علي منصور مقراط
بينما الوطن وأبناءه يحتفل بمناسبة العيد ال 46 لقيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة غيب الموت عشية عيدها يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2008م، وفي الخواتم المباركة لشهر رمضان الفضيل المناضل الوطني الحر والقائد العسكري الصلب العميد الركن/ بدر صالح محمد السنيدي عن عمر يناهز ال "60" عاماً قضاها ومنذ ريعان شبابه في صميم المعركة الوطنية لشعبنا المكافح متقدماً الصفوف الأولى لنضال طويل للتحرر من الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف والاستعمار البريطاني البغيض حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 62م وتفجير ثورة 14 أكتوبر 64م ونيل الاستغلال الوطني في ال 30 من نوفمبر 67م الأغر.
* لقد توقف قلب فقيد الوطن والقوات المسلحة المناضل الثائر العقيد ركن/ بدر السنيدي عن الخفقان في إحدى المستشفيات بالمملكة العربية السعودية متأثراً بالمرض الذي داهمه لنحو عام، وظل يقاومه بقوة وإيمان حتى وقد نخر جسده بإصابة الكلوة الوحيدة بالجروح وغير من صورته البهية ووجهه المشع والبشوش، لكنه قاومه أيضاً ولم ينكسر ومات كالأشجار المثمرة التي لا تموت إلا واقفة والحاصل إنني تألمت وحزنت كثيراً وبكيته حياً حين جاء إلينا في مطلع مارس الفائت معزياً بوفاة والدنا رحمة وكان متعباً وجسده قد نحل، لكن الأرجح أن معنويته كانت عالية كالعادة.
* الثابت أن الفقيد العزيز/ بدر السنيدي يُعد من القادة العسكريين البارزين في صفوف القوات المسلحة، وقد اشتهر وذاع صيته في عرض وطول اليمن الموحد بشجاعته وحنكته العسكرية وموهبته القيادية الفائقة التي اكتسبها من خبراته الطويلة وتجاربه الكبيرة ودراسته لفنون القيادة والأركان إذ نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية والسياسية من إحدى الأكاديميات العسكرية فيما يسمى بالأتحاد السوفيتي سابقاً، وفي منتصف تسعينات القرن الفائت أو بالأصح بعد حرب 94م الموجعة ترك القائد والمناضل الراحل العميد/ بدر السنيدي البزة العسكرية وانتقل إلى داره في يافع السفلى رافضاً العودة للعمل والمناصب التي عرضت عليه، فكان زاهداً عن السلطة والكراسي الزائلة وبقي في محيطه الاجتماعي متنقلاً بين يافع وباتيس وعدن ساخراً من الواقع، وما زال كالجبال، وأحيانأً الصمت من ذهب كما يقال وهو ما فضله غير مكترث بسفر نضاله وتضحياته السخية في سبيل وطنه الذي تعفر جسده بترابه الطاهر الذي يوارى جسده اليوم ترابه تاركاً لنا محطات حياة لرجل متميزاً في الشجاعة والنبل والصبر وحتى الصمت والموت.
* واللافت أن مشاعر الحزن التي خيمت على يافع الأبية وكل اليمن التي خسرت هذا الفارس الذي ترجل مبكراً ونحن في أمس الحاجة إليه كونه من القلائل الذين خلدوا الحياة في دنيانا الفانية بالمثالية واستقامة الضمير، وفي هذه السطور الحزينة التي ارثي بها صديقاً وأخاً غالياً فقدته ومعي كل أهلي وقبيلتي ال "يوسف" التي ربطتنا فيه علاقة صفاء ووفاء وكيف لا اعتز وأحزن معاً برجل رجال بمكانه وقامة الراحل بدر السنيدي السامعة وهو الذي حرص على مشاركتي في عرس زواجي قبل أكثر من "17" عاماً وآخرها في حزني بوفاة والدي قبل نحو سبعة أشهر، وتحضرني هنا بيت من الشعر لقصيدة قالها المثقف والسياسي البرلماني د/ عيدروس نصر النقيب رثا بها الفقيد الكبير الجاوي يمكن ينطبق وصفها على فقيدنا السنيدي حيث يقول: "ليته عاش الذي مات زاهداً ومات الذي ما زال في الأرض مفسداً".
وفي الختام: أن يافع التي خسرت أو بالأصح نٌُكبت بفقدان بدر السنيدي وكانت قد فقدت قبله ثابت عبده حسين ومحمد صالح مطيع ومحمد بن عيدورس وشهيد الثورة ناجي سعيد اليوسفي وبالليل الرهوي وحسين قماطة والمفلحي وحاجب ومحمد بن غازي والخضر الشقي وآخرين وهم كثر من الرجال الشجعان فإنها اليوم ما زالت حبلى بالرجال الذين يرفعون الهامات وسلام عليك يا بدر السنيدي يوم ولدت ويوم ترجلت عن دنيانا الفانية، سلام عليك يوم تبعث حياً وإننا لفراقك لمحزونون وإنا لله وإنا إليه راجعون. <