عبدالوارث النجري
غداً تطل علينا ذكرى عظيمة في قلوب وأفئدة كافة أبناء الوطن في الداخل والخارج، الشيوخ والشباب، والرجال والنساء، إنه اليوم الأجمل والأصفى في سماء الأرض اليمنية، يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م يوم لم الشمل واقتلاع براميل التشطير إلى غير رجعة يوم استتباب الأمن في مختلف محافظات الجمهورية، يوم الحرية والديمقراطية وحرية الصحافة والتعبير والانتماء الحزبي والتعددية السياسية، يوم ال"22"من مايو تاريخي في حياة شعبنا اليمني يوم التنمية والنهضة العمرانية وتحقيق المنجزات التنموية العملاقة في شتى مناحي الحياة يوم ال"22" يوم تحول فيه حلم الآباء والأجداد إلى حقيقة ملموسة عانقت فيه صنعاء عدن وأضاءت فيه قمم شمسان وعيبان فرحة وابتهاجاً، لذا وخلال السنوات الماضية من عمر الوحدة المباركة تجسدت فيها روح الإخاء والمحبة والسلام، وأصبحت الوحدة الوطنية سلوك وحياة وممارسة كل أبناء الوطن، وكذا خيرات ومنجزات تحققت في كل ربوع المحافظات وبعد مرور ثمانية عشر عاماً من عمر هذا المنجز الوطني التاريخي على مستوى العالم باعتباره من الأحداث الهامة أصبح الوعي أبناء الوطن بمختلف شرائعهم وتوجهاتهم السياسية والثقافية والعلمية، حيث أصبحوا أكثر من ذي قبل على إجماع بأن الوحدة الوطنية بعد ال"22" من مايو 90م صارت مثلها مثل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر لا تراجع عنها، بل أقوى من ذلك فلولا الانقسام لما حكمنا الاستعمار البغيض والحكم الإمامي الكهنوتي، لذا فالوحدة اليوم من أهم الثوابت الوطنية التي لا جدال حولها ولا تراجع عنها مهما كانت المشاكل والمصاعب والمعوقات ومهما استهدفتها المخططات التآمرية والعدوانية والطامعة في ثروات وخيرات بلادنا، ومهما حاك ضدها الأعداء المؤامرات، ولا شك أن أبناء الوطن اليوم أكثر من ذي قبل على إجماع بأن نحيا ونعيش متوحدين ومدافعين عن الوحدة أو نموت أشرف لنا من الفرقة والانقسام، فمهما اختلف الساسة وقادة الأحزاب ومهما اختلفت الرؤى والأفكار، ومهما اختلفت السلوكيات والممارسات من هذا أو ذاك ومهما ومهما. . إلخ، فإن ذلك كله لا علاقة له بالوحدة الوطنية ويندرج في إطار الحرية والتعددية التي تعتبر من خيرات الوحدة، في مثل هذا اليوم من العام الماضي وأثناء احتفالنا بفعاليات العيد الوطني السابع عشر ومن ساحة العروض في مدينة إب اللواء الأخضر أعلن فخامة رئيس الجمهورية إيقاف العمليات العسكرية التي كانت قوات الجيش والأمن نتتبع عناصر التمرد والفتنة في بعض مديريات محافظة صعدة، ودعا حينها فخامة الأخ الرئيس عناصر التمرد لتسليم أسلحتها والنزول من الجبال ليمارسوا حياتهم الطبيعية مثلهم مثل بقية المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، وكانت هذه المبادرة الطيبة من قبل فخامة الأخ الرئيس تقديراً واحتراماً لذلك الحدث الوطني ال"22" من مايو، ولكن ماذا كان الرد من قبل عناصر الفتنة والتمرد على دعوة الرئيس لا شيء سوى المماطلة والتعهدات الخطية الكاذبة والالتزامات والوعود المخادعة مع استمرار عملياتهم العسكرية بين الحين والآخر ضد أفراد الجيش والأمن المرابطين في تلك المديريات وخلال عام كامل والهدوء الحذر النسبي يسيطر على مديريات صعدة تتخلله الكثير من الخروقات والعمليات العسكرية للعناصر المتمردة بقيادة المدعو عبدالملك الحوثي وهات يا وساطات، وهات يا لجان، وهات يا تعهدات ووعود كاذبة والتي كان آخرها اتفاقية الدوحة أو "هبرة - الإرياني" برعاية الوساطة القطرية، التي لم تحترمها عناصر التمرد ولم تعمل بصدق على تنفيذ بنودها، بل جعلت من تلك الوساطات واللجان وتلك الاتفاقية وسيلة لإعادة ترتيب الصفوف والتموين العسكري بالعدة والعتاد وإعادة الانتشار واستقبال المزيد من الدعم الخارجي المادي والمعنوي لمواصلة أعمالهم الإجرامية من قتل وتقطع على معظم مديريات صعدة ضد المواطنين الأبرياء الآمنين في ديارهم ضد جنود قوات الجيش والأمن والتوسع بذلك الفكر الاثنا عشري إلى محافظات أخرى، ولعل ما حدث في الأيام القليلة الماضية في بني حشيش والجوف وحرف سفيان خير دليل على ذلك، حتى يدرك الآخرون الذين لا زالوا يحاولون الدفاع عن تلك العناصر المتمردة رغم مرور أربع سنوات على عملياتهم الإجرامية وتمردهم عن الدولة وتحديهم للنظام والقانون والدستور، لكننا اليوم وبعد حادثة جامع بن سلمان في صعدة و التي قالت بعض عناصر أحزاب المشترك أن الدولة اتهمت عناصر الحوثي قبل الشروع في التحقيق مع أن من تم إلقاء القبض عليهم عقب الحادثة اعترفوا أنهم من عناصر المدعو عبدالملك الحوثي، فبعد هذه الحادثة وبمناسبة احتفالات بلادنا بالعيد الوطني الثامن عشر نحن ومعنا كافة أبناء الشعب نقول للشقيقة قطر شكراً للجهود والمساعي التي بذلتموها بنية طيبة وصادقة بشأن التمرد الحوثي في صعدة خاصة بعد أن خذلكم عبدالملك الحوثي واتباعه من خلال مراوغتهم بعدم تنفيذ بنود الاتفاقية، لكننا بعد حادثة جامع بن سلمان وبعد الفرص التي أتيحت لهذه العناصر المخربة الإجرامية عسى أن تعود إلى جادة الصواب لم يعد أمامنا سوى الحسم العسكري كونه الدواء الشافي لذلك الفكر الإثنا عشري الخبيث واتباعه ومن يقف ورائه من خارج الحدود، ونحن على ثقة كبيرة بأن قواتنا المسلحة والأمن التي عهدناها دوماً حماة الوطن والثورة والجمهورية وصمام أمان الوحدة الوطنية المباركة، على ثقة بأن أولئك الجنود المرابطين هناك قادرون على القضاء على تلك العناصر المتمردة في أقصر فترة زمنية ممكنة، وكذا القضاء على تلك الفتنة من جذورها إلى غير رجعة، كما أننا وبهذه المناسبة الغالية ندعو قيادات أحزاب المعارضة "المعارضة لكل شيء سلبي أو إيجابي" ندعوها اليوم لتحديد موقفها الغامض منذ قرابة أربع سنوات من حرب صعدة، لتعلن موقفها بكل وضوح إما مع الدولة ضد المتمردين والقضاء على الفتنة أو مع عناصر التمرد تجاه الدولة، خاصة بعد أن كشفت سلوكياتها الخاطئة في انتخابات المحافظين التي تمت بشفافية وحيادية تامة، فلو أنها شاركت أو أعلنت مقاطعتها لعدم قدرتها على المنافسة لكان أفضل لها من تلك المبررات الواهية، وبمناسبة انتخاب المحافظين والتعديل الوزاري الأخير على حكومة مجور نأمل من قيادتنا السياسية الحكيمة بسرعة إحالة كل الفاسدين والمخالفين وناهبي أموال الدولة باسم المشاريع الوهمية والمتعثرة وتحت مسمى التكاليف والمخالفات الفنية أثناء التنفيذ وباسم بدل الإشراف وغيرها من المسميات، نأمل سرعة إحالتهم جميعاً إلى القضاء لينالوا جزائهم العادل خاصة بعد أن تم كشفهم من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، حتى لا يفقد عامة الناس الأمل والأمل فيكم في تحسين الأحوال المعيشية واستمرار عملية البناء والتنمية، فالتعديلات الوزارية جميلة والحديث عن إحالة بعض الوزراء السابقين إلى القضاء أمل وكم هو جميل عندما نرى وزير أو محافظ وقد تم تغييره من منصبه وصار يمارس نشاطه ويعيش بقية حياته بصورة طبيعية معتمداً على معاش التقاعد، فمجلس الشورى لن يستوعب الجميع وإذا زاد عدد الطباخين فسد المرق، وعاشت الثورة والجمهورية والوحدة وعاش وطن ال22" من مايو حراً قوياً موحداً وفي تطور وازدهار.