كروان عبد الهادي الشرجبي
"الحاضرة الغائبة"
إن المجتمع الحديث يمر بمتغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية حيث نلاحظ تراجع دور الأم في الأسرة خصوصاً إذا كانت المرأة عاملة وعلى الرغم من أننا لا نشك في مصداقيتها في المحاولة للتوفيق.
إذا ما عملنا مقارنة بين صورتين للواقع حديثاً وقديماً نجد أن الأم حالياً بشكل عام إما أنها تنازلت عن مهام كانت من صميم أدوارها أو تنحت عن دورها طواعية.
وفي كل الأحوال ليس عدلاً أن نلقي بالملامة على الأجيال الحديثة من حيث توتر علاقتها مع الوالدين.. فالثغرة التي سببها غياب الأم عن البيت تركت تأثيراً سلبياً في سلوكيات الجيل ونفسيته وإدراكه فيجب ألا نقف منه موقف المنتقد بل موقف المتعاطف مع وضعه الناتج عن سلبية دور الأم الموظفة المتنصلة من مسؤولياتها دون عذر.
إن هناك آثاراً تربوية نتيجة غياب الأم عن أسرتها، أهم تلك الآثار هي فقدان الأطفال الانتماء الحقيقي للأم والتي خلفت وراءها بديلاً متجسداً بشخص "الخادمة"، نعم إذا أصبحت أغلب الأسر الآن تعتمد على الخادمة التي تعمل على إعلاء السد بين الأم وأبنائها، إضافة إلى تشرب الأبناء القيم والمبادئ التي قد لا تتوافق مع معتقدات الأبوين.
إن التغيب الطويل الغير مبرر خارج ساعات الوظيفة يجعلها تهمل بيتها وتنهك في متابعة اهتمامات أخرى بعيدة عن اهتماماتها الأسرية فهي لا تمنح أبناءها الأولوية في قائمة اهتماماتها لأنها أصلاً لا تعرف كيف تتعاطى مع غريزة الأمومة التي وضعتها جانباً بعد أن جعلت من نفسها محور الكون عكس ما تفعله الأمهات الأخريات اللواتي يهمشن أنفسهن في سبيل سعادة فلذات أكبادهن.
أساليب وحيل:
بالكلمة الحلوة الرقيقة أو بالنظرة المتوسلة التي تطوي مزيجاً من حب ورجاء وابتزاز عاطفي أو بالضغط والإلحاح أو بالتهديد والوعيد والإكراه أو بالتحايل والمراوغة أو بالحكمة والمسايرة.
هذه الأساليب التي قد تستخدمها المرأة لتجعل زوجها يستجيب لطلباتها وينزل عند رغباتها، لكن السؤال هل يستجيب الأزواج حباً أم خضوعاً أم على قاعدة شراء راحة البال أم يرفضون رفضاً قطعياً لا رجعة عنه؟!!.
طبعاً من غير المعقول ومن غير الطبيعي أيضاً أن يوافق الزوج دائماً على طلبات زوجته فإذا كانت الطلبات معقولة ومقبولة وتمت تلبيتها فهذا يؤكد على الانسجام في الحياة الزوجية أما حين تتجاوز الطلبات الحدود المعقولة والمقبولة أو تتخطى إمكانيات الزوج فربما يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية لأن الزوج في محاولته إرضاء زوجته ربما يقوم بأمور بعيدة عن قناعاته فيتولد عنده شعور بالإحباط كما يشعر بأن لديه عنفاً داخلياً تجاه زوجته، وقد لا يعبر عنه بوضوح ولكنه يظل ينشط في داخله إلى أن يتضاءل حبه في داخله.
يمكن لأسلوب المرأة في الطلب أن يحقق المعجزات، فالمرأة هي المخلوق الوحيد الذي يكمن قوته في ضعفه لأن الضعف مرتبط بالأنوثة والأنوثة هي الأقوى تأثيراً في الرجل من أي شيء آخر، فإذا امتلكت المرأة الأنوثة والذكاء تستطيع توجيه هاتين الصفتين لتحقيق أهداف معينة من دون أن يؤدي ذلك إلى توليد الإحباط والعنف الداخلي في زوجها.
علماً أن المرأة التي تتفاخر بأنها تستطيع أن تحصل من زوجها على أي شيء من دون أن تستعمل حكمتها تنسى أنها قد تدفعه أحياناً إلى أن يفعل ما هو ضد رغبته.
ونجاح المرأة يعتمد على درجة فهمها لطبيعتها أولاً وطبيعة زوجها ثانياً وفي النهاية لابد من القول أن العلاقة الزوجية السرية والانسجام المتبادل في المشاعر أهم بكثير من تحقيق الطلبات التي ربما تؤثر سلباً في الود بين الزوجين والهدوء والاستقرار في حياتهما.