عندما تحضر البندقية يغيب العقل وتتصدر المشاريع الضيقة على المصلحة الوطنية

نُذر حرب تخيم في العاصمة

2014-08-30 13:11:57 ملف خاص/ وليد عبد الواسع

باتت الأجواء المخيمة في اليمن تنذر بتفجر الوضع وتوجهه نحو منعطف خطير مؤشراته تبرز مع تصاعد المواجهة بين الجيش والمسلحين الحوثيين, خصوصاً بعد فشل اللجنة الرئاسية المكلفة بالتفاوض مع زعيم الحوثيين في الوصول إلى اتفاق نهائي.

وهو ما يخشاه مراقبون من انفجار الوضع عسكرياً داخل العاصمة صنعاء في أية لحظة بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين الذين يواصلون منذ أكثر من أسبوع تطويقهم واعتصاماتهم المسلحة داخل صنعاء ومحيطها بحُجَّة المطالبة بإقالة الحكومة والتراجع عن قرار رفع الدعم عن المحروقات.


يرى كثيرون أن تهديد جماعة الحوثي باحتلال صنعاء سيمثل انتحاراً عسكرياً وسياسياً، وأن تنفيذها لهذا التهديد قد يكون الورقة الأخيرة.

مراقبون يُرجعون الأحداث المتسارعة في البلد إلى سباق التنافس والصراع في المنطقة بين قوى إقليمية ودولية تسعى لإعادة تشكيل خريطة القوة والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط.

يؤكد رئيس اتحاد علماء ودعاة المحافظات الجنوبية (أحمد بن حسن المعلم) أن المرحلة الحالية التي يمر بها البلد- تتطلب تكاتف الجميع واصطفافهم من أجل مصلحة الدين واليمن والشعب وتأجيل كل الخلافات وإزالة عوامل التفرق والشتات والتناحر الذي أوصل البلد إلى ما وصلت إليه. كما حذَّر من الخطر الحوثي داعياً إلى الاصطفاف لمواجهته, والتوحُّد ضد هذا الخطر الذي يحاصر العاصمة صنعاء تمهيداً لإسقاطها, فإذا سقطت العاصمة فقد سقطت البلد كلها.

ويشير محللون إلى نصيب واسع للبُعد الإقليمي في تحرُّك الحوثيين نحو العاصمة صنعاء، أبرز الاعبين فيه إيران الداعم لحركة الحوثي سعياً منها من خلالهم إلى تعويض فقدانها حلفاء إقليميين في العراق وسوريا.

خيارات مُرَّة

في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى أن اليمن أمام حلين أحلاهما مُر، فإذا لم ينفجر الوضع عسكريا فسيكون هناك مؤتمر عام لكل المكونات ينتج عنه إشراك الحوثيين في الحكومة, تأتي المطالبات بنزع سلاح المليشيات المسلحة, في إشارة إلى جماعة الحوثي, كشرط للحديث عن إشراك الجماعة في الحكومة, وقبل البدء بذلك. بيد أن هناك من يرى في الشعب بأنه من قد يحقق المفاجأة ويقلب الموازين.

في حين يعتبر الكاتب والباحث في شؤون قضية صعدة (غائب حوّاس) تصعيد الحوثيين للوضع في العاصمة صنعاء بأنه يهدف إلى الزج بالمسلحين في قلب العاصمة وإبقاء خيار المواجهة العسكرية مفتوحاً.

يقول حواس: إن الحديث عن تنفيذ مُخرجات الحوار الوطني في هذه المرحلة أصبح اليوم أمرا غير منطقي في ظل واقع التصعيد الذي تجاوزها بكثير وأصبح خطره يهدد وجود الدولة والعاصمة والوطن بأكمله. مؤكداً بأن تصاعد هذا الوضع في العاصمة صنعاء لم يكن قفزةً تجريبية من قبل الحوثيين- حد قوله- وإنما هو نتيجة حتمية لمقدمات سابقة كان آخرها سيطرة مسلحي الحوثي على مدينة عمران ونهب معسكراتها ومرافق الدولة وتهجير السكان.

توقعات المفاجأة

أمام كل الاحتمالات المتوقعة لإفرازات التصعيد الحوثي وإخفاق كل الخيارات لرأب التصدع, يرى محللون في تأزم الأوضاع وتصدُّعها سياسياً, إلى جانب تدهور الوضع الاقتصادي للبلد وما خلَّفته الجُرعة السعرية, جراء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية, على حياة المواطن, عوامل لحدوث انتفاضة شعبية قد تقلب الموازين بثورة عارمة, ملامحها- في نظر مراقبين حاضرة في المشهد من خلال المسيرات المعلنة دعماً للاصطفاف الوطني.

يتوقع الاكاديمي السعودي الدكتور/ أحمد بن راشد بن سعيّد(أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود في الرياض) أنه ربما قد تحدث مفاجأة ويقلب شعب اليمن الطاولة على من أسماهم "اللصوص".

وقال- في تغريده له علي صفحته بموقع التواصل تويتر-: " قد تفاجئنا اليمن ويقلب شعبها الطاولة على اللصوص. آه يا صنعاء! يا مهد العرب. يا أم التاريخ! مازلنا نردد الحديث: الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية!"

غير أن سياسيين يُبدون مخاوفهم من انعكاسات مثل هذه الثورة التي حتماً ستشجع أصحاب "أجندات" خفية متضررين من عملية التغيير التي أحدثتها ثورة فبراير الشبابية السلمية 2011م, باستغلال معاناة الناس, كما هو واضح, لتحقيق مآرب شخصية وفئوية ضيقة؛ الأمر الذي يُنذر ــ وفقاً لمراقبين ــ بتداعيات خطيرة, قد تنزلق معها الأوضاع إلى فوضى عارمة تُدخل البلد في أتون حرب أهلية غير محمودة العواقب.

لاعبون ركيكون

في ظل هذه التجاذبات والوضع المرشح للانفجار بدا موقف اللاعبين الإقليميين والدوليين من رُعاة التسوية السياسية هزيلاً للغاية في منظور متابعين أبدوا انتقاداتهم من هذا الموقف الذي وصفوه بـ"الضعيف".

يتساءل الكاتب الخليجي/ عبدالعزيز السويد: الحوثي هل يبتلع صنعاء؟ منتقداً بيانَ الدول العشر الراعية للعملية السياسية في اليمن الذي بدا ضعيفاً في مواجهة تهديدات جماعة الحوثي الطائفية- حد تعبيره. يقول السويد: اكتفى البيان بالشجب والتحذير من دون ذكر لإجراءات واضحة رادعة. صحف يمنية وصفت البيان بـ"القوي" ، لكن أهم ما جاء فيها لا يشير إلى مثل هذه القوة، ومنه هذه العبارة: «ولهذا فنحن ندعوكم لاحترام القانون وحفظ النظام، ولن تُقبَل أية أفعال تهدف إلى التحريض أو إثارة الاضطرابات والعنف، وسيتم إدانتها بشدة من المجتمع الدولي» انتهى، ومن الدلائل على ضعفه عدم اهتمام الجماعة الطائفية به، واستمرارها في الزحف إلى صنعاء تحت ستار المظاهرات السلمية.

موضحاً أن جماعة الحوثي استغلت تذمُّر الشعب اليمني من رفع الدعم عن الوقود، لتركب الموجة وتطوق صنعاء غير عابئة بتحذيرات الدول العشر ولا بيانات سابقة لمجلس الأمن، وهي تريد فرض الأمر الواقع وانتهاز فرصة ذهبية وسط تشرذم القوى اليمنية الأخرى وصراعاتها.

وأضاف- في مقالة نشرتها صحيفة الحياة اللندنية-:" في الجانب الآخر تبدو الحكومة اليمنية في وضع أضعف, تهادن وتحاور، حيث أرسلت الحكومة وفداً رئاسياً رفيع المستوى للاجتماع مع زعيم الجماعة الطائفية المسلحة، والجماعة جرَّبت الحكومة وصلابة موقفها واستعدادها عند اكتساح محافظة عمران واحتلالها، مع الاستيلاء على أسلحة الجيش في مشهد يُذكِّر بما حدث في موصل العراق، حينما استولت «داعش» على أسلحة أميركية حديثة".

منوهاً إلى أن المخاطر على العاصمة باتت مُحدِقة, فيما الموقف الدولي غير آبه بهذا الخطر. يقول السويد:" وإلى حين يصدر مجلس الأمن قراراً بتصنيف جماعة الحوثي حركة إرهابية، ويضع سبعة من قادتها على قائمة الإرهاب العالمي - كما توقع مندوب اليمن في الأمم المتحدة - إلى ذلك الحين يكون الحوثي قد استولى على صنعاء وفرض واقعاً جديداً".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد