ممدوح طه
بعد نجاحه في انطلاق الثورة الصينية عام 1949 قال الزعيم الصيني الراحل «ماو تسي تونج» متحسراً: «إن بلاده لا تستطيع إطلاق ولو ثمرة بطاطا إلى الفضاء» لما كانت تعيش فيه الصين من تخلف تقني وفقر اقتصادي في منتصف القرن الماضي. .
ولكن مع بداية القرن الحالي عام 2003 استطاع التنين الصيني اللحاق بالدب الروسي والفيل الأميركي عندما انطلق «يانج لوي» أول رائد فضاء صيني في مركبة الفضاء «شينزو 5»، لتصبح الصين الشعبية هي الدولة الثالثة بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التي ترسل إنسانا إلى الفضاء وليس حبة بطاطا!
وفي عام 2005 نجحت الصين في إطلاق تجربتها الفضائية الثانية عبر المركبة الفضائية «شينزو 6» وبهرت العالم في جميع المجالات بمعدلات عالية في التنمية والتقدم التقني، توجتها على الأرض في بداية العام الحالي بحفل افتتاح «أولمبياد بكين» بإبهار فاق ما سبقه في أرقى دول العالم ،خصوصا بعدما نجحت في إحراز 56 ميدالية ذهبية، وفي عام 2008 في 27 سبتمبر الماضي تقدمت الصين إلى مرحلة عالية وبهرت العالم بما نجحت في إنجازه في الفضاء.
وبعودة «شينزو 7» مركبة الفضاء الصينية بنجاح إلى الأرض بعد أن أتمت مهمتها التاريخية في الفضاء بنجاح أصبحت الصين ثالث دولة العالم يسبح أحد روادها في الفضاء لتلحق بأميركا وروسيا في سباق الفضاء الذي بدأته روسيا ولحقت بها أميركا. . وتمكن رائد فضاء صيني لأول مرة من السير في الفضاء ، كما تمكن زملاؤه من إجراء التجارب العلمية، تحضيرا للمشروع الصيني لبناء محطة فضائية في2010.
ومثلما أصبحت الصين اليوم تنافس على صدارة عرش الاقتصاد العالمي بمعدل تنمية يصل إلى 11% وهي أعلى نسبة نمو في العالم متفوقة حتى على أميركا وروسيا، أضحت اليوم تسابق من سبقوها في مجال الفضاء، وحققت ما لم تستطع ألمانيا ولا اليابان ولا فرنسا ولا بريطانيا ولا إيطاليا ولا كندا وهي الدول الصناعية الكبرى تحقيقه في الفضاء!
ومثلما تابع العالم رحلة رائد الفضاء الروسي «يورى جاجارين» أو لرائد فضاء في العالم في أول اختراق لذلك العالم الغامض بانبهار شديد، وتعلقت أبصاره إلى السماء متطلعا إلى القمر بينما سمع عن هبوط رائد الفضاء الأميركي «جيمس أروين» على سطح القمر، ولم يصدق عينيه وهو يشاهد عبر شاشات التلفزيون أول إنسان يمشى على القمر!
فلقد تابع أيضاً يوم 27 سبتمبر الماضي باهتمام كبير مركبة الفضاء الصينية «تشينزو 7» وهي تنطلق إلى الفضاء بواسطة صاروخ صيني ، و شاهد بإعجاب عبر شاشات التلفزيون «جي جيانج» رائد الفضاء الصيني وهو يسير في الفضاء خارج مركبته بينما كانت تسبح بسرعتها الهائلة في الفضاء ليقطع في ربع ساعة مسافة 9165 كم بما يعادل ربع محيط الكرة الارضية عند خط الاستواء!
لقد تمكنت الصين بقوة الإرادة والتخطيط والعمل والصبر من تحدي الفقر والتخلف، وتمكنت بنهجها الاقتصادي والاجتماعي المناقض للنموذج الأميركي الغارق في الأزمات من إنجاز معظم أهدافها، وارتفعت مكانتها عاليا، بعدما رفع الصاروخ الصيني مركبة الفضاء بروادها الثلاثة في المدار الفضائي إلى ارتفاع أكثر من 300 كيلومتر من كوكب الأرض الذي مازال يعيش عليه العرب والمسلمون منذ آلاف السنين دون الخروج من جاذبية الأرض