عبدالوارث النجري
باعتبار أن عملية انتخاب المحافظين التي أجريت مؤخراً كانت الهيئة الناخبة فيها محدودة ولم تكن عملية الاقتراع مباشرة من قبل المواطنين، تعتبر الانتخابات النيابية التي ستجرى العام القادم هي الاستحقاق الديمقراطي الثامن الذي تشهده البلاد في ظل مناخ ديمقراطي ومنافسات قوية بين كافة الأحزاب والقوى السياسية المتواجدة على الساحة، وخلال ال"31" شهراً التي تفصل بين انتخابات سبتمبر 2006م وأبريل 2009م تشهد الساحة السياسية في بلادنا حراكاً غير عادي شاركت وتشارك فيه كل أطراف المنظومة السياسية والمدنية المتواجدة في البلاد، وخاصة تكتل اللقاء المشترك والحزب الحاكم، ربما هناك من يقول أن الأجواء الانتخابية والديمقراطية التي سترافق هذا الاستحقاق الديمقراطي القادم ستكون أكبر سخونة من سابقاتها، في ظل الظروف والمتغيرات الراهنة محلياً وإقليمياً ودولياً، وهو ما بدأت تؤكد عليه بعض النخب السياسية والوسائل الإعلامية المختلفة خاصة بعد الدعوة التي أطلقها مؤخراً الحزب الحاكم إلى أحزاب المعارضة وفي مقدمتها تكتل اللقاء المشترك للعودة إلى طاولة الحوار والتي بدأت بالفعل قيادات المشترك تدرسها بدقة وتأني، لكن المتابع للمتغيرات وما يجري داخل الملعب السياسي في بلادنا منذ إعادة تحقيق الوحدة الوطنية واختيار النهج الديمقراطي كوسيلة للتداول السلمي للسلطة يلاحظ أن الحكمة اليمانية تتدخل في اللحظات الأخيرة لتسيير أي استحقاق ديمقراطي في أجواء ديمقراطية شفافة ونزيهة في معظم المراكز والدوائر الانتخابية، وإن حدثت بعض الخروقات والمناوشات هنا أو هناك إلا أنها لا تساوي شيئاً أمام نجاح أي عملية ديمقراطية في بلد من بلدان العالم الثالث، وهذا ما يدفع العديد من المنظمات الدولية إلى الإشادة بسير العملية الديمقراطية بصفة عامة، الجميع بانتظار الرد من قبل قيادة أحزاب اللقاء المشترك على دعوة الحزب الحاكم الذي استغل كلمة فخامة رئيس الجمهورية بمناسبة احتفالات بلادنا بالعيد الوطني الثامن عشر كي يعيد الكرة إلى مرمى المعارضة مرة أخرى، لكن ما هي الأسس والمعايير التي على ضوءها سيكون رد أحزاب المشترك تجاه الدعوة الأخيرة التي أطلقها الحزب الحاكم؟، خاصة وأن الحوار كان ولا يزال مطلب الجميع أو بالأصح النخب السياسية المعروفة بعقلانيتها وحكمتها سواء في المعارضة أو الحزب الحاكم، ويعد الحوار والجلوس على الطاولة رأي ومطلب جماهيري كونه مرتبط بأمن واستقرار ومستقبل وطن الجميع وليس فئة أو حزب معين، قد يكن الحزب الحاكم قد أعلن هذه الدعوة مضطراً خاصة في ظل الأوضاع الداخلية الراهنة وخاصة استمرار ارتفاع وغلاء الأسعار وتفشي وتجذر الفساد المالي والإداري في معظم المرافق الحكومية، وهذان العنصران أهم ما يعانيه ويواجهه المواطن العادي في مختلف محافظات الجمهورية بشكل يومي، هذا إلى جانب ضرورة مشاركة كافة الفعاليات السياسية والحزبية في هذا الاستحقاق الديمقراطي الهام حتى لا يتقص شرعيته في تقارير المنظمات المدنية الديمقراطية الأجنبية والدول المانحة والداعمة للحراك الديمقراطي في بلادنا، وهذا ما يجب أن تستوعبه أحزاب اللقاء المشترك وعلى ضوئه تستطيع محاورة الحزب الحاكم، أما في حال حاولت أحزاب المعارضة المضي في سياستها الحالية والتي يتم قراءتها عبر صحفها وإعلامها الرسمي و المحسوب عليها سواء من خلال تبني ما حدث مؤخراً من أعمال تخريب وشغب في بعض مديريات المحافظات الجنوبية وما تخطط وترسم له معارضة الخارج باسم القضية الجنوبية أو حراك الجنوب ومطالب العاطلين والمنقطعين وغيرها، أو ما يدور في مديريات محافظة صعدة من أعمال تخريبية وتمرد وعصيان وترويج لفكر اثنا عشري دخيل على بلادنا، فإنها -أي أحزاب اللقاء المشترك- إذ أوضعت هذين العنصرين على طاولة الحوار ستفقد تلك الأحزاب بلا شك الكثير مما تطمح إليه وستهدم جزءاً كبيراً مما بنته خلال الأشهر الماضية والعامين الماضيين من عمل تنظيمي في الميدان، خاصة وأن التفكير بأن قرار مقاطعة لا يجدي خاصة بعد انتخاب المحافظين، رغم أن التجربة سابقة في عام 97م عندما قاطع الحزب الاشتراكي الانتخابات النيابية وشارك كبار عناصره فيها باسم مستقلين.
وعند الحوار يجب أن نكون أكثر واقعية، لا أكثر شطحاً ومزايدة فعندما نتحدث بعدم المزايدة والتثبت مما يحدث في بعض مديريات المحافظات الجنوبية ليس من باب الإجحاف بحق إخواننا في تلك المديريات والمحافظات، خاصة وأن تلك المطالب والقضايا سواء الأراضي أو المتقاعدين العسكريين أو البطالة سبق وأن تجرعنا مرارتها ونزال منذ عدة سنوات، لذا فهي مطالب جماعية لكافة مديريات ومحافظات الجمهورية، لكن أن تثار تلك المطالب ويتم تبنيها بصفة مناطقية وترفع أثناء المطالبة بشعارات انفصالية ومناطقية، فهذا أمر مرفوض وتدخل سافر على أهم مرتكزات الثوابت الوطنية وهي الوحدة، وكذلك فيما يخص ملف صعدة،. . إذاً وحتى لا نذهب بعيداً فالحوار المطلوب اليوم سيتركز حول من سيدير العملية والاستحقاق الديمقراطي وهي اللجنة العليا للانتخابات وكيفية اختيار أعضائها، وهذا ما سنتناوله في العدد القادم،،،