كتب/ علي منصور مقراط
بتفاؤل مصحوب بالتوجس والحذر استقبل المواطنون في أمانة العاصمة وعموم محافظات البلد ال"20" محافظيهم الجدد الذين جاءوا هذه المرة وبصورة غير مسبوقة عن طريق صندوق الاقتراع بالانتخابات الديمقراطية الحرة من أعضاء الهيئات الناخبة للمحليات في أول تجربة من نوعها لانتخابات المحافظين شهدتها البلاد يوم 17 مايو الحالي.
اللافت أن المحافظين الجدد الذين بدؤوا مباشرة أعمالهم في محافظاتهم من يوم السبت وكذا آخرهم يوم الأحد من مطلع الأسبوع الجاري بعد أداءهم اليمين الدستوري أمام فخامة الرئيس كانوا أكثر حماساً وتحفزاً وأجروا دورة التسليم والاستلام من أسلافهم واثقين الخطوات وبمعنويات عالية يستقركها المراقبون من صورهم على شاشات الفضائيات إضافة إلى تصريحات الكثير منهم عن أجندة العمل وأولويات خطواتهم. . لكن لا يعني أن الحماس والفرحة عمت كل المحافظين أو السواد الأعظم من أبناء المحافظات من المسؤولين فيها إلى المواطنين العاديين فلكل واحد حساباته ونكهاته ومحاذيره من القادم المجهول.
الأرجح أنني كصحفي متابع باهتمام تراجيديا المشهد الانتخابي المفاجئ للمحافظين ومن واقع معرفتي بالعديد من المحافظين الحاليين استطيع أن أزكي النجاح لبعضهم، وأقول تلك الأسماء التي عرفتها عن قرب وما تمتلكه من خبرات وإمكانيات ومؤهلات تضمن تفوقهم على كرسي المسؤولية، ويعفيني الأعزاء الذين لم أعرفهم. . وهنا يبدو لي مؤشر النجاح الذي سيكتب لمحافظ المحويت اللواء/ أحمد علي محسن الذي عرفته لسنوات محافظاً ل"أبين" ووالذي أخرجها من مأساة دمار حرب 94م إلى الاستقرار والسيطرة حيث عرف الرجل بقوة الشخصية والشجاعة والإخلاص، ويكفي أن أبناء المحويت أجمعوا على بقاءه وتمسكوا فيه رغم أنه لم يعد طامحاً للمنصب الذي فرض عليه حب ووفاء جماهير المحويت وكل قياداتها التي عرفت مكانة الرجل الذي أحبهم فأحبوه.
أما المهندس فريد مجور محافظ حجة فإنه من القيادات المجربة وأكبر خبرة للإدارة السياسية ويعد من العيار الثقيل لرجالات الدولة الذي يتكئ على رصيد حافل من الإنجازات، وأمثال فريد سيقودون حكومات باقتدار وراحة بال ولا داعي لمزيد من التفاصيل. .
وهنا يقف في صف المحافظين الراهنين محافظ لحج الأستاذ/ محسن علي النقيب صاحب العطاء السخي والشعبية الطاغية وهو ليس بجديد على المناصب التي صارت تبحث عنه وتلاحقه منذ عقود، وتدرج في العديد منها ومع أنه يواجه تحديات وتراكمات في لحج، إلا أنه بسعة صدره وخبرته ومرنته سيتجاوزها بإذن الله.
ونصل إلى محافظ البيضاء الشيخ/ محمد ناصر العامري الذي يفتخر بفوزه بثقة الهيئة الناخبة وقبلها من رجالات المحافظة، وفاز باكتساح كمستقل، ويبرز نجاح العامري لتجربته الطويلة في الإدارة التي أدارها من مدير عام إلى وكيل ورئيس المؤتمر للمحافظة، والراجح أن التفاف مشائخ وواجهات البيضاء حوله ستمكنه من المضي قدماً إلى إخراج المحافظة من المشكلات المتراكمة ومنها الثأر والأمن وتحريك المشاريع وفتح خطوط الاستثمار.
ويأتي الحديث عن محافظ أبين م. أحمد الميسري الذي قد يطول قليلاً عن نظراءه المذكورين كون الكاتب قريب منه ومن المحافظة نفسها التي ينظر السواد الأعظم من أبناءها إلى المحافظ الجديد أحمد الميسري القادم من مسرح السياسة إلى عالم السلطة التنفيذية المباشرة والإدارة بحماس منقطع النظير وبماضي ناصع البياض لم تلوثه حسابات وانتقامات ماضي الصراعات السيئة.
الحاصل أن محافظ أيبن م. أحمد الميسري الذي دخل مكتبه صباح يوم الأحد 25/ مايو 2008م بديوان محافظة أبين قد عرف بنزاهته وزهده عن المال ونظرته الوطنية التي لا تؤثر عليها المناطقية والعنصرية، وقد أعلن أنه ينظر بعين واحدة لأبناء المحافظة وإضافة إلى أن اجتماعه اليوم التالي بمسؤولي المحافظة قد تحدث فيه بلغة المرحلة الجديدة، وقال: إنه سيسير على الصراط المستقيم ويدعوا إلى ذلك أمام من يخالف إلى اليمين أو اليسار فإنه إلى نار جهنم، م. أحمد الميسري الذي توعد حيتان الفساد والمتاجرين بالوظائف والسماسرة وأبدى استعداده للمحاسبة والتغيير ومواجهة عناصر الفساد ومن يحتمون بهم، أمامه كم هائل من المشكلات والتحديات الكبرى في محافظة هامة وقوية ولم تعد رقماً سهلاً في التجارب والسياسة والزعامات. .
الراجح أن المحافظ الميسري الذي يسجل الرقم الخامس عشر لعدد المحافظين الذين توالوا على منصب محافظ أبين منذ الاستقلال 67م وهم جعبل الشعوي، وأحمد عرب، والجنيدي، ومحمد حسين أمذروي، وصالح باقيس، ومحمد علي أحمد، ومحمد القيرحي، ومحمد علي باشماخ، ويحيى الراعي، والشهيد علي شيخ عمر، وأحمد علي محسن، وحسين السعدي، وفريد مجور، ومحمد شملان، وحتى أحمد الميسري، لكن الأخير سيصطدم اليوم بتراكمات ومراكز قوى وفاسدين وتراجع أمني وفراق سلطوي يحتاج منه إلى قوة وعزم وصبر ومرونة وقوة قرار وإلى رجال خيرين للنصح والمشورة.
وقبل الختام فإنني أحيي المنافس على منصب محافظ أبين العميد/ محمد صالح هدران الذي أدهش المتابعين وهو يطرح بصوت عال بعد إعلان النتيجة بالمباركة للأخ/ أحمد الميسري والتأكيد بالعمل معه، ويدعو الجميع إلى الالتفاف حوله لخدمة المحافظة، أضف إلى ذلك أن اصطحابه بسماحة وشهامة السياسي العاقل لاستضافته في منزله نفس يوم الانتخاب ورد الضيافة بالمثل رئيس المؤتمر محمد الدهبلي اليوم التالي وهو يستضيف الجميع، والأرجح أن الشيخ/ محمد هدران عضو اللجنة الدائمة المؤسس للمؤتمر م/ أبين قد وجه رسالة ديمقراطية واضحة وشفافة سامية المعاني في تجسيد السلوك الحضاري، والديمقراطي وليتعلم كل المنافسين من دهاء وعزيمة وقوة إرادة هذا القائد السياسي والمناضل الوحدوي القدير الذي عصرته التجارب وتعفر جسده بقيم هذا الوطن، واستطاع أن يفرض على الجميع احترامه، بل والاعتزاز بمواقفه وقوة تأثيره، وهو بذلك استحق التحية وللحديث بقية ودمتم،،،.