كروان عبد الهادي الشرجبي
ماذا تعرف عن الأفعال؟
مضى.. فعل ماضي.. مضارعه يمضي.. سوف يمضي..مستقبل.
جاء للبعض الوقت ثم مضى يأتي من يأتي ثم يذهب الماضي أصل الحاضر والماضي والحاضر أصل المستقبل، التاريخ أفعال مضت لا تستفيد منها كثيراً كل الأفعال المضارعة والأفعال الحاضرة الحاكمة المتحكمة أو تلك التي تحاول أن تنتزع الحكم وتعتقد أنها تمتلك كل الحكمة كل هذا حدث في الماضي وسيحدث في المستقبل.
لقد لاحظنا أن أغلبية البشر يقرؤون القصص البوليسية والجرائد أما التاريخ فلا يٌقرأ إلا نادراً، يقول التاريخ ما قال من آلاف السنين وما سيقول بعد آلاف السنين.
جاء الإنسان إلى الأرض حيواناً شبه أعجم يعيش على جمع الثمار وافتراس ما تيسر من كائنات ضعيفة، جاء حاملاً ذكاءً فطرياً استطاع به أن يروض الحيوانات ويستأنسها ويلتهمها،وقام بفلاحة الأرض، ثم استطاع الإنسان أن يستعبد الإنسان، ويمتلك من الأرض مدناً فبلاداً، فإمبراطوريات لا تغرب عنها الشمس، ثم بدأ يسخر الطبيعة لخدمته من أضعف ذرة لكهرباء، واستطاع عقله أن يأتي بالعجائب التي ظن أنها تكاد تنافس عظمة خلق الخالق وبلغ هذا الظن أن أنكر بعض الناس وجود من خلقهم ونسوا أن أضعف وأضئل فيروس لا يستطيع الإنسان أن يخلقه، لأن الإنسان يكتشف قوانين الكون ولا يضعها، يستكشف بنّية عقله وجسده ولا يتدخل في خلقها أو إعادة خلقها.
يقول التاريخ إن الإنسان متوحش بطبعه عبد لنفسه مستعبد للآخرين، ومهما بلغ من الرقة والرقي لا يستطيع أن يكظم الكائن البهيمي الذي بداخله قال التاريخ هذا من زمن بعيد.
نسمع ونقرأ عن الفعل الماضي والفعل المضارع فماذا عن السنين المستقبلية؟، إن التاريخ يكتب الآن، فهل من يكتب الآن يستفيد مما كتب من قبل؟ حتى إن اختلفت السطور، فما بين السطور التي تختلف السنين المستقبلية تسبق الفعل المضارع والفعل المضارع يطارد المستقبل.
فالكل يحلم لمستقبل من صنع الخيال، لأن المستقبل القائم على الواقع فحكمه ويصنعه الجنود والساسة ورجال الأعمال، لكن شيئاً ما خارج اللغة وخارج حدود العقل هو الذي أعطى الدفعة الأولى للتاريخ المكتوب، وتاريخ ما قبل الكتابة، ذلك الشيء بطبيعته خارج حدود الزمن وما الماضي والمضارع والمستقبل إلا زمن حدوث ذلك الفعل.
إن فعلاً كبيراً يسبق التاريخ ويتلوه ويحيط به وبالزمن من كل جانب وهو الإرادة الحقيقية التي نبعت منها الإرادات الصغرى لمن صنعوا تاريخنا القصير مهما امتد في الزمن.. تلك هي إرادة الله العظيم، الإرادة التي لا يستطيع أن يسبر غورها، وأن يفهمها ولكنه لا يملك إلا أن يطيعها هذه الإرادة وحدها هي التي تهب الماضي والمضارع والمستقبل زمن الإنسان التفاؤل بأن ما فوق الزمن سيعطيه يوماً معناه وحكمته.