عبدالباسط الشميري
abast 66 @ maktoob.com
لم نعد بحاجة كبيرة للتحليل والتدقيق في هوية من يختطف سفينة أو قارب صيد في مياه البحر العربي أو في المحيط أو خليج عدن، فأصابع الاتهام مباشرة توجه لقراصنة البحر من الصوماليين ولا غير، ولا نستبعد وفي أية لحظة أن يطلق على هؤلاء القراصنة مسمى أكبر من حجمهم الطبيعي كما هو الحال مع القاعدة التي كانت لا تمثل سوى مجموعة من المقاتلين العرب الذي قدمت لهم حكومة واشنطن قبل غيرها الدعم والمساندة ثم كانت كل تلك الهيلمة والبهرج الإعلامي المتعاظم حتى صار لهذه القاعدة أيدي وأرجل في مختلف قارات العالم، فتمتد عملياتها الإرهابية من أميركا إلى أوروبا إلى أفريقيا وآسيا، بل أينما شاءت أن تضرب لا أحداً يقدر أن يقف أمامها، حتى غدت القوة العظمى المتفردة بالقرار العالمي تتوسل وتطلب القاعدة فتدعوها للدخول في حوار سلمي مع حكومة "كرازي"، وهذا في وقت كانت واشنطن بكل هيلمانها وعنجهيتها ترفض مجرد الدخول في نقاش حول هذا الأمر، لكن اليوم تبدلت المعادلة وخطر القاعدة ربما زال أو أنها خسرت المعركة، فسبعة أعوام من المعارك والقتال في أفغانستان هي مدة كافية لاختبار مدى قدرة أي جيش في حسم صراع مع مجموعات غير منظمة ولا تمتلك من الأسلحة إلا النزر اليسير، فكيف الحال وقد هرعت إلى أفغانستان، كل تلك القوات والجيوش وهي محملة بتلك الأسلحة والمعدات الحديثة وكانت عاقدة العزم على الفتك بطالبان أو القاعدة واستئصال شئفتيهما، وها هي سبع سنوات عجاف تمر ولم يحدث من ذلك شيء، بل لقد انقلب السحر على الساحر وسقطت أميركا في الوحل فأفلست البنوك وتفاقمت الأزمة المالية ووصلت الأمور إلى حد أصبح الحوار مع القاعدة مشروعاً، ويعلم الله ماذا تحمل لنا الأيام القادمة؟ نقول هذا ونحن لا نستغرب مثل هذا الأمر، كون ما قامت به واشنطن وحلفاؤها منذ تسعينيات القرن الماضي كان ينبئ ببعض مما حدث ومما سيحدث، فالكوارث تتلاحق على عالمنا والمصائب تخلق ومن كل جانب، فلا استقرار سياسي ولا استقرار اقتصادي ولا سلم اجتماعي، العالم غدا غابة موحشة والعرب اليوم هم أكثر حاجة من أي وقت مضى لوقفة صدق مع النفس ومراجعة سياساتهم، صحيح أنه لا ناقة لهم ولا جمل في كل الأحداث الطارئة وهم مسيرون وليسوا مخيرين، لكن أزعم أن الفرصة مواتية لهم لإعادة النظر في سياساتهم الاقتصادية، فالاستثمار في الوطن العربي ربما أفضل من الاستثمار في الغرب، قد تكون الأرباح ضئيلة مقارنة بما يحصلون عليه هناك، لكن الوحدة الاقتصادية العربية باتت ضرورة والوطن العربي بحاجة ماسة لضخ ملايين من الدولارات لإقامة مشاريع إستراتيجية كبرى لانتشال الناس من حالة الفقر والحاجة على طول وعرض مسا الوطن العربي ، إن النواب الأميركان من الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي اتفقا على وضع خطة إنقاذ للاقتصاد الأميركي من الانهيار برغم العداء والتنافس التاريخي بينهما.. أليس الأجدر بنا كعرب أن ننظر إلى مصالحنا من الزاوية التي نظر إليها الأميركان فنحقق ولو جزءاً يسيراً من مشروعنا الاقتصادي العربي أو لنضع اللبنات الأولى له؟؟، والزمن وحده قادر على مدنا بعد الله بالعون والمدد.