كروان عبد الهادي الشرجبي
الخبرة في التجربة
نعيش الحياة وكل منا مسؤول عن نفسه، من تصرفاته إلى اختياراته وقراراته سواء اعتمد على آراء وخبرات آخرين، أم لم يقم للاستشارة وزناً واعتباراً، ففي النهاية هو المسؤول أيضاً إذا ترك لغيره أن يقرر ويختار عنه لأن نتيجة هذه القرارات ستقع عليه وحده وآراء الناس لا تعني الكثير، إذ أن لكل منا حياته وظروفه وعليه فإن تجربة الآخرين وخبراتهم لا تفيد كثيراً خصوصاً على مستوى العلاقات الإنسانية، وحتى لا يساء فهمي وقصدي فالأمور العملية قد ينطبق عليها رأيي هذا وقد لا ينطبق.
الحياة العملية وما يتعلق بها من دراسة وعمل هي أيضاً عبارة عن قرارات واختيارات فقرار أي شخص باختيار دراسة هو يريدها بعكس إرادة الأهل، هو اختيار شخصي يجب ألا يخضع لأي ضغوط، حيث أن التنفيذ الذي يتعارض مع الرغبة قد يؤدي إلى احتمالية التعثر والفشل.
أما في مجال العمل قد يعين شخص في مهنة أو وظيفة لا يفهمها ولكن ومع الأيام سوف يكتسب الخبرة واحتمال كبير أن يكون أحد الناجحين في العمل على الرغم من أن العمل لم يختاره هذا الشخص، إلا أنه في الأخير أجاده وتفوق فيه.
وفي الحالات الإنسانية أو العلاقات الإنسانية الشخصية لا يمكن أن ننقل خبرة الأكبر إلى الأصغر "وهذا رأي خاص بي"، إذ يجب أن يجرب حديث العهد بالخوض في معركة الحياة ويجب أن يخطئ حتى يتعلم من الخطأ فكلنا نتعلم من أخطائنا لأنه بالتجربة والخطأ فقط تكون الخبرة، وهي خبرة خاصة لا يجوز لأي منا أن يفرضها على غيره نظراً لاختلاف ظروف كل شخص.
وهناك أمور لا نستطيع أن نجربها حتى نعرف نتيجتها ولكن العقل هو الذي يميز في هذه الأمور، فمثلاً لا يستطيع أي شخص أن يجرب تعاطي المخدرات لأنه يعرف النتيجة التي سيصل إليها مسبقاً.
وهناك تجربة "مع المراقبة" وهي خاصة بالأطفال فمثلاً الطفل لن يقتنع بأن اللعب بالكبريت يحرق أصابعه إلا إذا أحس بلسعته ولكننا لا نستطيع أن نترك الطفل يصل إلى هذه النتيجة من تلقاء نفسه لذا وجبت المراقبة والحذر.
إذن فالدخول في التجربة يعتمد على تقديرنا للنتائج وحساب الخسائر احتكاماً للعقل ودرجة تمييزه بين الخطأ والصواب وعواقب التجارب.
ومهما يكن نوع التجربة أو نتائجها فلا أحد مسؤول عن أحد ولا أحد سيحاسب بدلاً عن أحد فهناك مثل يقول: "كل واحد متعلق من عرقوبه"، أي أنه عليك أن تتصرف بما تراه مناسباً لك فلا أحد مسؤول عنك ولا أحد سيتحمل النتائج غيرك، ورغم علم الجميع بهذا المثل إلا أن أحداً منا لا يعتمده في حياته.
فمازالت الأم تختار لابنها زوجة المستقبل، ومازال الأب يختار المجال الدراسي الذي كان يحلم أن يحققه وبالتالي يريد أبنائه أن يحققوا ما لم يحققه هو، ودائماً النتائج تقع على من يرتضي تدخل الآخرين في قراراته وحياته المستقبلية.