"بئر أحمد" بمحافظة عدن..

فقر وبطالة ومشيخات لنهب الأراضي

2014-08-28 12:41:11 تقرير/ فهمان الطيار

في محافظة عدن.. فاتنة المدن.. مناطق شعبية تعيش تحت سطوة وظلم أصحاب نفوذ من مشايخ وساسة؛ أبرزوا كل عضلات نفوذهم على الضعفاء والمساكين وتمكنوا من إغراء الجهات الحكومية بأموالهم المنهوبة على حساب المواطن المسكين..

هكذا هي "منطقة بئر أحمد" أصبحت أراضيها محتلة ومستعمرة وأهل المنطقة وذويها غرباء وليس لهم نصيب من ترابها, فقد غدت فريسة بأيدي المشايخ الذين ترفض وجودهم عدالة السماء وتتوالى عليهم لعنات المواطنين..


بكل معنى الغرابة وفي ظل غياب الدور الحكومي الذي أصبح- ربما- داعماً ومؤيداً لأصحاب النفوذ في شن هجوم عدواني وبسط السيطرة في انتزاع حقوق الآخرين وبيعها على آخرين, في حين أصحاب الحق الذين يمتلكون الوثائق والأدلة التي تثبت ملكيتهم, لا حول لهم ولا قوة أمام أصحاب النفوذ..

صرخات الجور

كانت زيارتنا إلى "بئر أحمد" حيث كانت مملكة العقارية قبل قرابة 400 عام شريان الحياة لعدن .. منذ الوهلة الأولى لوصولنا كانت بوصلة أفكارنا تشير إلى ملامسة معاناة المنطقة لافتقارها العديد من الخدمات الأساسية والضرورية" الكهرباء والمياه ومشروع المجاري والمواصلات والتعليم" وغيرها..

لكن ما خفي كان أعظم كما يقال.. ليجرفنا هناك سيل من المعاناة التي تطفوا على السطح "نهب الأراضي" و "المشيخة".. ليكن في استقبالنا صرخات المواطنين من جور الظلم الذي يحتسونه رغماً عنهم..

 التقرير التالي يرصد بعضاً مما تعيشه منطقة "بئر أحمد" بمحافظة عدن وسكانها تحت وطأة الظلم ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم, وأراضيها التي لم تسلم من نهب نافذين..

"حُكم القوي على الضعيف"

وجدنا في الطريق نقطة عسكرية في منطقة "بئر أحمد" أوقفنا السيارة جانباً لنعرف قليلاً من سيناريو القصة, حيث قالوا في حديثهم:" وجهاء المنطقة كلهم بلاطجة ونهابو أراضي وهم المتسببون في المشاكل, إذا في مواطن مسكين يأخذون عليه الأرض بالقوة وأي واحد يرفض أوامرهم وكلامهم قضوا عليه بطريقتهم.. أنتم تعرفوا أن الاقتتال الذي يحصل ونهب الأراضي كله السبب مشايخ ووجهاء المنطقة.. يوجد هناك ناس بسطاء ضعفاء بسطوا على أراضيهم بالقوة".

وأضافوا" مشايخ هذه المنطقة اصبحوا رؤساء أموال يأتي الواحد منهم بسيارة آخر موديل (مفحط) من النقاط العسكرية وغير مبالي, ليس لديهم أي ضمير إنساني لا يوجد أي احترام للعسكري إطلاقاً.. واذا أوقفنا احدهم في محاولة لضبطه تأتي أوامر من الضباط والقادة فوراً تتيح لهم الصلاحية بأي تصرفات وهذا الشيء يمس بسيادة الأمن".

 ثنايا الثغر العابس

 واذا نظرنا من الجانب الاقتصادي, فتعتبر عدن ثغر اليمن الباسم بناءً على مينائها الاستراتيجي الهام وتعد "بئر أحمد" ثنايا الثغر ومعروف أنه لولا الثنايا لما بدا الثغر جميلاً, فهي يجب أن تكون على مستوى عالٍ من الترتيب وغياب العشوائية؛ لذا يجب أن تكون متنفس الميناء والداعم الأساسي له.. أي أن يكون هناك وحدات اقتصادية للتجميع والتصنيع بحكم قربها من الميناء الذي يعتبر افضل ميناء من حيث موقعه الاستراتيجي من الخطوط الدولية..

فقد حبانا الله بميناء ذي افضل رصيف طبيعي في العالم ولديه كذلك متنفسات خلفية قيمة لها أثر اقتصادي كبير على المحافظة بشكل خاص وعلى الوطن بشكل عام أسوةً بالموانئ المجاورة والأجنبية اذا تم استغلالها بشكل فعال وتنظيمها وتوفير الخدمات الأساسية والبنى التحتية وتهيئتها لجذب المستثمرين لما له من اثر على تجفيف البطالة ورفد الاقتصاد الوطني فتعود ثمار هذه المناطق الحيوية على عامة الناس (تشغيل اليد العاملة – وكذلك الضرائب فتأخذ من الطبقة الغنية وتعود على المواطن بشكل خدمات عامه وغيرها) فيكون هناك عدالة في توزيع الدخل..

عبث وفساد

لكن ما وجدناه عكس ذلك, فلقد تُركت هذه المناطق لمجموعة صغيرة تعيث فيها فساداً وتمنع ملاكها من مزاولة عملها وبيعها بالقوة للغير, فالقطعة الواحدة تباع أكثر من مرة ولأكثر من مشترٍ وتحولت كالسبايا يتصرف أعيان ومشايخ المنطقة كونهم غير ملاكها الشرعيين كما يشاءون .. فكوّنوا لأنفسهم المشيخة ومنحوا أنفسهم سلطات شاسعة من إسقاط ملكية الأراضي من المواطنين وبيعها للغير شاء من شاء وأبى من أبى .. فالسؤال الذي يضع نفسه: من أين اكتسبوا هؤلاء المشايخ السلطات كلها؟.

الإجابة ليست مجهولة: فهؤلاء الأشخاص محميون بضباط وقيادات عسكرية وبتواطؤ من السلطة المحلية بالمديرية, على مرأى من الكل قد تم سحب أملاك المواطنين الذين زرناهم وعشنا همومهم..

فرغم امتلاك المواطنين لعقود تؤكد ملكيتهم للأرض التي تم النزول إليها في منطقة المعازيف.. حيث شكا المواطنون من ظلم المشايخ وذكروا بعض منهم- تحتفظ الصحيفة بأسمائهم- بأنهم سطوا على أراضيهم بقوة السلاح وطردوهم وتاجروا بهذه القطع الأرضية لناس آخرين ليسوا من أبناء "بئر أحمد".. وحسب قولهم؛ حراس بوابة أحد المعسكر الكائن في المنطقة ساند المشايخ بإطلاق الرصاص لترهيبهم.

مناشدة البسطاء

يفيد أهالي المنطقة انهم شكّلوا لجنة وأوكلوها بمتابعة قضيتهم واسترجاع حقوقهم, وقالوا " إن هذه اللجنة لم تصلهم إلى أي نتائج ومارست أسلوب التلاعب والتماطل ولم يحصلوا على حقوقهم إلى الآن.

وناشد أبناء منطقه "بئر احمد" بمحافظه عدن السلطات المحلية بالمحافظة والمنظمات الحقوقية بإنصافهم مما تم من نصب وبسط على أراضيهم ومساحاتهم التي تم صرف عقود لهم من سابق من قبل شيوخ المنطقة والبعض من قبل السلطة..

وما تعرضوا له من ابتزاز وبسط على أراضيهم بقوه السلاح من قبل مشائخ المنطقة والاستعانة بأهاليهم.. حيث سكان المنطقة هم من البسطاء لا يملكون السلاح وتم البسط والنهب عليهم مع تقاعس الجهات المعنية, علماً بان الأرضية الواحدة تصرف لأكثر من شخص بعدة عقود من قبل شيخ واحد..

البطالة شكواهم

يقول أحد الشباب هناك: نحن أبناء منطقة بئر أحمد نعاني من البطالة أنا عندي أربعة أطفال وأُعاني من توفير المتطلبات الأساسية فقط التي تسد رمق الحياة, نبحث عن أي عمل ولا نجد.. أعمل على باب الله ولولا التراحم بين الجيران لأصبحنا في وضع لا يحسد عليه، وعددنا الشباب العاطلون عن العمل غير محدود، أنا أعمل أحياناً في البناء وأحياناً بلا عمل، ولا توجد معنا أي إمكانيات متوفرة لعمل مشروع صغير نريد دعماً لكي نعمل"..

فقر ومخدرات

يستدرك هذا الشاب الحديث " أغلب أبناء المنطقة يعانون الفقر المدقع وخاصة نحن الشباب لا نجد فرص عمل, لذلك تجد انه في الآونة الأخيرة انتشرت حبوب المخدرات بشكل غير متوقع وخاصة هنا في محافظة عدن وخصّ بالذكر هذه المنطقة لأنها بعيدة عن أجهزة الأمن.. لكن لو اردنا معرفة السبب وراء توسع هذه الظاهرة بشكل كبير, هو عدم وجود فرص عمل, لذا يلجأون لممارسة هذه العادات نظراً لنقص التوعية..

ويذكر قصة أحد أصدقائه الذي لم يمر على عرسه سوى يوماً واحداً فقط لينطلق في أرجاء المدينة يبحث عن عمل صباح اليوم الثاني من العرس ليترك شريكة الحياة في عريشته المسطوحة بالزنج وأشجار السيسبان وقال: " هذا نموذج مما يعانيه شباب هذه المنطقة".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد