عدن .. عبث وإهمال يُغلق جمعية المعاقين

2014-12-18 13:56:25 تقرير/ فهمان الطيار

حينما تمر بجمعية (رعاية وتأهيل المعاقين حركياً) بمديرية المنصورة بـ"عدن" تضعك الأقدار في لحظة تفكير صادقة يقشعر لها البدن وتتساقط على خدَّيك دموع الأسى والحزن حين ترى مأساة هؤلاء المعاقين وهم يتنقلون في أوساط تتهاوى مبانيها, التي تكاد تكون في مثواها الأخير, وسط أجواء بيئية متردية تملؤها أكوام القمامة ومخلَّفات الخراب والتدمير الذي تعرَّضت له الجمعية عقب إيقاف موازنتها مؤخراً ..."أخبار اليوم" كانت لها وقفة عند هذا المرفق لتتلمَّس أوضاعه وأوجاعه المأساوية. 


لنبدأ تقريرنا بهمسات من رئيس الجمعية (نصر السقاف)في حديثه لـ"أخبار اليوم" والذي استهل حديثه بالقول: "لا تزال الجمعية مغلقة وللعام الثالث على التوالي بسبب إيقاف ميزانيتها من قِبل صندوق رعاية المعاقين الذي تعمَّد إيقاف موازنتها بحجَّة إدعائه بِعُهَد معلَّقة منذ عام (2007) رغم أن تلك العُهَد قد تم إخلاؤها مسبقاً بالإضافة الى أننا عملنا على إخلائها مرة أخرى عندما ادَّعى الصندوق تعليقها".

وتابع السقاف قائلاً:" ورغم هذا فالجمعية لاتزال تتلقَّى وعوداً من قِبل الصندوق منذ إيقافها في عام (2010) وحتى اللحظة لم يتم صرف ميزانيتها مع تجاهلهم لبلاغاتنا ورسائلنا الموجهة إليهم, بالإضافة إلى الوقفات الاحتجاجية التي تنفذها الجمعية بالتعاون مع المجتمع المحلي كان آخرها التي نُفِّذت أمام مبنى المحافظة للمطالبة بإعادة موازنة الجمعية ومعالجة أوضاعها".

وأضاف :" كانت موازنة الجمعية عندما تولَّيت رئاستها في عام (2003) حوالى ثلاثمائة ألف ريال وفي عَهدي كرئيسٍ للجمعية استطعتُ وبفضل الله أن أرفعها حتى وصلت في عام (2010) إلى ثلاثة ملايين ريال"..

وأختتم السقاف حديثة بدعوةٍ موجَّهة إلى الحكومة والجهات المعنية بأن على" الحكومة والجهات المعنية ممثلة برئيس الجمهورية ومحافظ محافظة عدن وكذا السلطات المحلية والهيئات والمنضمات النظر إلى قضيتهم والبت فيها واتخاذ أقرب الحلول الممكنة لإعادة موازنة الجمعية.

كان السرور

لم يكن الحديث كافياً ولم تكن الصورة مكتملة فاتجهنا بحديثنا إلى من يلامس المعاناة ويستنشق هواء المرارة، وهو أحد المعاقين، الذي تراصفت كلماته في شكوى يقول فيها: "الجمعية عملت على تقديم عدد من الشكاوى والبلاغات بسبب إيقاف ميزانيتها منذ ثلاث سنوات، لكن وللأسف لم تحصل الجمعية على أي استجابة سواءً من قبل صندوق الرعاية أو من قِبل المجتمع المحلي، فكما ترون الحالة المأساوية التي نعيشها نحن في ظل إهمال هذا الصرح، الذي لطالما احتضننا وكان السرور يملؤنا كل وقت وحين، ويتابع حديثه متحسراً: "بسبب الفاسدين الجمعية اضطرت لإيقاف عملها لعدم قدرتها على مواصلة واستمرار العمل في تدريس وتأهيل المعاقين حركياً وحسبنا الله ونعم الوكيل".

وسائل نقل متهالكة

أثناء زيارتنا الميدانية للجمعية وجدنا هناك "باصين وتاكسي" متهالكة يلتهمها الصدأ في ساحة الجمعية ليقول لنا أحد المعاقين إن تلك الوسائل كانت تُستخدَم لنقل المعاقين من منازلهم الى الجمعية والعكس عندما كانت الجمعية مستمرة في عملها وبعد أن تعمَّد صندوق رعاية المعاقين إيقاف ميزانية الجمعية للعام الثالث على التوالي أصبحت تلك الوسائل قاعدة لم تجد من يوفر لها الوقود.

وأضاف:" إن هناك من المواطنين محبي الخير من يقوم بدفع مبلغ من ماله لتحريك تلك الوسائل التي تنقل المعاقين من وإلى الجمعية ولكن ما ينفقه المواطنون لا يوفِّر الدعم الكامل لعمل الجمعية واستمرارها".

أجواء بيئية متردية

الزائر للجمعية يفاجئ بدهشة لما يراه من أكوام القمامة المتراكمة على قاعات وساحة الجمعية وتراكُم كثيف للقطع الحديدية والعُلب الفارغة والقش والحشائش اليابسة التي قتلها الجفاف الذي تعرَّضت له منذ ثلاثة أعوام.

وتظهر الجمعية بمنظر مؤذٍ يعكس صورة سلبية للجمعية ويبيِّن واقعها المعيشي والحضاري معاً, كما أن الزائر للجمعية يستطيع تحديد مدى اهتمام الجمعية بطلابها المعاقين من خلال ما يشاهده من اهتمام الجمعية ببيئتها الخارجية واهتمامها بموظفيها.

 الجدير بالذكر أن أجواء الجمعية وممراتها وواقعها البيئي لا يظهرها كموقعٍ للرعاية والتأهيل بل هي في أوضاع تجلب الأمراض والأوبئة التي تزيد العاقين ألماً.

بين الماضي والحاضر

أُنشِئ صندوق رعاية وتأهيل المعاقين حركياً بصدور القانون رقم 2 لعام 2002 وجاء ليكفل للمعاقين حقوقهم ويضمن لهم العيش في حياه كريمة يتمتعون فيها بكل وسائل العيش كما يعمل الصندوق على توفير كافة مستلزمات الرعاية والتأهيل بما في ذلك توفير العربات ومستلزمات التدريس والتأهيل وكذا توفير وسائل نقل المعاقين؛ ولكن في الآونة الأخيرة تحوَّل عمل الصندوق ليغرق المعاقين في واقع مرير حين تعمَّد إيقاف الموازنة العامة للجمعية بحُجَّة عدم تصفية العُهَد السابقة.. يقول أحد المعاقين: " إن الحكومة تعتمد مخصصات مالية سنوياً للصندوق في الميزانية العامة للدولة ويأتي ذلك من خلال التبرعات والمساعدات المقدمة من الهيئات الوطنية المحلية والأجنبية. 

موقف المجتمع المحلي

حسب ما تلقيناه من بعض المواطنين أن المجتمع المحلي أعلن تضامنه إلى جانب رئس الجمعية لاستعادة نضام الجمعية السابق الذي كانت عليه قبل ثلاث سنوات إلا أن تضامنهم لم يشفع للجمعية لكي تنعم بأوضاعها السابقة حيث أن الجمعية كانت بمثابة الأم الحنون تحتفي بأولادها وتحتضنهم وتعمل على تأهيلهم وتدريبهم على ممارسة الأعمال المناسبة.

يقول أحد المعاقين في حديثه: " إن الجمعية عملت على تقديم عدد من الشكاوى إلى الجهات المعنية ولكن الجهات تجاهلت ذلك ولم تلتف إلى أوضاعنا ولم يفكروا في أوضاعنا المهملة في هذه الجمعية.

وأضاف:" إن إيقاف الجمعية ليس فقط بسبب تعمُّد صندوق الرعاية إيقاف ميزانيتها بل إن للأوضاع السياسية والأمنية المتردية في البلاد أثراً كبيراً في إيقاف عمل الجمعية والتي تسببت في تسهيل انتشار الفساد بين الأوساط المجتمعية وهو ما دفع صندوق الرعاية إلى تعمُّد إيقاف ميزانية الجمعية نظراً لعدم وجود الرقابة من قبل الجهات المعنية في المحافظة".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد