محمد أمين الداهية
يعتبر المجتمع هو المساحة الشاسعة التي تحتضن كل من يعيشون فيه، وخير من يشكل المجتمع هم الافراد، وتتفاوت نسبة التقدم الاجتماعي وبالأخص الاخلاقي في المجتمعات ويرجع ذلك إلى عامل التسمية، فالمجتمعات المتقدمة والتي استطاعت ان تنمو اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً نجد العامل الاخلاقي فيها موجوداً وملموساً، والتعايش وقبول الآخر من السمات الاساسية التي يتميز بها افراد هذه المجتمعات، وما يدعو للعجب هو حالنا ووضعنا الذي يرفض تماماً ان يواكب العصر ويتفاعل مع التقدم والتطور الاجتماعي فرغم ما وصلت إليه بلادنا والحمد لله من نهضة وتقدم اقتصادي وثقافي واجتماعي ووجد المثقفون والسياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون ووجد فعلاً من ترعرع في هذا الوطن ونشأ على ترابه مستفيداً ومستغلاً الانجازات الثورية والوحدوية والتي من خلالها استطاع ان يأخذ مكانه في المجتمع وأصبح ممن يطلق عليهم "متعلمون- مثقفون- متحضرون"، ورغم ذلك وللأسف الشديد هناك البعض ممن يسيؤون التصرف متجاهلين مراكزهم الاجتماعية ومستواهم التعليمي والثقافي، ولا اقصد فئة أو شريحة معينة وما اقصده هو أننا اصبحنا في الالفية الثالثة وعصر تكنولوجيا المعلومات أي أن الأمية والتخلف والجهل لم تعد هذه الاشياء موجودة في مجتمعنا فوسائل الاتصال والاعلام قد اصبحت من اهم المصادر التثقيفية والتوعوية والحمد لله فهذه الوسائل قد وصلت وشملت ارجاء وطننا المعطاء وما يهمنا من هذا كله هو اننا اصبحنا نفتقد التعايش الحقيقي وقبول الآخرين، حتى على مستوى الكلمة الطيبة فنجدها قد حذفت من قاموس الأغلبية في مجتمعنا، ولم يبقى في قاموس هؤلاء إلا "الغرور- الكبر- عدم التعايش"، واصبحت الحاجة او المصلحة هي الطريقة المثلى للتعايش وقبول الآخر، فمثل هذا التعايش سرعان ما ينتهي وتزول الحاجة أو المصلحة اننا في امس الحاجة لتطبيق ما تعلمناه فأخلاقيات البعض وتصرفاتهم مع الآخرين وكأنهم لا يعرفون شيئاً اسمه الاخلاق واحترام الآخرين فإذا كان حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم قد بين لنا ان اساس الدين المعاملة حيث قال عليه الصلاة والسلام"الدين المعاملة" فماذا بعد هذا البيان الذي جاء على لسان اشرف خلق الله اجمعين .. ان المعاملة الحسنة والكلمة الطيبة لا تزيد صاحبها إلا رفعة وسمواً والكلمة الطيبة هي التي تجلب لصاحبها القبول وحب الآخرين، وهي مفتاح القلوب وتليين النفوس فلا اعتقد أن أي انسان كان يقبل ان يرضى ان يعامل باحتقار وعدم احترام، ولكي نحرص على حبنا في قلوب الآخرين يجب علينا ان نحيي في انفسنا وقلوبنا الشعور بالآخرين وقبل ان نسيء اليهم نضع انفسنا في ظروفهم ومواقفهم فلنعمل من اجل التنمية والتقدم فلا يمكن لأي مجتمع ان يتقدم أو يتطور وهو لا يزال يعاني من التخلف والجمود فسوء الاخلاق واحتقار الآخرين لا تدل إلا على القصور والتخلف الفكري، اما الكلمة الطيبة والتعايش الحقيقي هما الدواء المناسب للقضاء على بقايا التخلف الاخلاقي الذي يعاني منه البعض حتى على مستوى فئة المثقفين الذين ربما نسوا قول الشاعر إنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا،ولكن ورغم وجود سيئي الاخلاق والتعامل فهنالك النموذج الرائع والقدوة الحسنة في مجتمعنا وفعلاً مثل هؤلاء يفرضون على الآخرين احترامهم فبأخلاقهم العالية وحبهم وتقديرهم للتعايش يكونون سبباً في رقي المجتمع ونهوضه وتقدمه.