امتلأت بهم أسواق القات والأسماك والحِرف الأخرى

عدن.. طلاب نحو المجهول

2015-01-30 12:42:08 تقرير/نسيم الواصلي


تعتبر ظاهرة تسرُّب الطلاب من المدارس من أخطر الظواهر على الصعيد التعليمي والتربوي ولظاهرة التسرُّب من المدارس أسبابها الاقتصادية والاجتماعية والأسرية وربما تكون الإدارات المدرسية والمعلمون سبباً في ترك الطالب للمعلم والمدرسة، وظاهرة التسرب الطلابي وفيرة وخصبة في مناطق الأرياف حيث الأمية المنتشرة وسط الأُسَر وعدم أهمية العلم, بالإضافة إلى أن الطالب يكون هاجسه أن يذهب إلى الجندية أو العمل الزراعي والسمكي وغيرها..

لكن انتشار هذه الظاهرة في مدارس عدن رغم الحضرية والتمدن والاهتمام بالعلم في السابق يجعل المهتمين والمراقبين للشأن التعليمي في حالة اندهاش, وظاهرة تسرب الطلاب من عدن ليست وليدة اليوم لكن جذورها تمتد إلى التسعينيات بدليل أن غالبية الشباب العدني من ذلك الجيل تجدهم في أسواق القات والسمك وفي حِرف أخرى وتدل دلالة قاطعة على أن هؤلاء الشباب تسربوا من المدارس وأصبح الواقع الذي يعيشونه هو مستقبلهم..

وللخوض في هذا المضمار على صعيد واقع التعليم في عدن وظهور ظاهرة التسرُّب له أسبابه الكثيرة والتي يعدُّ الجانب الأسري والمدرسي هما أبرز أسباب ذلك؛ فالأسرة العدنية أصبحت غير قادرة على تحمُّل أعباء ونفقات التدريس لأولادهم بسبب ارتفاع الغلاء وكثرة النفقات وعدم وجود مصادر دخل لهذه الأسر غير دخل الوظيفة أو الحرفة الذي يحترفها ربُّ الأسرة كما أن انتشار المحسوبية والوساطة والرشوة في مجال التوظيف قد جعل الشباب يقنطون ويصيبهم اليأس من الحصول على وظيفة بعد التخرج وهذا الجانب هو الذي ساعد على انتشار ظاهرة التسرب على الصعيد الأسري، تفاصيل أكثر في التقرير التالي:

واقع مؤلم

ليست هي اليمن ومدارس عدن خاصة من تعاني من هذه الظاهرة، فجميع البلدان قد أصيبت بها ولكنها سرعان ما تجد أنها بدأت في علاجها، ولكن ما شدَّ بالي أنها انتشرت بشكل كبير في عموم مدارس محافظة عدن وقد وصلت إلى كافة المراحل وبصور متفاوتة حتى أنها انتشرت إلى أوساط الطالبات.

فالكثير يتساءلون عن دور التربية في هذا الأمر الذي ذاع صيته دون أي كابح من أي جهة مسؤولة وقائمة بذلك, فمدارس محافظة عدن بجميع مراحلها الأساسية والثانوية أصبحت في الحضيض لبروز وانتشار هذه الظاهرة الخطيرة حتى أن الطالب ومع استمراره على هذا المنوال غير قادر على أن يكون ذا ثقافة أو ممَّن لديهم الخبرة الكاملة في المجال التعليمي ؛ لأن حياته التعليمية قُضيت في التسرب دون أي انتباه أو إدراك أن المستقبل ينتظره يوماً ما, ففي الصحيح أن التربية والإدارات المدرسية هي الأخرى عجزت عن إيقاف مثل هذه الظواهر وكأن الأمر لا يعني أحداً من العاملين في الحقل التربوي ، وهذا ما جعل الطلاب يلجؤون إلى امتهان الأعمال, و منهم من لجأ إلى أسواق القات وآخرون إلى أعمال البناء وهكذا تستمر حياتهم مع هذا الواقع المؤلم الذي لحق بهم.

غائبون

هناك الكثيرون ممَّن يتحدث عن هذه المشكلة أو الظاهرة ولكنهم غائبون وغير قادرين على علاجها واستئصالها من جذورها , لأن ذلك يتطلب عملاً جاداً ومن ثم القضاء على أسبابها التي دفعت بهذا الطالب لأن يكون رخيصاً لدرجة هروبه وخروجه إلى المجهول, فهنا لابد أن يكون هناك اهتمام من قبل المدرسة والأسرة وأيضاً أن يتَّجه القائمون على العملية التعليمية إلى الاهتمام بالمبنى المدرسى بالصورة المتكاملة ومتابعة الطالب خصوصاً في نواحيه النفسية والفسيولوجية.

ولا ينسَ الإداريون والمعلمون أن يكون للطالب شيء قليل في الجانب الترويحي في الحرم المدرسي حتى يرغب في الاستمرار في التعليم وعدم التسرُّب والهروب إلى خارج السرب ليكون في الأخير ضحية غيره، وأيضاً من ضمن هذه الأمور أن تكون للأسرة المراقبة الكاملة على ولدها وأن تعمل على إرشاده وتذكيره بالخطورة التي قد يواجهها هذا الطالب عند تسربه من الدراسة والعمل في أشياء لا يكون مؤهلاً لها فتكون الفاجعة فاجعتين.

ففي هذا الجانب يتوجَّب على الأسرة وكل الأقارب أن يعززوا المعنويات والتوضيح والمردود الإيجابي على الطالب في المستقبل في حال استمر في الدراسة والتعليم ، وأن تقوم الأسرة بدورها المتتالي للمتابعة سواء في المنزل أو خارجه، وأن تخلو المشاكل المتعلقة بها وإبعادها عن الطالب حتى لا يتأثر بها ويكون هو الآخر من يسبق الحدث ويجلب المشاكل ويقلبها رأسا عن عقب.

الرفقة الفاسدة

في هذا العصر الذي يعيشه هؤلاء الشباب تجد أن هناك لديهم رفقاء وهم ليس برفقاء سليمين ولكن ما نراه ونسمعه عنهم أنهم خارجون عن القانون وكوننا في منطق مجتمعة شلة وفي التسمية لها أنها الشلة الفاسدة التي هوي هذا الطالب طريقهم وأصبح جزاء منهم سواء في الحالي أو المر وينفذ كل الأوامر حتى أن العزوف وهذا التسرب هو الفهم الخاطئ لهؤلاء الرفقة المدمرة للكيان.

فبعد أن يرتقي الطالب إلى المراحل الثانوية تلاحظ حينها أن السلوكيات قد اختلفت فيهم وكأنه أتى من مجتمع أخر ليس مجتمعنا، ففي مدارس عدن تلاحظ العجب العجاب في السير وراء أشياء قد تودي مع الأيام بهؤلاء الطلاب إلى مخاطر سيئة لا خروج منها وسبب ذلك الرفقة الفاسدة والانطلاق نحو المجهول الذي , إن استمر فيه هذا الشباب سيكون يوماً من الضائعين والنادمين على ما فات ولكن لا ينفع الندم بعد الوقع في الجريمة.

ولكن وعلى كل حال فإن مثل هذه المشاكل هي مشاكل اجتماعية في جوهرها قبل أن تكون تدور حول فرد من الأفراد وهذا يتطلب من كلا الجانبين المدرسي والاجتماعي العمل معاً لتحقيق الهدف والنجاح حتى يستطيع الطالب الارتقاء في علمه ويكون قدوة لغيرة وهذا عندما يكون هناك رادع من قِبل هذي الجانبين المدرسي والاجتماعي.

استهزاء

أوضح العديد من المهتمين بالحقل التربوي أن هذه الظاهرة قد تسببت في عرقلة سير العملية التعليمية الصحيحة وخصوصا أن هناك ممَّن لا يرغبون في الدراسة وأسموهم بالطلاب المشاغبين نتيجة لافتعالهم العديد من المشاكل في قاعة الفصل، حيث أن هؤلاء الطلاب وعند ولوجهم في الطريق الخاطئ والمسايرة مع رفقة السوء التي أصبحت هي من توثرعلى هؤلاء الشباب إنهما يقومان إما بطرق مضحكة أو تشويشيه وخصوصاً عندما يكون المدرس ذا انسجام في شرح الدرس.

ووصل الأمر إلى الاستهزاء بالمدرس وهذا الذي جعل الطالب يقوي شوكته ويرمي بها على المعلمين دون أن تقوم الإدارة المدرسية بمعاقبة هذا الطالب ومن سار على نهجه ولكن دون جدوى, المعلم يتعرض للإهانة سواء في الفصل أو خارجه وعند رفعه شكوى إلى الإدارة المدرسية لا تقوم بواجبها بحيث يُمنع هذا الطالب من الدخول مرة أخرى إلا بعد إحضار ولي أمره ليكون هناك التزام أسري، ولكن من العجيب أن الإدارات المدرسية لا تقوم حتى بإبلاغ ولي أمر الطالب وذلك خوفاً من تصاعد المشاكل التي قد يرتكبها لاحقاً.

منتظرون الحل

بعد أن تم استعراض هذا التقرير فإننا منتظرون للحل من قبل المعنيين في محافظة عدن رغم أن تم التدشين بأن هذا العام هو عام التعليم؛ فالآباء والمهتمون بهذا الجانب منتظرون للحل وخصوصا في محافظ المحافظة الأكاديمي عبد العزيز بن حبتور, فهو رجل بمعنى الكلمة ولديه الهمة في تحسين الوضع التعليمي والخروج بالطلاب إلى مستقبل مشرق، فنحن منتظرون لهذا الرجل والقيام بواجبه كونه أحد أبناء عدن ومن الأكاديميين الذين يتفهمون الواقع ويعملون على معالجته بالطرق العقلانية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد