;

من الذي يصنع التضخم.. الإنسان أم الطبيعة؟ 752

2008-06-05 09:12:04

سعيد محمد سالمين

تتعرض الدول الغربية لظاهرة اقتصادية خطيرة وغريبة أطلقوا عليها اسم "التضخم" أي الغلاء بالمفهوم الشائع، تتلخص في صعوبة تصريف المنتجات، وتزايد نسبة البطالة، مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات مذهلة، وهي مظاهر تبدوا متعارضة، لا تتفق مع منطق الأمور، أو مع النظريات الاقتصادية المعروفة.

وقد جاء المفسرون يشرحون أسباب التضخم من زاوية مصالحهم، فكانت أحياناً ضيقة شديدة الضيق، وأحياناً واسعة شديدة الاتساع، فمنهم من فسر ظاهرة التضخم بأن العرب هم المسؤولون عن التضخم بسبب رفعهم لأسعار البترول، وهذا التفسير لا يتفق مع المنطق السليم، فأسعار كثير من المواد الخام والسلع الغذائية تضاعفت قبل أن تتضاعف أسعار النفط، هذا مثال للتفسيرات شديدة الضيق، أما التفسيرات شديدة الاتساع فمن بينها التفسير بأن التضخم بداية أزمة في دورة من الدورات الاقتصادية المعروفة، وأن هذه الدورات لا يستطيع الإنسان تغييرها أو تأجيلها، ذلك أن هذه الدورات تتكرر كل نصف قرن حسب قول البعض، وكل ربع قرن حسب قول آخرين، فما التضخم -في رأيهم-، إلا بداية الأزمة الاقتصادية التي ليس للإنسان فيها حول ولا قوة.

وهذا التفسير للتضخم، تفسير يزيل من أنفسنا كثيراً من الحيرة الناتجة عن تضارب عناصر الظاهرة وتعارضها، فتزايد البطالة، وصعوبة تصريف المنتجات في البلاد الغنية كان من المفروض أن يتبعها "تخفيض للأسعار" وليس ارتفاعها، لولا أن ظهرت أسواق جديدة، وعمالة جديدة في الدول الفقيرة، تفسر لنا هذا الارتفاع.

وعلى هذا فإن ما نقرأه عن التضخم بأنه شركله، وأنه لا يؤدي إلا إلى القلق وفقدان الأمان، وإلى المعاناة والفوضى الاقتصادية، وأنه من فعل أفراد أشرار، أو أنه أزمة مريرة من أزمات الطبيعة، هذا النوع من الكتابة يبعدنا كثيراً عن إدراك حقيقة التضخم.

والحقيقة أن "التضخم سياسة يفرضها الإنسان" كما تفرضها الطبيعة، يفرضها الإنسان لأنها نتيجة تخطيط علمي واعٍ منه، وتفرضها الطبيعة لأن الإنسان لا يمكن إغفال إمكاناتها ونواميسها، ولعل هذا هو التعريف الذي يفسر لنا ما قد يبدو متناقضاً في هذه الظواهر.

وكما تواجه الآن الدول الغنية مشكلة الغضب والرفض والانحلال في طبقتها المتوسطة، ومشكلة تزايد الفجوة بينها وبين الدول الفقيرة، ستواجه الدول الفقيرة في السنوات القليلة القادمة مشكلة تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء فيها، مما يهدد الوحدة الوطنية، بل ويهدد التنمية نفسها.

لهذا فإن من أهم الأهداف التي يجب أن يضعها قادة الدول الفقيرة أمام أعينهم في المرحلة القادمة "مرحلة التضخم" تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وذلك بالعمل الجاد على النهوض بالمتخلفين، وإزالة أسباب التخلف.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد