;

أزمة الشباب العربــــي 1193

2008-06-19 09:10:45

سعيد محمد سالمين

لا شك أن واقع حياة الشاب العربي تميزه عن بقية الشباب في بقاع العالم الأخرى، كما أن للشباب في كل دولة عربية على حدة مشاكل أترابه من الشباب العربي في أجزاء العالم العربي الأخرى، إلا أنه من الممكن الإمساك بمجموعة من الملامح العامة التي تميز واقع حياة الشباب العربي.

وتبدأ بوادر أزمة الشباب العربي في الظهور منذ مرحلة مبكرة من العمر، فمع الدروس الأولى لمادة التاريخ يتعلم التلميذ تاريخ بلده بقدر غير قليل من عدم الموضوعية أو بالأحرى من التشويه، وكلنا يعرف كيف يصاغ التاريخ، وكيف تتدخل عوامل كثيرة سياسية بالدرجة الأولى في صياغة التاريخ وتقديمه إلى طلاب المدارس.

هذه البادرة ليست سوى مقدمة تقودنا إلى جانب رئيسي من جوانب أزمة الشباب العربي، ونعني به الاحتواء السياسي فقلق الشباب على المستقبل باعتباره المسؤول عنه، وسعيه لأن يوفر لنفسه قدراً اكبر من المشاركة في الحياة العامة ومستقبل بلده، يقابله من الناحية الرسمية قلق على الحاضر ونظرة ريبة للشباب باعتبارهم عنصر معارضة وتهديد للاستقرار، وعلى ذلك تبذل جهود كثيرة لاحتواء الشباب في أطر سياسية محكومة ومحدودة، وذلك بكافة وسائل الترغيب والترهيب.

وما نشهده في أزمة حياة الشباب اليومية داخل المؤسسات الحكومية والإنتاجية والتعليمية، يتجسد ذلك في فرض الدور الخلاق الذي يمكن أن يقوم به الشباب على صعيد العمل والإنتاج ، ففي الكثير من الدول العربية يخرج الشباب من الجامعات إلى العمل في الجهاز الحكومي متحمساً، لأن يصبح عنصراً إيجابياً وفعالاً، فيفاجأ ببيروقراطية عتيدة تستعصي على التطور وتواجهه الحقيقة المرة المتمثلة في قيام هذا الجهاز بتسيير أموره على أسس شخصية قبل الأسس الموضوعية، وانتشار مراكز القوة والنفوذ فيه، بل وربما يشهد الشباب بعينيه صوراً للفساد والتلاعب بالمال العام.

وبعد محاولة أو أكثر للتقييم يفشل فيها الشباب ويصل إلى مرحلة من اليأس، ويتحول هو نفسه إلى موظف تقليدي يعتبر كل صيحة للتغيير صرخة في واد، وهكذا تخمد محاولات الإصلاح في مهدها، ويبدأ الشباب في تلقي دروس انهزامية عن الواقعية والصبر والسلبية.

فهذا الجيل من الشباب أصبح لليوم يعيش العصر من الناحية العادية، أما من ناحية القيم فهو يحاول الاحتفاظ بقيم الماضي التي ولد وتربى عليها، ووجه ثالث لأزمة الشباب العربي هو ذلك المتمثل في محاولة التفرقة المعتمدة بين فصائل الشباب المختلفة، ويتم ذلك بتغذية القيم والتي تدمر الشباب المتعلم للانفصال عن الشباب غير المتعلم من العمال والفلاحين والبدو وغيرهم. ليس بالاستعلاء الفكري وحده،ولكن أيضاً بالانفصال العلمي، حيث يدفع الشباب المتعلم لتبني أساليب غربية في الحياة تبدأ بالمسكن والمأكل والملبس وتنتهي بالثقافة، وبهذا يحرم الشباب غير المتعلم من علم الآخرين وإرشادهم، وتتخذ نظرتهم للمتعلمين شكلاً عدائياً، وفي النهاية تتحول الإغراءات الاجتماعية المقدمة للمتعلمين من الشباب إلى أداة لفصلهم عن واقع شعبهم وبالأخص عن شركائهم في المستقبل من الشباب غير المتعلم.

أما الوجه الرابع لأزمة الشباب العربي فهو ذلك الخاص بالواقع الذاتي للشباب فالقيم الاجتماعية المتعلقة بالعمر والجنس والزواج تحاصر الشباب وتدفعه للالتزام بها عن غير اقتناع وهي قيم تحطم نفسية الشباب أكثر ما تدفعه للتفاؤل، فانعدام حق الصغير في مناقشة الكبير، ورفض الاعتراف بحقوق الفتاة، والزواج على أساس الغنى والشهادة والجاه والوظيفة، كل هذه قيم متخلفة تحد من الدور الاجتماعي للشباب والذي يمنع الشباب من التصدي بشجاعة لهذه القيم هو اعتبار ذلك خروجاً على التقاليد، وبذاك لا تجد الشباب أمامه سوى المراوغة والتحايل، وهي في ذاتها غير محمودة، والشكل الأسوأ هو أن يستسلم الشباب لهذه القيم، ويساهم في تكريسها على حساب الأجيال القادمة.الوجه الأخير في تحدينا لأزمة الشباب العربي هو واحد من أكثرها أهمية ذلك هو الخاص بأزمة الثقافة عند الشباب العربي ويتحمل الجيل الأكبر مسؤولية حجب منابع الثقافة الإنسانية عن الجيل الأصغر متمتعاً بتفوقه الثقافي الأناني وهذا هو عين العداء للحضارة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد