عبدالله منصور الرصين
كشفت بعض الدراسات العلمية التي أجريت على جهاز التلفيزيون وما يقدمه من قيم الأمية البصرية ويعزون سبب حدوث التأثير إلى أسباب عديدة منها، شاشته الجذابة والساخرة، ولغته المميزة، وصوره المرئية المتلاحقة، وأصواته المتقطعة، وألوانه المبهرة، فأصبح التليفزيون وسيلة إعلام مهمة وخطيرة في الوقت نفسه، بحكم أنه يتحكم في الأساليب التي يستجيب لها العقل وأحدث ألوانه وأصواته تشوهاً في أداء المخ لوظيفته الإدراكية.
وخطورة تأثير قيم برامج التليفزيون كوسيلة اتصال جماهيري واسعة الانتشار، تتمثل في أن عقول الشباب والأطفال تظل مشدودة باستمرار، وفي حالة من التيقظ والتنبه أمام الشاشة، ومع تكرار الوميض والضجيج يتكيف المخ للاستجابة مع الأضواء والألوان، الأمر الذي يؤثر في المدى البعيد على التركيز وتوجيه العقل والسيطرة عليه، وفي نهاية المطاف يكون لدينا جيل أقل قدرة على التركيز والاستيعاب وتحليل المعلومات.
إن طرح قضية تعزيز القيم في وسائل الاتصال لا تهدف للإساءة إلى وسائل الاتصال الحديثة والمتطورة بل تنبه كل من القائمين عليها والمعلمين والآباء الأمهات إلى الهوة التي تزداد عمقاً بين الأطفال بسببها لاسيما تلاميذ المدارس، لأن الأساليب التي يفكر بها التلاميذ الآن لم تعد مصوبة تجاه المدرسة.
إنها الأمية البصرية ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتأمل والنقاش والبحث قبل أن تصبح عقول أجيالنا في خطر فعلاً.
لقد استورد العرب أحدث وسائط الاتصال وتقنيات المعلومات المتطورة، بل أفرط البعض شراهة في استيرادها، ونصبت الصحون الهوائية اللاقطة للبث الفضائي المباشر فوق سطوح المنازل في القرى العربية النائية، وكادت بعد حدوث تنافس عدد للأشجار المغروسة في هذه الأراضي الجدباء، واستوردوا هذه التقنيات المظهرية من دون الاهتمام بمضامين خطاب التقدم، والتغيير لصالح تطوير قدرات شعوبهم وتوظيف هذه التقنيات المتقدمة لصالح فكرة متقدم توازن مع تغيرات العصر، ويعبر عن مساهمة الإنسان العربي في بناء حاضره ومستقبله.
وظل الخطاب الإعلامي العربي يكرر نفسه، في ذات الإنسان السلطوية الرأسية التي تعمل على تغييب المواطن، ومصادرة حقوقه في صناعة القرار، الأمر الذي دفع المواطن لأن يولي وجهه نحو قنوات بث أجنبية، لكنها تقدم له المنحة البصرية خلال ساعات الليل لتجعله يغط في نوم عميق في ازدهار، لاسيما أن الفئات العمرية التي تدمن على الاتصال البصري معظمها من الشباب العربي المعمول عليه في التجديد والتغيير، وحمل رسالة