محمد مرشد الإدريسي
تعقيباً على موضوع الأخت/ كروان "القتل باسم الفقر" في العدد "1511" وما احتوته من قصة مؤثرة بأن رجلاً سمم نفسه وأولاده من أجل الفقر أردت أن أشير إلى ضعف إيمان هذا الرجل وقلة توكله على الله مهما بلغ به الفقر والحاجة وبوقوعه في جريمة لا يغفرها الشرع والقانون أولاً بقتل النفس التي حرم الله والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم"، وأيضاً قال: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يمس دماً حراماً"، ثم وقوعه أخيراً في قتل نفسه الذي يدل على ضعفه في مواجهة تحديات الحياة مهما بلغت صعوبتها، وأيضاً لحماقته، فالذي ينتحر للهروب من مشكلة أو كارثة إنما يستجير من الرمضاء بالنار، فالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام قال: "من طعن نفسه بحديدة فحديدته في يده يطعن نفسه بها في نار جهنم خالداً مخلداً فيها، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى منه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها"، وأيضاً لقنوطه من رحمة الله القائل: "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"، وأيضاً المنتحر يعتبر متحدٍ لله سبحانه وغير راضٍ على قضائه وقدره، فنوجه إلى مثل هؤلاء الذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت والذين يعانون من مشقات الحياة ومن الفقر أن يبدأوا بإصلاح أحوالهم مع الله وأنفسهم لقول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وأن يحاولوا إصلاح أوضاعهم بالأساليب الشرعية الذي أبدأ مستعيناً بالله في سردها أولاً بالصبر وانتظار الفرج والاستيقان بأن بعد العسر يسر، فالله سبحانه وتعالى يقول: "فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا"، وضح النبي عليه أفضل الصلاة والسلام هذه الآية بقوله: "لن يغلب عسراً يسيرين، وإنه لو كان العسر في جبل لتبعه يسر"، وأيضاً قول الله تعالى: "سيجعل الله بعد عسراً يسرا"، وأيضاً الاجتهاد في الدعاء واللجوء إلى الله بإصلاح الأحوال لقول الله تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعٍ إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، وقوله: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله"، وقوله: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"، فالله أمرنا بالدعاء ووصف الدعاء بالعبادة لحديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: "الدعاء هو العبادة"، ووصف الله من تركه بالمتكبر والحاد عن طريقه وتوعده بالعذاب الأليم، وأيضاً الثقة بالله سبحانه تعالى بأن يصلح الأوضاع والأمور للحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء"، وأيضاً يجب على من ولاه الله أمر المسلمين أن يهتم بمثل هذه الفئة الفقيرة، وأيضاً الأغنياء لا ينسوا إخوانهم الفقراء ولا يكون هَمُ الإنسان نفسه فقط، فيجب على المجتمع أن يكون مترابطاً كالجسد الواحد كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وأيضاً قال: "لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع"، هذا ونسأل الله أن يصلح حال المسلمين والحمد لله رب العالمين.