عبدالباسط الشميري
abast66 @ maktoob. com
كنت أتمنى أن تكون لنا وقفات عبر مختلف الوسائل الإعلامية والتربوية غب دور العبادة غب المساجد مع الحدث الأبرز، الثورة الأم 26 سبتمبر 1964م، لكن وكما يقول الشاعر: "وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً"، لهذا أقول أننا حقيقة نجهل ما تمر به المنطقة بأسرها من متغيرات مفزعة مهولة يشيب لها رأس الصبي، فما بالكم بهذا الجيل الذي لم يعتد على الكد والشقاء، إننا في وضع لا نُحسد عليه ليس في بلادنا فحسب، بل في سائر بلاد الإسلام والمسلمين، نكاد أن نقترب من مركز الدائرة لنكتشف الداء والدواء، ثم نعود القهقرى رويداً رويداً حتى نعود من حيث كانت البداية، ونحن في خضم هذه الأحداث الماثلة إقليمياً ودولياً علينا أن نراجع أنفسنا ونعيد حساباتنا قليلاً إلى الوراء وبالتحديد إلى العام 90- 91م فننظر كيف مزقنا كل ممزق في علاقاتنا في سياساتنا في كل شؤون حياتنا.
العالم من حولنا يتغير أي نعم سقطت دول وقيادات لكن سرعان ما عادت الأمور إلى حيث يجب أن تكون عليه، علينا أن ننظر إلى أوروبا الشرقية التي انهارت كلياً لكن البناء كان أسرع وأكثر وأكبر مما نتصور، لكن ما علينا فالأمر اليوم مختلف والوحدة العربية باتت مجرد أحلام، بل لم تعد أحلاماً، إنما صارت أوهاماً، وليت شعري ووحدة العرب التي لا وجود لها لا سابقاً ولا مستقبلاً، المهم أنه في خضم كل ما جرى لنا أبناء الأمة العربية نقول: ألم يحن الوقت بعد لاستلهام العبر وإعادة حساباتنا نعيد تقييم واقعنا بكل اعتمالاته.
واستكمالاً لما كان الحديث عليه بالأمس الثورة اليمنية وتاريخها والوطنية التي أصبح البعض يقلل من أهميتها ونخشى بالفعل أن تكرس قيم جديدة تزيد من الهوة بين أفراد المجتمع، وتاريخنا وهويتنا وفي هذه التناولة بودي أن أحكي لكم حكاية صادفتني مع أحد الإخوة من مصر الشقيقة قدم إلى اليمن قبل أكثر من "16" عاماً هو وزوجته وطفليه ثم أنجب في اليمن بقية أطفاله وعددهم جميعاً أربعة مع من قدموا من هناك، وكان الرجل جار لي طيلة السنوات قبل إلحاح أفراد أسرته في مصر بالعودة إلى بلاده ومع إصرارهم الشديد على عودته ومع أنه كان يرفض مبدأ مغادرة اليمن رفضاً قاطعاً، فالرجل يعشق اليمن وإلى حد الثمالة لكن وبعد إصرار عنيف من قبل بقية أفراد أسرته ونزولاً عند رغبتهم وإصرارهم الشيدد تحجج لهم بأنه يمر بضائقة مالية وعندما تفرج أموره سوف يقوم بشراء التذاكر كونه لا يملك قيمة تلك التذاكر وسوف يعود، لكن حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث قام الأهل في مصر بشراء التذاكر والحجز للرجل وأفراد أسرته وبعثوا له بتذاكر الطيران إلى صنعاء، عندها لم يكن أمامه إلا أن يعزم على الرحيل؛ ولأن الجيران لبعضها فقد شاهدت حالته النفسية ليلة المغادرة كان مستاءً فقررت أن أرفقه إلى مطار صنعاء لأودعه، وبالفعل كان ذلك لكن ما لم أكن أتوقعه أن الرجل وزوجته وكل أولاده دون استثناء وبمجرد أن تحركت السيارة باتجاه المطار كان النحيب والعويل وبصورة لا تصدق، ولم نصل المطار إلا وقد أبكوني معهم، بل في بوابة المطار وأنا أحاول أخفي دموعي، إذا بالرجل يعانقني ودموعه تذرف وكأني به ذاهب إلى مقصلة لا عائد إلى بلده، حركت سيارتي للعودة إلى منزلي وأثناء العودة لم يغب عني مشهد محمد الشعراوي وهو يبكي والأسئلة الكثيرة في رأسي: لماذا يعشق محمد الشعراوي هذا البلد وإلى هذا الحد! في الوقت أصبح البعض من أبناء هذا البلد لا يعيرون بلدهم هذا الاهتمام؟ ما الذي أبكى محمد الشعراوي؟ لماذا يبكي الشعراوي فراق اليمن؟ بينما لا يقدر أبناء هذا البلد قيمة وطنهم؟ لماذا ولماذا ولماذا حتى أنني لم أجد حتى الساعة إجابة لكل تساؤلاتي ولم أجروء أن أسأل العزيز محمد الشعراوي رغم تواصلي به هاتفياً لماذا كان يبكي؟ هل يبكي فراق اليمن أم فراق الأصدقاء والأحباب في اليمن، ولأنني وعدتكم التواصل الدائم فلا زال للموضوع صلة!.<