ممدوح طه
لم تكن حرب أكتوبر المجيدة الذي صادف أمس ذكراها الخامسة والثلاثين هي أول حرب منتصرة لمصر وسوريا وكل العرب مع العدو الصهيوني المدعوم أميركياً بكل أسلحة القوة العسكرية والسياسية، بعد هزيمة معركة يونيو عام 67 التي لم تكن نهاية للحرب وثبت أنها لم تكن آخر الحروب.
فلقد سبقتها الحرب العدوانية الثلاثية الفاشلة على مصر في أكتوبر عام 1956 وخرجت منها مصر منتصرة بدعم سوريا وروسيا وكل الأحرار العرب بعد إجبار قوات أكبر إمبراطوريتين استعماريتين وفى ذيلهما إسرائيل على التسليم بالانسحاب ليس فقط من قناة السويس ولكن من سيناء ومن كل أرض مصر بعد مقاومة العدوان في بورسعيد وهروب إيدن وسقوط مولييه وانزواء بن غوريون.
كما تلتها حرب العدوانية الثنائية الإسرائيلية الأميركية الفاشلة على لبنان في يوليو عام 2006 والتى خرجت منها المقاومة منتصرة بدعم الشعوب العربية والإسلامية بعد أن أشلت أهدافها العسكرية والسياسية، وأطاحت نتائجها بوزير الحرب بل بكل الجنرالات من قيادات الجيش المقهور، وتواصلت نتائجها لتسقط قياداتها السياسية أخيراً.
ولن تكون حرب أكتوبر بما أحدثته من زلزال عسكري وسياسي في إسرائيل وتبديد أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. إلا إذا استوعب العرب أن النصر العسكري على العدو القوي ممكن، بل هو الممكن الوحيد ولكن بشروط.. أهمها الإيمان بالحق، وإرادة التحرير، والإدارة الصحيحة العسكرية والسياسية لتحقيق الهدف العسكري والسياسي الاستراتيجي للحرب على قاعدة أساسية من وحدة الهدف والصف بين القيادة والشعب وبين العرب والعرب.
أو إذا استوعب العدو الصهيوني الغاصب للأرض العربية وللحقوق الفلسطينية دروس الماضي والحاضر من هزيمة الصليبيين على يد المسلمين بقيادة البطل صلاح الدين في حطين على أرض فلسطين.
ومن هزيمة جيوش المحتلين والمستوطنين الفرنسيين للجزائر على يد المقاومين الوطنيين الجزائريين في جبهة التحرير، خلاصة الدروس واحدة هي أن الاحتلال بالقوة مشروع فاشل لابد له في النهاية من الزوال، وأن القوة العدوانية للجيوش مهما بلغ جبروتها أضعف من المقاومة المشروعة للشعوب.
ولقد تحققت شروط الانتصار في حرب أكتوبر عام 73 مثلما سبق أن تحققت في حرب أكتوبر عام 56، في اكتوبر73 دخلت مصر وسوريا المعركة وقد تحقق لهما في بداية الحرب شرط وحدة الهدف ووحدة الصف حينما جمعتهما مع ليبيا دولة اتحادية واحدة هي «اتحاد الجمهوريات العربية» مع دعم عربي شعبي ورسمي كبير تكاملت فيه كل القوى العربية العسكرية والسياسية والاقتصادية.
وفى حين شاركت قوات عربية مغربية وجزائرية وعراقية وسودانية وكويتية وليبية من معظم الدول العربية في الجبهتين السورية والمصرية، وأغلق الجيش اليمني مضيق باب المندب مثلما أغلقت قناة السويس. . قطع العرب وفى مقدمتهم الدول الخليجية العربية بمبادرة سعودية وإماراتية البترول عن الدول الغربية الداعمة للعدو وبقيت مقولة خالد الذكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خالدة في أسماع كل العرب «ان الدم العربي أغلى من النفط العربي». . في أكتوبر حققت مصر بدعم العرب وتضحيات وشجاعة قواتها وقوادها انتصاراً عسكرياً لا شكوك فيه، وبقيت النتائج السياسية للحرب هي مثار للجدل والخلاف حتى اليوم والذي لا يمكن أن ينتهي إلا بعد تحرير كل الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية والعراقية من احتلال كل المعتدين سلماً أو قتالاً أو مقاومة ليمضي زمن الهزائم ويجيء زمن الانتصار العسكري والسياسي الكامل والشامل لمصر ولكل العرب.