احمد عمرابي
كيف يمكن لإسرائيل أن تنال اعترافاً عربياً جماعياً من دون أن تجد نفسها مضطرة إلى تصفية احتلالها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية؟
هذه هي المعادلة المثلى في وجهة النظر الإسرائيلية المدعومة أميركياً. وهكذا نفهم لماذا تجاهلت القيادة الإسرائيلية مشروع «المبادرة» العربية لأن المبادرة تشترط في مقابل اعتراف عربي كامل بالدولة اليهودية جلاء إسرائيل بالكامل عن الأراضي العربية الواقعة تحت احتلالها.
لقد اعتبرت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة أن شوكة العرب والقومية العربية قد انكسرت تماماً منذ هزيمة 1967 وأن مما ضاعف من حالة الانكسار العربي حلول عصر معاهدات السلام: كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو، واستناداً إلى هذه الحالة اتجه التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي الأميركي صوب استنباط صيغة وعاء تنظيمي يجمع الدول العربية مع إسرائيل مع بقاء الاحتلال الاستيطاني.
الفكرة ليست جديدة، وكان أول من ابتدرها علناً رئيس الحكومة الإسرائي لية السابق شمعون بيريز فور إبرام اتفاق أوسلو في عام 1993. واتخذت فكرة بيريز شكل مشروع للتكامل الاقتصادي التنموي بين إسرائيل وكل الدول العربية. ولهذا الغاية تضمن المشروع إنشاء بنك على المستوى الإقليمي لتمويل مشروعات تنموية مشتركة بين إسرائيل والدول العربية.
بعد مرور عقد زمني صدر عن واشنطن «مشروع الشرق الأوسط الكبير» في عهد إدارة جورج بوش الابن. وبينما دعا مشروع الرئيس الأميركي إلى تعميم الديمقراطية في الإقليم فإن الهدف الأكبر والحقيقي من ورائه كان دمج إسرائيل في النسيج العربي بحيث تكون الدولة اليهودية قاطرة للاقتصادات العربية وتكن البلدان العربية سوقاً كبيرة لفائض الإنتاج السلعي الإسرائيلي، وتكون إسرائيل بذلك القوة الإقليمية العظمى الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط.
الملامح العامة لهذا المشروع الأميركي تتشابه مع مشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أعلنه رسمياً العام الماضي باسم «الاتحاد المتوسطي»، وهو تنظيم إقليمي يُراد له أن تتكون عضويته من الدول المشاطئة للبحر الأبيض المتوسط بما في ذلك دول عربية وإسرائيل.
كل هذه المشروعات افتقرت إلى النجاح لأن الهدف غير المعلن في كل منها هو وضع نهاية للصراع العربي الإسرائيلي لمصلحة إسرائيل وعلى حساب الحقوق العربية، وهو صراع لن ينتهي من دون تسوية عادلة ومستديمة.