إسقاط الدولة وتنصيب الحوثي زعيماً على المنطقة

المشروع الإيراني في اليمن..

2014-09-11 12:00:51 أخبار اليوم/ محمد علي المقري

تقف البلاد اليوم على مفترق طرق جراء التصعيد الخطير لجماعة الحوثي بتعكير الأجواء وقطع الطرقات في العاصمة صنعاء, واستهداف المؤسسات والمقار الحكومية, وأمام هذا المنحنى الخطير، تلوح في الأفق بوادر شرٍ أتى بها الحوثي لإدخال الوطن في نفق مظلم، لا يستطيع الخروج منه، إلا إذا تم قطع رأس دابر الفتنة، والانتصار للجمهورية في ذكراها العظيمة.

في سبتمبر 1962م قامت الثورة السبتمبرية المجيدة ضد الحكم الإمامي البغيض وضد الظلم الكهنوتي المستبد، واليوم وفي سبتمبر2014م تحاول القوى الإمامية بقيادة عبد الملك الحوثي إعادة العجلة إلى الوراء متحديةً؛ للقضاء على ثورة سبتمبر وفي سبتمبر!!، فيا ترى هل سينجح الحوثي وينتصر، أم أن شعبنا الحر سيقضي على مشروعه ويدحره كما دحر أسياده الأئمة الطغاة؟!

طهران تقايض الرياض

كل الدلائل تؤكد على أن ما يحدث في صنعاء هو ثورة إيرانية غير قابلة للنفي والتكذيب، فالإيرانيون صرَّحوا بأنفسهم وشددوا على ضرورة احترام السلطة في اليمن لما يقوم به الحوثيون وقالوا إنه يجب على صنعاء عدم اعتراض مسيرة الحوثي وجماعته!.

المتأمل والمتابع للوضع في المنطقة يجد أن طهران تسعى لتعويض خسارتها في دمشق عن طريق بسط نفوذها على صنعاء، فهي- أي إيران- بدأت تشعر بسقوط دمشق الذي يعد هزيمة لها وبالتالي فإن ما يجري في صنعاء هو مقايضة من طهران للرياض.

وهذه المقايضة مفادها أتركوا لنا دمشق نترك لكم صنعاء، لذلك وبنظرة تحليلية فإن إقدام الحوثي على محاصرة صنعاء ودخوله إليها بمليشياته المسلحة ليس وليد اللحظة وإنما هو مخطط يعد له منذُ فترة ولم تكن الجرعة إلا فرصة ذهبية أستغلها الحوثي شر استغلال لتنفيذ مخططه الإيراني الخبيث للوصول إلى صنعاء والانقضاض على السلطة.

الحوثي بدل الأسد

من وقت مبكر سعت المخابرات الإيرانية إلى إعداد عبد الملك الحوثي ليكون بديلاً محتملاً لبشار الأسد في حالة سقوطه، تهيئ إيران الحوثي ليكون زعيماً شيعياً قوياً له نفوذه ليس في اليمن فقط وإنما في المنطقة بأكملها وما ظهور الحوثي القوي في خطاباته إلا دليلاً على وقوف خامنئي وطهران من خلفه لكي يصل إلى الحكم ويبدأ في تنفيذ سياسة إيران في المنطقة.

فشل هادي يخدم الحوثي

من العوامل التي خدمت الحوثي كثيراً وساعدته إلى أن يصل إلى ما وصل إليه الآن فشل الرئيس هادي وعدم تعامله بصرامة كرئيس دولة وهناك عامل مهم جداً وهو معاملة هادي للحوثي كزميل له يرأس دولة، ولم يعامله كمتمرد ورئيس عصابة، فقد قدم هادي للحوثي خدمات كثيرة بقصد وبدون قصد ومن هذه الخدمات نذكر على سبيل المثال لا الحصر:ـ

ـ فشل هادي وعدم قدرته على بسط نفوذ الدولة على الرغم من حصوله على تأييد ودعم محلي وإقليمي ودولي منقطع النظير.

ـ تساهله وظهوره كالذليل أمام الحوثي، يقدم له التنازلات تلو التنازلات، تنازل له عن دماج ومن ثم عن حاشد ومن ثم عن عمران، إلى أن عرف الحوثي سر ضعف هادي، فمدّ "مُزقره" باتجاه العاصمة تطبيقاً للمثل الشعبي القائل" من طعم الحالي مدّ مُزقره" فالحوثي طعم حلاوة هادي التي يرسل بها إليه مع لجان الوساطات.

ـ قتل الحوثيون اللواء القشيبي فقابل هادي ذلك بكل برود وكأنهم يقتلون دجاجة, ممَّا أدى إلى تمادي الحوثي أكثر وأكثر.

ـ ترك هادي للحوثي ثغرات وفجوات تمكَّن من خلالها الحوثي من التسلل إلى قلب العاصمة.

ـ عدم قدرة هادي على إرضاء مداميك الدولة اليمنية القوية وفشله في إيجاد الأمن والاستقرار على مستوى الوطن.

ـ وجود عدد كبير من العملاء والخونة في رأس سلطة الدولة يعملون كمخبرين وجواسيس للحوثي بما في ذلك جهاز الأمن القومي الذي يعج بالكثير من المخبرين للحوثي.

*دعم إيران للحوثي والحراك

قبل فترة قصيرة نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً أشارت فيه إلى أن طهران تبحث لها عن منفذ بحري يكون بديلاً لمضيق هرمز وهذا المنفذ لن يكون إلا باب المندب.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران وفي سبيل الوصول إلى ذلك أنشأت الحركة الحوثية لتكون بوابة لها للسيطرة على باب المندب وعلى الخليج العربي، يقول حسيني خافجي- قائد بالبحرية الإيرانية-" نحن نسعى إلى تحويل خط ملاحتنا إلى باب المندب، وحتى يمكننا ذلك، سنبذل كل ما بوسعنا إلى إيجاد يداً لنا في هذا المنفذ الحيوي الهام".

وتقول الصحيفة في تقريرها: هناك تقارير ووثائق مؤكدة تثبت تورط إيران في دعم الحركة الحوثية دعماً عسكرياً ومالياً ولوجستياً وكذلك إيران متورطة في دعم الحراك الجنوبي المسلح، ولها ارتباطاتها الوثيقة مع علي سالم البيض الرئيس اليمني السابق المطالب بانفصال الجنوب.

لقد أتضح جلياً ولم يعد خفياً على أحد التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون اليمني، ولكن الشيء المعيب هو صمت السلطة اليمنية تجاه ذلك، وعدم تحرك الخارجية والدبلوماسية اليمنية لوقف هذه التدخلات الفارسية ووضع حداً لها.

الوضع في صنعاء

تتطور الأوضاع وتتصاعد خطورتها يوماً بعد يوم في العاصمة صنعاء، نتيجة للتصعيد الذي تتخذه الجماعة الحوثية التي على ما يبدو أنها تسير وفق خطة معدة لها بالاتجاه بالأوضاع نحو العنف والدخول مع الدولة في صراع مسلح لا يحمد عقباه، وبنظرة ثاقبة لمجريات وتحركات الحوثيين داخل الأمانة فإنه يتضح أن الهدف الرئيسي للجماعة الحوثية هي السيطرة على المؤسسات والوزارات الحكومية وإسقاط الحكومة بأيديهم ومن ثم التحرك نحو الستين لإسقاط الدولة وتنصيب عبد الملك الحوثي إماماً على اليمن، فتحركات الحوثيون خطيرة جداً فهم يريدون إنهاء ثورتهم الإيرانية وبأسرع وقت ممكن فالتأخير ليس بصالحهم، بحسب توجيهات إيران.

إسقاط الدولة

اليوم ينادي الحوثيون بإسقاط الحكومة وغداً وبعد أن يتمكنوا من إسقاطها سينادون بإسقاط الدولة وسيطالبون برحيل هادي، والخوف كل الخوف أن يسلم هادي صنعاء للحوثي مثلما سلم له عمران وبكل سهولة وكم ستدفع إيران ثمن ذلك، إن كان هادي سيفعلها فإن الثمن بكل تأكيد سيكون باهضاً من كل الجوانب..

أموال إيران تغرق صنعاء

تتدفق الأموال الإيرانية وبغزارة هذه الأيام على العاصمة صنعاء، لإنجاح ثورة خامني فيها، يقوم الحوثي بشراء رؤوس القبائل بملايين الريالات، ويتحرك أبو علي الحاكم وبكثافة متنقلاً بين القبائل المحيطة بالعاصمة لشراء ذممهم مقابل إعلان ولائهم للسيد وضامناً لمساندتهم له في الانقلاب على الجمهورية وإعادة الملكية.

أيضاً يتنقل الحوثيون بين كبار قيادات الجيش والأمن وإغرائهم بالمال واعداً لهم بتعينهم في مناصب عليا في حال نجاح انقلابهم وسيطرتهم على الدولة فهل يا ترى سينجح المال الإيراني في إسقاط الجمهورية في اليمن، وهنا لابد أن نشير إلى نقطة هامة وهي أن كل الفاسدين المحسوبين على النظام السابق من الذين فقدوا مصالحهم نجدهم اليوم في الصف الأول من المساندين للحوثي ومن المقاتلين معه وفي مقدمتهم قيادات عليا في المؤتمر الشعبي العام.

من المستفيد؟

يعتبر الرئيس السابق صالح المستفيد الأول مما يجري الآن في صنعاء، فهو مسرور جداً وواضعاً رجل على رجل كونه يرى البلد ينهار، ويرى الشعب يتجه نحو تحقيق ما قاله "سيتقاتل الشعب من بعيد من طاقة إلى طاقة" يشعر صالح بنشوة النصر وهو يشارك مع الحوثي في إطار الانقلاب على الثورة وتعطيل البلاد

أين الأمن القومي؟

يتخابر الحوثيون مع إيران بكل سهولة ويسر ويتواصلون ويجتمعون وفي صنعاء ويعدون خطط إسقاط صنعاء، والشيء المحير هو أين هو دور الأمن القومي تجاه ذلك، بكل تأكيد يعتبر دخول الحوثيون إلى صنعاء فشلاً ذريعاً للأمن القومي الذي كان من واجبه إفشال اقتحام الحوثيون للعاصمة صنعاء، لكن على ما يبدو أن هذا الجهاز أصبح تابعاً للحوثي ويرفع التقارير السرية الخاصة بأمن الدولة إليه بدلاً من رفعه إلى رأس قيادة الدولة!.

فهذا الجهاز بدلاً ما يقوم بمراقبة اتصالات وتخابر الحوثيون مع إيران وتهديدهم للأمن القومي للبلاد يقوم للأسف الشديد بمراقبة اتصالات الصحفيين وينشغل بمتابعتهم، وهذا هو السر في تمكن الحوثيون من بسط نفوذهم وإقامتهم لدولة داخل الدولة وهاهم اليوم يسعون لإسقاط الدولة وإعلان دولتهم الحوثية وعلى الرئيس هادي أن يسارع اليوم قبل غد إلى تطهير هذا الجهاز من العملاء والمخبرين للحوثي، قبل أن تسقط صنعاء، وقبل أن يوقع الفأس في الرأس.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد