلالية ونزاهة العمل الرقابي الرسمي، وجهود مكافحة الفساد باليمن ويتجه بها صوب هاوية دوائر الصراعات الداخلية في مسلك اليمن في غنى عنه في الوقت الراهن، وعليه فإننا بمنظمة أوتاد لمكافحة الفساد ندعو إلى الآتي:

تشكيل مجموعة عمل مشترك من الحكومة اليمنية والأجهزة الرقابية والقضاء ولجنة إعادة صياغة الدستور والبرلمان لإعداد مشروع بنية تحتية متكاملة بشان استرداد الموجودات المختلسة خاصة والعمل الرقابي عامة مع مراعاة عدم تأسيس أجهزة مزدوجة الصلاحيات.

وإعادة النظر كلياً في مشروع القانون الحالي وإيقاف كافة الإجراءات القادمة عليها الحكومة نحو إقراره وإحالة الموضوع كامل لمجموعة العمل المشتركة المذكورة سابقاً.

والأخذ بالاعتبار أهمية إصدار دليل لاسترداد الموجودات المختلسة، ومن الممكن الاستكفاء بإصدار الدليل في حالة استكمال البنية التشريعية اللازمة لاسترداد الموجودات المختلسة في إطار تعديلات القوانين النافذة ومشروع الدستور.

وندعو كافة الأطراف لتحمل مسئوليتها الوطنية والنظر بعين المصلحة العامة بعيداً عن الولاءات الضيقة في التعامل مع القضايا العام وبدرجة رئيسية المتعلقة بالثروات الوطنية والممتلكات العامة.
قانون معاق

وحيال هكذا وضع لقانون يعول عليه 25 مليون يمني أمل كبير، في استرداد ثرواته المنهوبة، ما الذي يمكن أن يحققه هذا القانون غير استنزاف لكثير من الموارد دون جدوى، ولذا أضحى واقع الحال يقول، من المستفيد من إفراز مثل هذه القوانين المعاقة.

فما جدوى أن يتم إهدار المليارات، على إيجاد قوانين وتشريعات ولجان، الهدف منها حماية الثروات والموارد وخزينة الدولة، ومنع العبث والإهدار والسطو المسنود بالنفوذ؛ إلا أن هذه القوانين واللجان تكون ناقصة أو مخالفة للدستور، وكذلك للمواثيق الدولية.
باعث على القلق

والباعث على القلق أكثر من هذه القوانين هو أن القائلين والمؤكدين على أنها ناقصة أو مخالفة للدستور والمواثيق الدولية، كثير منهم يتربعون مناصب عليا في مراكز حكومية غاية في الحساسية، خاصة في هيئات وكيانات أوجدت كإجراء وقائي من شأنه إيقاف نزيف الفساد، في مجالات أضحت تمثل منبعاً للفساد.

وكما هو الفساد في اليمن، لم يعد ظاهرة فردية، حد تأكيد تقارير مختصة محلية وإقليمية ودولية، حيث أصبح جوهراً وسياجاً حاضناً مسنوداً بالاحتماء بنفوذ مناصب عليا في الدولة، كذلك اصبح حال كثير من القوانين.

فبدلاً من أن يكون وجود هذه القوانين، منّاعاً وفاعلاً يُستحال معها ممارسة إهدار أو عبث أو مخالفة أو وقوع في ممارسة فساد، أصبح مشرعناً لممارسة مزيد من العبث والفساد، تحت مبرر تعديلات أو تطوير وملائمة، وجانب أخر أخطر يتمثل في التأكيد القضائي أو استصدار الأحكام، بأنه لا يوجد نص قانوني صريح، في كثير من المسائل والأعمال... إلخ.
مكافحة الفساد

ويزداد الأمر تعقيداً مع قانون مكافحة الفساد، والذي اعترفت صراحة رئيسة الهيئة العليا لمكافحة الفساد بأنه يحتاج إلى إضافات وتعريفات وتعديلات وتطوير، ليتواءم مع عملية مكافحة الفساد واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

كما أنه لا يواكب المتغيرات التي أعقبت المرحلة الانتقالية، وكذلك مخرجات الحوار الوطني الشامل، وقانون الحصانة الذي شمل قيادات النظام السابق، بالإضافة إلى الوضع العام للبلد، والذي صار يحكمه التدخل الخارجي وشركاء الانتقال السياسي.
تحولت إلى منظومة فساد

ولا يقف الأمر عند القوانين، باعتبارهما يعانيا من القصور والاختلالات، بل يوجد غيرهما كثر هذا إذا لم تكن كل قوانين تسيير وإدارة البلد معاقة، وتشكل منظومة فساد خصبة وتحدث قصور واختلالات البنية في التشريعية، وموجبات حماية ثروات البلد والأفراد وحقوق الفقراء من عامة الشعب اليمني، فبدلاً من أن تؤدي وظائف تشريعية ضابطة، تحولت إلى خادم ومساند للعبث والفساد.
المناقصات

قطاع الأشغال العامة، وتحديداً المناقصات والمزايدات والمشتروات الحكومية، كان وما زال يُعد حقلاً خصباً للفساد، والتفشي الكبير للفساد فيه، كان دافعاً رئيسياً لإيجاد هيئة عليا للرقابة ولجنة عليا للمناقصات، وقانونين خاصين لتسيرهما.

إلا أن القانون الخاص بلجنة المناقصات، وباعتراف رئيس سابق للجنة المناقصات، هذا القانون ناقص وفيه عيوب واختلالات، بل ثغرات تشرعن لممارسة الفساد، وحدد العيوب والثغرات في 13مادة من مواد القانون، ووصفها بأنها خطيرة ناهيك عن قصور مواد وعدم موائمة أو وضوح أخرى.
الضرائب

قانون الضرائب الساري، وحد تأكيد أعلى هيئة رقابة ومحاسبة والمتمثلة في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، هذا القانون تعاني مواد فيه اختلالات وقصور وعيوب مختلفة، نجم عنها ضياع وإهدار موارد ضريبية بمئات المليارات، ومنح إعفاءات ضريبية بمبالغ مماثلة.

نفس الجهاز كشف أيضاً عن قصور كبير في قانون الجمارك الساري، بل غالبية من تربعوا رئاسة مصلحة الجمارك، كانوا يعترفون صراحة بأن قانون الجمارك الساري، فيه قصور في مواد منه، لكنهم لم يفعلوا شيئاً لمعالجتها، بل جعلوها كما هي، خدمةً لهم ولإيجاد مخارج لهم من الوقوع في حقل المساءلة.
الاستثمار

قانون الاستثمار المعدل والساري حالياً، لم يشذ عن وضع القوانين السالفة الذكر، فرغم أنه جاء بدلاً القانون سابق، قيل أنه كان يعاني قصوراً كبيراً، إلا أن هذا القانون والذي حل بديلاً عن سابقه، جاء هو الآخر يعاني نفس الإشكالية، وبتأكيد مسؤولين من هيئة الاستثمار.
البنوك

ولا يختلف الوضع مع قانون البنوك والمصارف والذي أكد وجود قصور واختلالات فيه، محافظ البنك المركزي اليمني السابق، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وخبراء مصرفيون وفقهاء قانون وخبراء اقتصاد وجهات مختصة داخلية وخارجية.
التأمينات

أيضاً قانون التأمين التجاري، وكذلك قانون التأمينات الاجتماعية، أضف إلى ذلك مشروع قانون التأمينات الاجتماعية، ومشروع قانون التأمين الصحي، كل هذه القوانين، فيها من القصور والعيوب ما يجعلها محل عدم ثقة.

بل هناك ما هو أخطر من ذلك وهو اتخاذها مبرر ومخرج، من الوقوع تحت طائلة المُساءلة، جراء ممارسة أعمال والقيام بتصرفات كثيرة منها متعمدة وينتج عنها إلحاق ضرر أو عبث أو إهدار أو حيازة أموال، وغير ذلك وهي في الأصل فساد، لكن لا يتم محاسبة القائم بها، جراء الثغرات والعيوب التي توجد في القانون.
العقارات والثروة الحيوانية

وكذلك يسري الحال نفسه على قانون أراضي وعقارات الدولة، وقانون حماية البيئة، وقوانين الثروة الحيوانية والسمكية والمائية، والقوانين التجارية الخاصة بالاستيراد والتصدير والإتجار بالمبيدات والأدوية والتبادل التجاري، وتنظم قطاع الاتصالات الخاصة، وتشريعات الإيداع والإقراض والديون البنكية المتعثرة وعمليات الصرافة.. إلخ.

فما معنى أن تولد هذه القوانين أو غيرها مشوهة، ومن المستفيد من خروجها ناقصة ويشوبها اختلالات ووجود ثغرات، وما الجدوى من الإنفاق الكبير على لجان لإيجاد قوانين ثم تكون النتيجة ميلاد قوانين مشوهة ومريضة؟.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد