شكري عبدالغني الزعيتري
أزمات.. وأزمات.. الأخرى تلو الأخرى.. افتعال.. وتأجيج.. إثارة.. ونزيف دَم واقتتال.. وإعاقة لمصالح البلد.. وظروف معيشية للشعب تتعصى وتصعب..
وحرب تستعر في صعدة بين قوات الجيش الحكومية وجماعة الحوثيين بدأت في 18/ يونيو 2004م ومستمرة حتى يومنا وشهرنا هذا يونيو 2008م.. "أربع سنوات" أخذت بين الاشتعال.. والانطفاء.. التهدئة.. والإثارة.. الكّر.. الفر.
تنفيذ أعمال إرهابية وتخريبية تارة غير مسلحة باختطاف أجانب من رعايا دول أخرى يتواجدون في اليمن ووجودهم يفيد اليمن كخبراء أو سُياح.. وتارة أخرى مسلحة بتفجيرات لمصالح عامة آخرها كان محاولة تفجير أنابيب ضخ النفط من مصافي عدن وإلى ميناء التصدير في نهاية الشهر الماضي مايو 2008م، وظهور تنظيمات أو جماعات تنسب أعمال التخريب إليها "كالقاعدة.. وغيرها" وأحياناً يظل العمل الإرهابي والتخريبي مجهول الهوية والمنبع.
لوم وكيل اتهامات للحكومة ومن أحزاب المعارضة والدعوة إلى مظاهرات واعتصامات من وقت لآخر ويلعب الجميع بالداخل كل بأدواره فيها، فالتاجر يحتكر.. ويتوجه نحو الاستثمار في الاقتصاد النقدي ويتهرب من الاستثمار الإنتاجي سواء الصناعي أو الزراعي.. والحكومة لا يوجد لديها إستراتيجيات للأمن الغذائي ولا الترشيد الإنفاقي.. والمواطنون قلمَّا تجد منهم من ينتج الإنتاج الذي بصورته الحقيقة يرفد اقتصاد ودخل البلد..
وحكومة شتَّت جهودها واستنُفرت ويتطاير رجالها وأعضاؤها إلى تهدئة هذا.. وإرضاء ذاك.. وتسكيت هؤلاء.. والمفاوضة مع أولئك.. تستنزف الجهود والطاقات والإمكانيات والمال والوقت لصالح قضايا من المفترض ألا تحدث بل يفرح بعضهم المستغلين لأنهم في ظل هذه المعمعة يتاح، لهم تحقيق المغانم والمكاسب الشخصية.. مع أنه من المفترض أن تتحول الجهود والطاقات والإمكانيات والوقت لدى جميع الأطراف نحو البناء والتحديث والتطوير.. "حكومةً.. ومعارضةً.. وقبيلةً.. وعلماءً.. ومثقفين.. ومواطنين" كلٍ من منطلق إمكانيته المتاحة سواء المالية أو الفكرية.
بسبب ذلك كله خسر اليمنيون واليمن الكثير.. سواء في جانب السياسية الداخلية بعدم الرقي نحو الأفضل في التوجه الأفضل نحو ديمقراطية نظام الحكم وبكفاءة أعلى.. وفي جانب السياسة الخارجية خسر اليمنيون واليمن نمو مزيد من علاقات التعاون مع دول صناعية وغنية مع كثير من دول العالم التي قد تفيد اليمن من نواحي عده.. وفي النواحي الاقتصادية خسر اليمنيون واليمن توافد المستثمرين العرب والأجانب من رجال الأعمال و الشركات الكبرى للاستثمار في اليمن وتقلص ذلك.. لأنهم يرون ويسمعون ما يقلقهم في الوضع السياسي والأمني والقضائي.. في اليمن وأيضاً تراجع السياحة الأجنبية وتوافد السياح إلى اليمن للتعرف على حقيقة وحضارة ورحابة اليمنيين وجمال طبيعة اليمن وانعكس ذلك سلباً على نواحي عدة اقتصادية وثقافية.. إلخ، وفي الجانب الاجتماعي تزايدت نسبة البطالة وتفشى الفقر وتستنزف الموارد يوماً بعد يوم وتتزايد أعداد الأسر الفقيرة.. واليتم ومنها بسبب الاقتتال السياسي أو الثأر ومنها بسب حوادث المرور والأمراض لتدني الخدمات والكفاءة الطبية ويتبع ذلك كله عوز وفقر وربما انعكاس بإحداث جرائم تضر بالمجتمع لأجل العيش.. وأيضاً تزايد الخوف المنتشر لدى كثيرين من التنقل لطلب المعيشة من وإلى مناطق الصراع شمال شرق اليمن ومناطق التقطُّعات والنهب على الطرقات في بعض مناطق جنوب اليمن.. إلخ.
فمن المستفيد ممَّا يحدث على أرض الواقع اليمني وفي أماكن متفرقة من أرجاء الوطن الحبيب؟ سؤال مطلوب أن يجيب عليه كل طرف من الأطراف المعنية بحدوث تلك المشاكل على الساحة اليمنية ممن لهم الدور الأكبر في التخطيط لما يحدث والتأثير الفعال فيه وكلٍ يعرف نفسه ولا يحتاج إلى التعريف به كلٍ بما يتخصص فيه سواء السياسي أو الاقتصادي أو المهني أو التاجر.. وكلٍ له دوافعه وأسبابه والتي لا أراها إلا ذاتية وشخصية لا علاقة لها بمصلحة الشعب ومصلحة البلد عامة.. أو ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف وما تدل إلا على أنانية وحب الذات..
فهناك من يقاوم بالسلاح وبتمرد وفي سفور وعلى مرأى ومسمع الجميع متناسياً أنه ليس من مصلحة الشعب واليمن إضعاف هيبة الدولة، وإن كل يمني لا يقبل بهذا ولا يقبل بحدوث الفوضى في ظل غياب الدولة "لأن أحداث لبنان و العراق وأفغانستان وكثير من البلدان دروس نستفيد منها"، وبصرف النظر عن الحزب الذي يحكم ومن هو على رأس الدولة والحكومة ومن هم أعضاء الحكومة، وفي سفور هذا التمرد في صعدة وتحت مبررات ودوافع بدأت بالعصبية لمذهب متفرع عن "أهل الشيعة" "حركة سياسية تعد نفسها تطور لتيار الإمامة الشيعية الجارودية في اليمن متأثرة بفرقة الأثني عشرية" وتطور السفور لدى هؤلاء الحوثيين حالياً تحت الرغبة بأخذ الثار من قوات الجيش والحكومة على من قتلوا من ذويهم خلال الحروب والمناوشات التي تعد اليوم الحرب الخامسة منذ 2006م.
وهناك من يعارض ويكيل الاتهامات للحكومة تحت دوافع ومبررات الرغبة في انتزاع وتلبية مصالح الشعب والوحدة وتأجيج وإثارة مشاعر البسطاء من أبناء الشعب بل إلى تعميق مرض العصبية والمناطقية لما كان يسمي في عهد التشطير "أبناء الجنوب.. وأبناء الشمال".
وهناك من يخرب ممتلكات عامة ويضر بأمن بلد وشعب بأكله ويجهل أو يتجاهل انعكاسات التخريب والفوضى الضارة والسلبية على جميع نواحي حياة الشعب اليمني و البلد.. وتحت مبررات ودوافع خاصة وفردية وأحياناً تستغلها قوة خارجية وتلبيةً لإرهابيين ومخربين من أبناء اليمن لتمرير أهدافها ضد اليمن وعبر أولئك المخربين من اليمنيين المعتدين على مصالح الشعب كله وسمعة البلد والذين فقدوا كل معايير الرحمة وإنسانية الإنسان والانتماء الوطني.. والالتزام بروح الدين الإسلامي الحنيف.
وهنا أقف داعياً الجميع الداخلين في هذه المعمعة ودون استثناء إلى أن يخلو كل منهم من نفسه ليلاً.. ويراجع ضميره الحي ويحاسب نفسه فيما يعمل وما يقوم به على أن يترك مسبقاً وقبل الخلوة مع نفسه خلف باب غرفته المغلقة عليه ما يلي:
1- حب الذات والأنانية..
2- الحقد والكراهية ومحاولات لإيقاع بالطرف الآخر "الخصم"..
3- الولاء والتعصب لمذهب أو قبيلة أو حزب..
4- تحقيق مصالح فردية وشخصية.
5- الارتباطات بدول خارجية.
ويضع نصب عينيه الشعب اليمني العريض الذي تعداده "21.000.000" مواطن يمني بريء مما يفعل والأرض الواسعة والتي مساحتها تقريباً "555000" كيلو متر مربع وتتسع للجميع للعيش والتعايش.. ويتذكر بأن هذان الأمرين الكبيرين أكبر وأقدس من نزوات أو رغبات فردية وذاتية مهما كانت وهما أمانة في عنقه سيسأله الله عنها يوم اللقاء الأكبر "إن لم يلتقوا في لقاء أصغر حالياً لحل المشاكل التي تضر بشعب وبالبلد بأسره" ويتذكر قول الله تعالى "إنَّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولا"، وفي نهاية خلوته يسأل نفسه من المستفيد الأكبر ممَّا يحدث في اليمن حالياً؟ ومن الخاسر الأكبر..؟
وأجيب أنا عن الشطر الثاني من السؤال بالقول: اليمن أرضاً وشعباً هو الخاسر الأول والأكبر.. فهو الذي يسخر مقومات قوة يمتلكها ويتمتع بها لاستغلالها لتحقيق معيشة أرغد ورفاهية أفضل وتطور شعبه.. فلا استثمارات أجنبية تأتي إلى اليمن وبما هو مأمول ومنتظر.. ولا سياحة أجنية.. ولا تفرع لبناء وتحديث وتطوير.. ولا رفع لمستوى معيشة ورفاهية أبناء الشعب.. "ولا، ولا، ولا".
إذن فلماذا الجميع يزايد بأنه الأحرص على مصالح الشعب والأرض وعلى يمننا جميعاً؟ وأمامنا نشاهد اللاءات الكثيرة"، "لا، ولا، ولا.." ولا أشكك في وطنية أحد، فالكل وطني يحب اليمن ولكل فرد من أفراد الأطراف المعنية بالمعمعة وجهة نظر.. وأذكر بأنه يجب ألا تكون وجهة النظر الخاصة لفرد طرف في المعمعة ملحقة ضرراً على العامة.. وليحسبها جيداً ويقيم مردوداتها قبل التنفيذ، ليس على مصالحه الشخصية بل على مصالح المجتمع "الشعب" بجميع فئاته وانتماءاته.. والبلد. وأدعو إلى الخلوة مع النفس والمراجعة.. ليقوم كل فرد من أي طرف باكتشاف الخطأ الذي يسهم به وكل أدرى بما يقوم به.. وبعدها توجهه الصادق والعملي لمصارحة خصومه بأخطائه إن اكتشفها.. وبالتأكيد إن غلَِّب مصلحة الشعب فسيكتشف خطأ ما موجود في ما يقوم به.. ما لم يكن موجود خطأ هنا أو هناك يٌرتَكب.. فلماذا إذن يحدث كل ما يحدث..؟
ومن ثم توجهه للعمل نحو تصحيح المسار.. ولن يحد السيف لأحد بل سيكون الفرد المراجع لحساباته من منطلق وطني وديني ومصلحة عامة شجاعاً وصريحاً وبدئه في تصحيح مساره سواء السياسي أو الاقتصادي أو الفكري.. سيكون فضيلة.. لأن الشعب اليمني فيه من التسامح والعفو والمغفرة.. ما يغمر البحرين الأحمر والعربي بل سيحترمه الشعب كل الشعب ويحبه وسيراه مثلاً للوطنية وإلغاء الذات والمصالح الشخصية في سبيل مصلحة العامة ومثالاً للوفاء والإخلاص.. ليمن وشعب.. وانتهى نداء الرجاء.
وفي الأخير أترك لك يا من تخلو إلى نفسك أن تجيب على الشطر الأول من السؤال المتبقي:
من المستفيد من تخريب اليمن...؟