ميرفت ابو جامع - غزة
تقف الشابة عبير ابو مطلق ( 28 عامًا) من جنوب قطاع غزة، وسط معرض يحمل عنوان " لمسة تراثية " تشرح مزهوة للزوار عن مشغولات النساء ومطرازت تشكلن من صوف الأغنام بشكل جذاب ومتناسق.
وتقول عبير الخريجة الجامعية " هذه هواية أحببتها، وأتقنتها اكثر من تخصص اللغة الانكليزية الذي أمضيت 4 سنوات في دراسته بالجامعة".
ويضم المعرض معروضات لمطرزات ومشغولات وبسط ووسائد وحقائب وجيوب للجوالات وكلاكيل وبرانس للأطفال غزلتها انامل الشابات وكذلك خارطة لفلسطين ، وعلى الرغم من بساطة المعرض في المساحة الصغيرة التي عرض فيها، إلا انه يعكس اهتمام الشابات وتمسكهن بهذا التراث الذي ورثنه عن جداتهن.
وبدت ابو مطلق سعيدة، وهي تتنقل في المساحة الصغيرة التي افردت للمعرض تلتقط صورًا للزوار وللمشغولات وتصغي لتعليقاتهم، وتارة تنشغل باستعراض المراحل التي يمر بها العمل في قطعة تراثية والوقت المستغرق وتقول :" في مرحلة الثانوية تلقيت تدريبا حول التطريز وصنع المشغولات في مؤسسة اهلية ،من يومها وانا اهتم بهذا الفن ، وأحاول تطوير ذاتي عبر المشاركة في معارض ومصادقة سيدات كبيرات بالسن لأتعلم منهن المزيد في هذا المجال ".. ، وتقول :" تولدت لدي علاقة صداقة وعشق للتراث، " تراثنا جميل وزاخر بالجماليات وهذا الابداع الحقيقي ان نصنع من الخيوط والصوف ادوات للزينة ".
وتشير ابو مطلق ان هناك اهتمام كبير من قبل النساء على اختلاف اعمارهن وخاصة الشابات بهذا التراث، ولا سيما على صعيد محافظة خان يونس التي تقطنها وتضيف :" بل ان الأمهات يحرصن على نقل خبراتهن وتجاربهن لبناتهن على الأقل للاستفادة منها في تزيين بيوتهن .
تمسك زكية ابو عامر في الأربعينات من العمر بمغزلها وتغزل الصوف ،وتبدو كأنها جزءا مكملا للوحة المعرض الفنية وتقول وهي منشغلة بنسجها :" هذه الصنعة ورثتها عن والدتي التي كانت تتقنها جيدًا، فأنا اقوم بغزل الصوف عبر هذا المغزل ، وادرب السيدات على كيفية الغزل وصنع الخيوط لا ستخدامها في صنع المشغولات ، كما اقوم بصناعة بسط ومصليات ومفارش لأفراد أسرتي، "وتشير أن الاهتمام بالتراث زاد بالفترة الماضية وقامت مؤسسات تنبش عليه .. هذه الهواية ايضًا تحولت الى مصدر دخل للكثيرات الشابات الفلسطينيات في ظل الظروف الصعبة التي يعشنها في غزة وقد وصلت معدلات البطالة بينهن أكثر من 60% فيما تزايدت اعداد الفقراء والذين يعتمدون على المساعدات الغذائية من المؤسسات الداعمة ووكالة الغوث ، تقول فاطمة ابو دراز الخريجة الجامعية :" لها فضل كبير علي في دراستي الجامعية ، ومصروف جيبي ،لم اعد بحاجة لأحد وتضيف تعلمتها من والدتي وأصبحت اتفوق عليها " تبتسم وتعلق " الطالب يتفوق على مدرسه أحيانا".
ورغم التعب الذي تلاقيه فاطمة إلا انه يزول بمجرد انجاز قطعة تراثية لاحدى زبائنها وتقبض ثمنها ، تضيف ووهي تقلب قطعة مطرزة :" اشعر بالراحة عندما اقبض ثمن قطعة خرجت بشكل جميل وتتابع كسبت سمعة طيبة بالمنطقة ولدي زبائن اصنع لهم بحسب طلبهم اشياء يحبونها .
فيما تقضي عبير وقت فراغها في صنع هذه المشغولات لا سيما اثناء مشاهدة المسلسلات التلفزيونية وتقول :" منذ أكثر من خمس سنوات وأنا اصنع مثل هذه المشغولات واقضي جل وقتي في صناعتها ، قدراتي في ذلك تتطور شيئا فشيئا أقوم بصنعها لأقارب لي مقابل مبلغا من المال على الرغم من صغره مقارنة بالجهد والتعب المبذول تضيف عبير انه يعني لها الكثير ويسد جزءًا من احتياجاتها الخاصة لا سيما متطلبات دراستها الجامعية السابقة، وفي ظل هذه الظروف الصعبة حتى حصولها على وظيفة في تخصصها الجامعي ".
وكان مركز ثقافة الطفل الفلسطيني التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر بخانيونس قد افتتح المعرض ضمن فعاليات برنامج ومضات ابداعية الذي ينفذه المركز لفئة الشباب.
وأوضحت بثينة الفقعاوي منسقة البرنامج بالمركز بأن المعرض واحدة من الومضات الابداعية التي ينفذها الشباب في محافظة خانيونس ضمن مشروع تفعيل الحراك الثقافي من خلال أنشطة مجتمعية الذي تنفذه مؤسسة كير الدولية بتمويل من مؤسسة فورد ،وذلك بهدف تفعيل دور الشباب في المجتمع وتعزيز ثقتهم بانفسهم ومساعدتهم في تنفيذ جزء من طموحاتهم واحلامهم وايجاد حالة من التفعيل الحراك الثقافي الداخلي في مجتمع الشباب واعطائهم فرصة لاثبات ذاتهم واستثمار قدراتهم بشكل ايجابي وفعال من أجل تحسين مستوى مهارتهم القيادية في ادارة برامجهم.
مشيرة أن البرنامج عقد 13 ورشة شبابية ابداعية وتم اختيار نحو8 افكار مبدعة للعمل عليها خلال العام الحالي .. وتشرح ابو مطلق بأن الومضة تضمنت تدريب 15 من الشابات على غزل الصوف وصنع مشغولات يدوية للزينة، موضحة ان كثير من الخيوط وأنواع من الصوف والقماش لا توجد في السوق بفعل الحصار .
وأعربت أبو مطلق المديرة التنفيذية لجمعية التطوير الريفي عن املها ان تلقى هذه المشغولات والحرف النسوية والتراثية اهتمامًا اكبر من قبل المؤسسات وان تلقى دعمًا متواصلاً مثمنة دور جمعية الثقافة والفكر الحر في تبني مشروعها الصغير وفعالياتها المختلفة في خدمة المجتمع.