أحمد مهدي سالم
الماء هبة عظيمة، وثروة نادرة، ونعمة منَّ الله علينا بها بكميات كبيرة.
كانت م/ أبين ترقد على بحيرة مياه بل بحيرات لعهود طويلة، وظهرت النهضات والحضارات الزراعية، وتوفرت أنواع كثيرة من الخضار والفواكة، ومختلف أنواع الأشجار والنباتات، والماء موجود في كل بيت، وعلى قساوة الحياة التي استشعرها الناس في عدة صعد، وقلقهم من المستقبل، لم يفكروا قط أنهم في يوم من الأيام سيواجهون مشكلة اسمها انعدام الماء كما هو حاصل في الفترة الأخيرة التي تقاقمت، ووصلت في الوقت الحالي إلى أزمة حادة، وأصبحت قطرة الماء عزيزة، علماً بأن حوض أبين كان من أكبر وأوسع أحواض الجمهورية الأربعة عشر، وكنا نسمع عن تناقص المياه في حوض صنعاء، ثم في حوض تعز، وهاهي مدن أبين مثل زنجبار وجعار والمخزن والحصن وغيرها تشتد فيها الأزمة، وشوهد الاطفال والأولاد والرجال وهم يحملون "الداب" الصفراء، وما أقسى أن يتم تطليع الماء بها من الدور الأول إلى الدور الثاني أو الثالث، مما أدى إلى حشد تجمعات ناقمة، ومسيرات غاضبة حصل فيها اصطدام مع قوات الأمن وجرح البعض، وأعتقل البعض الآخر "حادثة المخزن ثم حي الطميسي في زنجبار .. مثلاً".
واستمرت المعاناة والآلام والسلطة المحلية في المحافظة تتفرج، وربما تتلذذ بتعذيب المواطنين.
كان أحد أسباب الأزمة الاستنزاف العشوائي من آبار الحصن الذي يغذي طبعاً بواسطة الأنابيب معظم مناطق م/عدن، ولذلك تداعت الجهود، وتنادت الأصوات لتشكيل لجنة حوض مياه دلتا أبين بدعم من المؤسسة الألمانية للتعاون الفني "G.T.Z"، وشرعت اللجنة في خطوات عملية للتوعية بأهمية الماء لأنه أصبح مشكلة حادة، ومقلقة أثارت الغضب، ورفعت صخب الحديث في المقايل والمنتديات.
واجتمعت لمدينة جعار مشكلتان: الأولى الانفلات الأمني، والثانية انعدام الماء في الوقت الذي تنتظم فيه الفواتير بالوصول إلى المنازل.
ولأهمية المشكلة والقضية التي وصلت إلى مستويات عليا، أقامت لجنة حوض المياه فعالية رمضانية مهمة في منتدى الوحدة بزنجبار بحضور الأخ المحافظ المهندس/ أحمد بن أحمد الميسري، وعدد نوعي من مدراء العموم والمختصين والشخصيات وخطباء وأئمة المساجد.
ودار نقاش صريح وحاد في بعض الأحيان، واتهامات بالتعطيل والتخريب، وذكر أن من أسباب الأزمة هو الاستنزاف العشوائي لمياه الآبار الذاهبة إلى عدن، وكثرة الحفر لآبار المزارع، والتعطيل المتعمد والتوقف عن إمدادات المنازل بالمياه من قبل بعض عمال المؤسسة، وسرقة عدد من المزارعين المياه من الخط الرئيسي، وتحويلها إلى مزارعهم،ونقص التوعية بالماء، وشددت المداخلات والطروحات على أهمية وضع معالجات سريعة ما لم فإن المواطنين سيتصاعد غضبهم، ويصل إلى قطع وتكسير الأنابيب التي تنقل الماء إلى عدن حسب طرح المهندس/ علي صالح البلعيدي الوكيل الأسبق، واتهامات مباشرة ومبطنة بأن المحافظ منذ انتخابه وهو ينتقد ولم يعمل شيئاً ملموساً.
وكان رد الأخ المحافظ قوياً وواضحاً بأن الفترة القادمة ستشهد تغييرات، وستضرب الدولة أوكار الفساد أينما كانت، وأياً كان حجمها، وطمأن الحاضرين وهم من شرائح المجتمع بأن مشكلة المياه في طريقها إلى الحل.
ونتمنى أن يصدق المحافظ في كلامه مع أن الكثيرين يشكون ويتشككون في تحقيق ذلك لكثرة ما توارثته المحافظة من فساد واختلالات أمنية، والفساد عرَّش ونصب أطنابه عندنا"، وما يهم الناس في أبين حالياً هو حل مشكلة الماء، نعم الماء الذي يجب أن يصل إلى كل بيت كما كان في السابق.
ولا نريد أن ينطبق على أبين حال قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول
تصوروا.. مطلب بسيط يا محافظ، وأصبح صعب المنال، وإننا ننتظر ونتمنى أن لا يطول الانتظار.