شكري عبدالغني الزعيتري
صادف أن ذهبت إلى منزل أحد الأصدقاء للمقيل وكان في المقيل العديد من الشخصيات ومن بينها يوجد ثلاثة أطباء تم التعارف بيننا وتبادل الأحاديث طيلة الجلسة وبدر إلى ذهني سؤال وجهته إلى الأطباء الثلاثة كونهم كانوا جالسين بجواري قاصاً لهم بعض مقاطع لمشاهد شاهدتها لدى طبيب قمت بزيارته في عيادته الطبية وقلت لهم لاحظت أحد الأطباء الذين ذهبنا إليه لعلاج أحد جيراني بأنه كان مع كل إجراء يقوم به أو يطلبه يقوم بتحديد واختيار الجهة الذي يجب أن يتم التعامل معها من قبل المريض "المختبر لإجراء الفحوصات، المستشفى لإجراء العملية الجراحية، شراء العلاجات وتحديد اسم الشركة المنتجة، وبلد الصناعة، واسم الوكيل المعتمد في اليمن..إلخ"، فسألتهم ما هي القصة هل هي عدم ثقة لدى الطبيب بفئات التعامل بالسوق..؟
فرد عليّ أحد الأطباء الثلاثة الجالسين في الجلسة ضاحكاً وآخر ابتسم فقال: الأول هذا الطبيب "يعمل بزنس" فقلت كيف؟ فقال الآخر يوجد أطباء يعقدون الاتفاق على مبدأ انفعني وأنفعك فقلت كيف؟ فقال أما المختبر فللطبيب نسبة من قيمة كل الفحوصات التي يعملها المرضى في المختبر ويقوم الطبيب بإرسالهم إليه وأما المستشفى فالطبيب يتقاضى أتعاب العملية ونسبة من أجور الرقود لكل المرضى الذين يأتي بهم الطبيب إلى المستشفى وأما العلاجات فبعض الشركات المحلية والتي هي وكلاء في اليمن لشركات أجنبية منتجة للأدوية على اتفاق مع أطباء للترويج والتسويق الغير مباشر لعلاجاتها وكل طبيب لدى المرضى الزائرين له ومن حوله وعلى ذلك تقاضى الطبيب من الشركة امتيازات منها مبالغ مالية أو رحلات سفر مع عائلته إلى الخارج ليقضي نزهة تتحمل الشركة تكاليفها أو باستمرار يكون الطبيب من ضمن قائمة المدعوين من قبل الشركة لحضور أي مؤتمرات طبية أو صيدلانية تعقدها الشركة الأجنبية المصنعة في بلد خارجي وتتحمل الشركة المصنعة كافة النفقات ابتداءً من تذاكر السفر وحتى المأكل والمشرب والسكن والهدايا للمدعوين..إلخ، انتهى المشهد الثاني من الفصل.
وبعدها أخذت أنا أفكر في المزايا والفوائد المالية التي يجنيها الطبيب لنفسه من خارج مهنته وتعتبر غير مشروعة، وباتفاقات سرية، وعلى حساب المرضى، لدرجة أن البعض يفقد ذمته بل قال لي أحد هؤلاء الأطباء الثلاثة ممن جلست معهم بصوت خافت إذ أنه كان يجلس بجواري قال لي "بل وصل الحال إلى ببعض أطباء قليلي والذمة والإنسانية والأخلاق إلى سرقة المريض بأن يطلب إجراء فحوصات لا ضرورة لها، أو يكتب رشدات علاجات لا حاجة لها، بل ويصل الحال بأن يقرر عملية جراحية من الممكن تفاديها ومعالجة المريض بدون إجراءها بل وقال لي وزاد "بفاجعة" أنه يصل الحال ببعض أولئك الأطباء بإقناع المريض بضرورة إخضاعه لإجراء عملية جراحية وبعدها يدخله غرفة العملية ولا يعمل له عملية جراحية وإنما يفك البطن ويخيطها ليوهم المريض بأنه أجرى العملية الجراحية وبالأصل لا يوجد حاجة أو ضرر لدى المريض يستدعي إجراء عملية جراحية.
وذلك فقط لتقاضي أجور العملية الجراحية، فلطمت على رأسي وقلت يا الله أهذا يحدث في سوق الطب والاستطباب، لدينا في اليمن، أطباء تجاريون وبدون رحمة أو شفقة أو أخلاق، وتساءلت في نفسي أين وزير الصحة من هذا كله، ومن شاكلة هؤلاء الأطباء، ومن تلك المستشفيات الطبية الخاصة؟، ولماذا لا يكون لوزارة الصحة مندوباً طبياً عنها يتواجد بشكل دائم في المستشفى الخاص؟ وعلى شرط أن يتم استبدالهم وتغيير مواقعهم بالمستشفيات بشكل سنوي بحيث لا يستمر كل مندوب أكثر من سنة في المستشفى الخاص ويتم تبادل المواقع للمندوبين بإعادة التوزيع السنوي لتفادي شراء الذمم لدى مندوبين ومن قبل بعض ملاك المستشفيات الخاصة وأطباء قليلي الذمة والإنسانية والإخلاص، وبحيث يرفع المندوب تقريراً شهرياً وكل ما استدعت الحاجة بظهور مخالفات في المستشفى الخاص المنتدب فيها ويمثل وزارة الصحة وإلى وزارة الصحة، وبحيث يعطي المندوب صلاحيات واسعة للتفتيش ودخول غرف العمليات والمسح الميداني لكافة معدات وأدوات المستشفى وكادرها ومهاراتهم التمريضية وتلقي شكوى المرضى وتحليلها للتأكد من صحتها "شهرياً" وبشكل دائم نهاراً وليلاً، لاتخاذ الإجراءات الصارمة تجاه أي مخالفات تقع من قبل أي مستشفى خاص أو من بعض أطباء "تجاريون - مصاصو دماء البشر" فاقدو الرحمة والشفقة والدين والأخلاق.