د. فضل بن عبدالله مراد *
لقد بين الله ذلك في كتابه في مواضع متعددة وسأذكر أهم ذلك بما يعطي امدادات ربانية لكل من اتبع ذلك.
1- الثبات: قال تعالى "إذا لقيتم فئة فاثبتوا"
إنه عنصر هام، وعامل مركزي للنصر لماذا بدأ الله به؟ لماذا قدمه الله على بقية العوامل؟ لأن من لا يثبت لا تنفع معه التعاليم ولا الأوامر ولا التوجيهات من أحد، إنه خوان أثيم وجبان رعديد إذاً فلا داعي للتعب معه إذاً فليلزم الثبات ومتى لُزِم الثبات جاءت التوجيهات الربانية المساعدة.
قد يكون بينك وبين النصر ثبات دقائق فلا تعجل أو تلاحقك الوساوس والأوهام.
لأن الشيطان يأتي في موطن الثبات بالتخويف والتهويل "إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه"
إن أي جبن أو هلع أو تراجع هو من الهواجس الشيطانية والأفعال المزرية التي تعيبها الأخلاق والهمم العالية قبل الشرائع السماوية.
2- ذكر الله "واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون"
أيها المؤمنون: ان الانتصارات لا يمكن أن تتحقق مع الترددات والتخوفات والهواجس والقلق.
ان الانتصارات لا يضيعها سوى رجال في قلوبهم ذكر الله وعظمته وجلاله، أناس لا تفوتهم الصلوات ولا تلههم بوارق النعيم لأهل الدنيا.
وكل من اتصل به ثبت، وكل من ارتبط بمنهجه نجا، وكل من تخلص من كل علائق الخلق فجعل ناصيته بيد الله انتصر.
وكل من ذكره في سره وعلانيته كان له ولياً ومن والاه الله فيا ويل من يحاربه أو يؤذيه لأنه سيحارب الله ومن كان كذلك هلك حتماً.
3- العامل الثالث عدم التنازع "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"
إن النزاع في الميدان خاصة وفي خط النار أخص نزاع قاتل تهلك معه الجماعة والفرد وتذهب الدولة وهيبتها وسلطانها.
إنه مؤد إلى الفشل الذريع حتى لو كان القائد هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن هذه التوجيهات هي له ولجماعته أولاً ومن اتبعه إلى يوم الدين ثانياً.
ماذا يصنع القائد الفذ مع قيادات وسطى أو دنيا أو أفراد مشتتين، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى.
لذلك فالحذر الحذر من التنازع لأنه سلاح تدميري واسع التدمير بمجرد نزع الصاعق لقنبلة الخلاف العملاقة تتناثر الأشلاء ويهلك الحرث والنسل.
أيها الأخوة: إن من يرعى الخلاف والنزاع يقتل نفسه أولاً بمسدس ذاته وأطماعه فمن لم يمثل مع مشي الجماعة فليرجع إلى البيت خير لهم وله.
4- (واصبروا إن الله مع الصابرين)
هذا أحد أهم العوامل التدميرية ضد العدو إنه الصبر إنه الترسانة الثقيلة المسلحة إنه سلاح بعيد المدى قوي الفاعليه.
لماذا؟ لأن لا ثبات إلا بالصبر ولا ذكر الله إلا بالصبر ولا حفاظ على الجماعة من الفرقة إلا بالصبر إذاً فالصبر في المعركة كالماء للحياة. ولهذا كان الصابرون معهم الله ومن كان معه الله اكتفى.
5- عدم البطر والرياء والفخر "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورياء الناس"
لأن هذه الأمراض تشوش على بث الرادارات اللاقطة لتحركات العدو.
إنها تعمي البصر عن الأخطاء، عن المتابعة، عن الهدف عن كوارث كان يمكن اجتنابها.
وبالبطر والرياء والفخر تحصل الهزائم وتندحر جيوش الغرور إنه يعمي عن الحيطة والحذر، وإنه يشوش على التخطيط الدقيق والإعداد والجاهزية إنه داء الغرور.
وإلى لقاء قادم مع فقه الميدان. .
* أستاذ مقاصد الشريعة وأصول الفقه وقواعده بجامعة الإيمان