نجلاء عبد ربه - غزة
منذ أن خلقت البشرية علي وجه الأرض والمعروف أن الرجال يخرجون للسعي وراء الرزق والبحت عن الغذاء وتلبية حاجات أسرهم، وبعد يوم طويل مليء بالمتاعب والشقاء ومطاردة الحيوانات. . . يعود إلى بيته ليحوز علي قسط من الراحة لهذا الجسم الذي أنهك من كثرت المتاعب فيجد زوجته في استقباله وتسعي لتوفير الراحة له وتقديم الطعام له.
أما ألان فالزوجة تتمنى أن تعيش هذا الإحساس الذي غاب عنها طويلا فالزوج أصبح حبيس البيت ولا يخرج منه إلا لقضاء بعض الحاجات البسيطة لبيته من شراء بعض الخضروات ومستلزمات الطعام الأزمة للبيت
ويعود مجددا ليلقي نفسه علي الفراش الذي هو أيضا اشتكى من ملاصقته إليه، وهذا كله يؤثر بالسلب عل نفسية الاثنين الرجل والمرأة فهو يسعي لكي يثبت نفسه في عملة وفي حياته وخاصة العملية وهي تحب أن تعيش لحظات الاشتياق لهذا الزوج الغائب عنها في شغله فكل هذه الأحاسيس ماتت في هذا الزمن فالإحساس بالوجود والإحساس بالاشتياق أصبح مطلوب الآن.
منذ عملية السيطرة العسكرية الذي قامت بها حماس علي قطاع غزة وغالبية الرجال مقر تواجدهم هو البيت، وذلك لان معظمهم يعملون في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، فأصبح الرجال "لا شغله ولا مشغلة " هذا ما قالته السيدة "أريج الشرقاوي" 28 عام عن حال زوجها بعد عملية سيطرة حماس على غزة الذي قامت بها حماس علي قطاع غزة.
فتضيف أريج قائلة " زوجي يحب العمل كثيرا لأنه يجد نفسه في العمل ويحب أن يتقنه ويسعى دائما لكي يثبت نفسه في عمله، ولكن الوضع الحالي الذي يعيشه زوجي وغيره من الرجال في قطاع غزة أصبحوا يفتقدون لمعني كلمة عمل وأصبحوا يفتقدون لمعني كلمة إثبات الوجود. . . وغيرها من الكلمات التي يمثلها لهم العمل والوظيفة، هذا كله أثر بالسلب على حياتي أنا وهو، أصبح زوجي رجل عصبي جدا ولا يضيق أي كلمة في البيت وأصبحت النار تهب في بيتنا لأتفه الأسباب ولا يمكن أن تنظفي تلك المشاكل بسهوله، فكثرت مشاكلنا وأصبحت أصواتنا تعلو بسبب وبدون سبب".
تسكت أريج لبرهة ثم تقول: "أنا اقدر الوضع الذي يعيشه زوجي لكني في بعض الأحيان يضيق بي الأمر فلا يعود بمقدرتي التحمل أكثر من هذا مع علمي بأن كل ما يفعله السبب ورائه هو جلوسه لفترات طويلة في البيت وبدون أي شئ يفعله لكن ما ذنبي أنا وما بموسوعي أن أفعل غير الصبر الذي هو أيضا له حدود ".
ولعل حالة "سلمى" تماما كحالة أريج مع اختلاف في قدرة التحمل والجلد على متطلبات الحياة الجديدة التي أصبح يعيشوها سكان قطاع غزة، فسلمى البالغة من العمر 24 سنة تقول:" لم استطيع التحمل أكثر من هذا فزوجي أصبح يهينني بسبب وبدون ولا يطيق حتى كلمة واحدة في البيت من طفل من أطفاله الثلاثة وأصبحت يده تمتد عليهم لأتفه الأسباب مما جعلهم أكثر عدوانية، وأنا لم استطع التحمل فصبري نفذ والآن أنا منذ حوالي الشهرين في بيت والدي لعلى زوجي يعيد القليل من حساباته ويعرف انه لا دخل لي بما جرى ولا حول ولا قوة لي، ولابد أن يصبر فهذا حال الكثير من سكان قطاع غزة وليس حالة هو بمفردة، كما وأتمنى أن ترجع الأمور على ما كانت علية في السابق، ويرجع زوجي إلى وظيفته، وترجع حياة الاستقرار والهدوء ترفرف فوق منزلي الصغير، وأتمنى أن ترجع أجمل اللحظات التي كنت انتظر بها عودة زوجي بشغف لكي يحتضن أسرته الصغيرة وأولاده الثلاثة الذين افتقدوا حنان الأب منذ تلك اللحظة".
عبير الطويل "26 عام" تقول: " علي الرغم من قدرتي الكبيرة لتحمل عصبية زوجي التي أصبحت تمر بأسوأ اللحظات إلا أن الحياة هي التي أصبحت تسير بعكس ما تشتهي السفن، حيت كنا في السابق ننتظر الأيام التي كان يأخذ زوجي بها إجازته لكي نخرج مع الأولاد للتنزه والترفية إما للخروج إلي البحر أو إلى الملاهي أو إلى حديقة الحيوانات. . . والآن أصبحت أيام زوجي كلها إجازة، وليس بمقدورنا الذهاب إلى أي مكان والسبب هو عدم توفر طرق المواصلات وحتى التقليدية منها أصبحت غير موجودة وغير متوفرة باستمرار، مما قلل من خروجنا جميعا من البيت وأصبحنا باستمرار في حاله من التوتر والعصبية ".
لا نستطيع أن نلقي اللوم كله علي الرجال فحالهم أصبح سيئ فمن جهه فاقدين معاني كثيرة في حياتهم، ومن جهة لا يستطيعون تلبية الحاجات الضرورية للبيت ومن جهة أخرى الأحوال المتردية في القطاع التي أصبحت تضيق الخناق حول الكثير من أهالي القطاع، فبعد هذا كله لا يستطيع الإنسان أن يكون مبتسم وسعيد فلا شئ يدعو للتفاؤل، لكن الضرورة تحتم علينا أن نعيش بشئ من الصبر وشئ من الجلد.