عبدالباسط الشميري
abast 66 @ maktoob.com
كان هناك حاجة بل ضرورة لدى القوى الدولية بسقوط الحكومة الصومالية لذلك اشتغل العالم كله في العام 1990م على أزمة الخليج وإشعال حرب الخليج الثانية في 17 يناير 1991م، وتزامن مع هذه الحرب سقوط دولة الصومال وفرار سياد بري إلى خارج الصومال وبقاء الصومال شعب بلا دولة، وطيلة هذه الفترة كان حسب اعتقادنا كان يحاك مخططاً دولياً وإقليمياً للوصول إلى هذا الوضع، فظهور القراصنة وتزايد نشاطهم وبهذه الوتيرة العالية مؤخراً في البحر العربي والمحيط وخليج عدن يعد مؤشراً خطيراً بل هذا يدلل على أن هناك أزمة بل كارثة يحضر لها لتحل في هذا المكان "القرن الأفريقي بل المنطقة بأسرها"، إننا وبصريح العبارة مقبلون على تطورات خطيرة يصعب التنبوء بتبعاتها، فتواجد جمعيات ومنظمات صهيونية تعمل في المجال الإنساني على أرض الصومال طيلة الفترة الماضية، وورود هذا وفي تقارير دولية عديدة تجعلنا نتمسك بالرؤية التي تقول بأن من مصلحة كل القوى الطامحة للتواجد في هذا المكان الخطير أن تزداد مثل هذه العمليات الإرهابية لتكون هناك ذريعة أو شرعية لتواجدها طالما وأن العرب أو الدول المطلة ليس بمقدورها حماية السفن والقطع البحرية التي تمر في المياه الدولية.
فالحق والحق نقول إننا معنيون كعرب بما يجري في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن لكن ما الذي ينبغي أن نفعله؟ أو ماذا فعل العرب في منتصف العقد السبعيني في العام 1975م حيث عقدت قمة الدول المطلة على البحر الأحمر في تعز وشاركت فيها جميع الدول ما عدا السعودية التي لم تذكر أسباب غيابها، لكن الواضح أن هناك قوى دولية كانت تحاول التواجد في المكان وتحت مبررات عدة لكنها واجهت رفضاً عربياً قوياً ولم تعقد القمة إلا لدعم عربي بلا شك آنذاك، كما أن الظروف التي كان عليه العالم "الحرب الباردة" في ظل وجود المعسكرين الشرقي والغربي ربما ساعد على تأجيل الشروع في القدوم إلى القرن الأفريقي وبهذه الكثافة، لكن اليوم الساحة العربية تخلو من موقف مشرف ينتشل المنطقة مما هي فيه من حالة يأس وبؤس وحرمان وإلى درجة الإحباط، في الماضي القريب اعتقدت الإدارة الأميركية أن رفع أسعار النفط وإلى المستوى القياسي الذي وصل إليه سعر برميل النفط سيكون بمقدورها وحلفائها تسديد فاتورة حربي العراق وأفغانستان، لكن بيد وأن الماء تكذب الغطاس فقد وصلت أسعار النفط إلى ما يقارب "150" دولاراً للبرميل لكن بالمقابل وصلت كلفة الحرب على العراق إلى حدود العشرة مليار دولار شهرياً هذا بخلاف الخسائر البشرية، إننا أمام معضلة اقتصادية لن تصيب أميركا خاصة بل ستمتد الكارثة وستتفاقم الأوضاع الاقتصادية عربياً وعالمياً لكن أكثر ما نخشى حقيقة أن تتجه الحكومات العربية باتجاه دعم الدولار فتنسى وبذات العقلية القديمة نفسها ثم يتم ترحيل المشاكل والمعضلات الداخلية من تعليم وصحة وثقافة وتنمية إلخ حتى إذا ما كان الاستحقاق المحلي في أوجه تكون قد ذهبت الميزانيات في دعم الاقتصاد العالمي الذي لا ناقة لنا فيه ولا جمل، وإنما كنا نجني نتاج سياسات خاطئة تم الأخذ بها في فترة من الزمن، لكن من يحمي من؟ ومن ينقذ من اليوم؟
لا طاقة لنا ولا لواشنطن ولا طاقة للعالم بأسره بأزمة كتلك التي نتحدث عنها الآن، فالزمن قد تغير والمعطيات تبدلت ولم يعد أمامنا إلا مواكبة المتغيرات أو فليلتهمنا البحر ولا راد لقضاء الله ودمتم.<