كروان عبد الهادي الشرجبي
ظاهرة التسول
إن الحديث عن مستقبل بناء الدولة لا يقتصر لدى الاهتمام برعاية شؤون الدولة على كافة الأصعدة وحسب، دون التركيز على الاعتناء بتنشئة الأجيال القادمة من خلال تتبع أساسيات تنشئة هؤلاء بحيث يتوجب دراسة الوضع الاجتماعي العام المحيط بهم وسلبيات العقبات التي تعترضهم، وبالتأكيد كل هذه الأمور ليس من المنطقي أن تلقى مسؤوليتها بالكامل على كاهل مجلس الوزراء، إلا أن الجهات المختصة بها هما وزارتا الشؤون والتربية، بحيث يتوجب عليهما التنسيق فيما بينهما ليتم تبادل المعلومات حول كافة السلبيات والسلوكيات الشاذة التي تصدر من النشء.
بحيث تعمل وزارة التربية كونها الأقرب إلى هذه الفئة على رصد مثل هذه السلوكيات وإعداد كشوفات ودراسات دورية بالحالة الاجتماعية المحيطة بهم، وأن تتولى وزارة الشؤون دراسة الحالة الاجتماعية لأسرهم مع وضع حلول للتمكن من معالجة كافة المسببات التي قد تنتج عنها سلوكيات ستؤثر بالسلب مستقبلاً على استقرار مجتمعنا إذا لم يتم الحد منها، حيث ستساهم الدراسة التي ستعمل على إعدادها وزارة الشؤون إلى تبني أطروحات قد تساعد العائلة في سد الثغرات التي تعاني منها والتي تنتج عنها أجواء غير سليمة أثرت بالتالي سلبياً على سلوكيات أبنائهم مع وضع شروط جزائية لكافة الأسر الغير متعاونة مع مندوبي وزارة الشؤون، بحيث يتوجب على الدولة فرض عقوبات شديدة منها مثلاً التغريم المالي أو المادي بحيث تفرض مخالفة كالتي تفرض على سائقي السيارات، فتكرار المخالفة قد يعرض رب الأسرة لعقوبة معينة متى ما تكررت السلوكيات الغير أخلاقية من قبل أبنائه أو متى ما ساهم في زرع معتقدات غير صحيحة قد تساهم في إنشاء جيل غير صالح.
هذا لأني أو لنقل لأننا في اليمن لا نرغب أن ينشأ جيل لا هدف له ولا يملك طريقة مميزة في تفكيره تؤهله على النهوض مستقبلاً في وطننا وذلك بسبب أن بعض عائلات لدينا غير قادرة وغير مؤهلة على تربية أبنائها، لذا يجب على الدولة أن تتولى هذه المسؤولية لأن هؤلاء الأبناء قبل أن يحملوا ألقاب عائلاتهم فهم يحملون اسم "اليمن".
ولا نرغب في المقابل أن نبقى في صفوف الدول النامية، نتيجة عدم الاعتناء بالمهارات التي يمتلكها أبنائها، لأنه لا توجد دولة ليس فيها مبدعون أو مميزون ولكن هناك أجواء محبطة تقتل الإبداع والتميز.
وهذا ما يحدث لدينا والذي نرغب بالحد منه في المستقبل، فما ينعم به جيل اليوم لابد أن يتضاعف للأجيال القادمة لا أن يقل أو ينقص، بحيث لابد أن يكون جيل الغد مختلفاً بتفكيره وأسلوبه من خلال المنهج التربوي الذي لابد أن نفرضه على أبنائها ومن لا يقبل عليه أن يتحمل العواقب.
إن ما جعلني أتكلم حول هذا الموضوع هي المشاهد المتكررة للمتسولين من فئة الأطفال الذين باتوا يستغلون من قبل ذويهم لاستعطاف المارة لكسب القليل من المال.
إن تسول الأطفال في الشوارع ظاهرة خطيرة وستجعلهم أطفالاً متخلفين عن بقية أقرانهم، لأنهم لم يستطيعوا أن يعيشوا طفولتهم والاستمتاع بها، فتتولد لديهم مشاعر غضب تجاه المجتمع وأقرانهم.
لذا علينا جميعاً أن نعتني بهم من أجل الطفولة وكرامة حقوق الإنسان التي طالما نتغنى بها، فالاهتمام بالأطفال وتوفير حياة كريمة لهم سيجنب المجتمع بأكمله السلبيات جراء السلوكيات التي يكتسبها الأطفال من التسول في الطرقات، وذلك لأنهم يكونون عرضة لتبني سلوكيات خاطئة من المنحرفين الذين يكبرونهم سناً، ومن جانب آخر فهم قد يكونون فريسة سهلة لتجار المخدرات الذين قد يستغلونهم في توزيع السموم.
فالحرص كل الحرص على هؤلاء الذين هم أجيال الغد.