محمد مرشد الإدريسي
"بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء"، صدقت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم، فقد حدث ما تنبئت به وأخبرت به، فها هي الفتن يعم بعضها بعضاً، وقلبت الحقائق حتى أصبح الصالح طالحاً والطالح صالحاً، وأصبح المتمسك بدينه ينظر إليه بعين الاحتقار والإزدراء، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيضاً حينما قال: "سيأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر"، وأيضاً قال: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم تسبق شهادة الرجل يمينه ويمينه شهادته"، وأيضاً قال: "سيأتي زمان يمر الرجل فيه على قبر أخيه الرجل يقول: يا ليتني مكانه" أو كما قال لما يرى من البلاوي والفتن، وأيضاً قال: "إذا أوسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة"، فهذا والله علماً من أعلام النبوة، فنجد أن الوظائف والمناصب لمن يملك الوساطات والرشاوى حتى ولو كان ليس لديه أي مؤهلات تأهله لنيل هذا المنصب أو الوظيفة، أما الذين يصلحون لهذه الأمور وإن كانوا ذوي شهادات عالية وليس معم ما يسمى ب "فيتامين واو" فهم يصبحون مهمشين، وأيضاً نشاهد الغش وأكل أموال الناس بالباطل، وترك الناس للكثير من أمور دينهم، وأيضاً فساد القضاء فلا تقم حدود الله، فالمفروض أن السارق تقطع يده، والزاني يجلد، والقاتل يقتل ولو كان من أبناء المشائخ وأبناء الوزراء، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال عندما جاء أسامة يشفع للمرأة التي زنت فقال: "أتشفع في حد من حدود الله، ووالله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، فموقف المسلم أن يقبل على الأعمال الصالحة وعبادة الله كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "بادروا بالأعمال الصالحة، فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا"، وأيضاً الإلتجاء إلى الله في أوقات الإستجابة بأن يثبته الله فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف شاء، وأن يرضي الإنسان ربه حتى ولو كان في سخط الناس كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أرضى الله بسخط الناس أرضى الله عليه الناس ورضي عليه، ومن أسخط الله برضى الناس أسخط الله عليه الناس وسخط عليه"، وأيضاً الحذر من صغائر الذنوب التي تجتمع على الإنسان فتهلكه، وأيضاً الحذر من البدع والمستحدثات، والابتعاد عن رفقاء السوء ومجالسة الصالحين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك أما أن يحذيك أو تشم منه رائحة طيبة، ونافخ الكير أما أن يحرق ثيابك أو تشم منه رائحة سيئة"، وأيضاً قال: "الرجل على دين خليله فلينظر الرجل من يخالل"، وأيضاً الابتعاد عن الشبهات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثيراُ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرئ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، إلا أن لكل ملك حمى، إلا وأن حمى الله محارمه، إلا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب"، أيضاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدر الإمكان، وأيضاً نبدأ بإصلاح أنفسنا حتى تصلح أمورنا ويصلح حكامنا فالله سبحانه وتعالى يقول: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وندعوا الناس إلى دينهم باللين والرفق لقول الله تعالى: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، وأيضاً من أسباب الهروب من الفتن التفقه في دين الله وطلب العلم الشرعي لنعبد الله على بصيرة وعلى بينة فالفلاح كل الفلاح في التمسك بدين الله والابتعاد عن معاصيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، إن السعيد لمن جنب الفتن، ولمن ابتلي فصبر فواهاه"، ونسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأل الله أن يصلح الراعي والرعية وكافة الأمة المحمدية والحمد لله رب العالمين.