طه العامري
ameritaha@gmail. com
تعاملنا الحكومة الموقرة " لعبة الغماية " التي كنا نلعبها ونحن أطفال في القرى والأرياف، واليوم الحكومة تعيد ذات اللعبة ولكن بصورة شمولية ومتسعة فهي تلاعب بها الشعب بكامله وبكل شرائحه وأطيافه ومكوناته الاجتماعية وطبقاته وخاصة فيما يتصل بإدارة الحكومة للقضايا الحياتية اليومية المتصلة بحاجيات المواطن وطلباته وما يحتاج من السلع الأساسية والضرورية والتي تتصاعد أسعارها وتبرر الحكومة هذا التصاعد بكونه ظاهرة عالمية ونبرر لهاء نحن مبررها هذا بل ونسطر المقالات ونحلل ونفلسف كل هذه الظواهر التصاعدية للأسعار بثقة العارف المتيقن والملم بشؤون الكون ومعطياته والمسألة سلامات فالعائد الذي نجنيه من كيل المديح للحكومة لا يساوي ثمن الورق والحبر الذي نسطر بهم مقالات التبرير، ولكن في الأخير نحن مطالبون أن نسأل الحكومة حين تتراجع الأسعار الدولية ونقول بقدر من الذهول: لماذا لا تتراجع الأسعار في بلادنا. . ؟ أم أن أسعارنا منحت رخصة وطنية ودولية لتمضي للأمام وأن العودة للخلف عيب وفعل ليس من شيم الشجعان الذين لا يتراجعون بل يمضون قدماً دون أن يكلفوا أنفسهم التأمل للخلف حتى للتأكد من علامات خطاًهم التي ترَّكتى على صوابر شعب وطبعت على هاماته بصورة نكد وهم وهرم وشجون لا أولما ولا اخر؟!!
تصاعدت الأسعار وقيل أن برميل النفط وصل إلى "150 دولاراً" فقلنا تبرير معقول، لكن الدولار تراجع كقيمة شرائية وتراجع سعر برميل النفط بما يعادل النصف وغدا سعر البرميل في الأسواق الدولية ما دون "80 دولاراً" ونحن نتابع كل الأزمات والعواصف والكوارث ونعلم جيداً ما يضرنا منها وما يتم توظيفه بصورة تهويل وعلى قاعدة مصائب قوم عند قوم فوائد. . ؟؟
إذاً أليس المطلوب من الحكومة وحتى تحظى بقدر ولو يسير من المصداقية أن تصدق مع شعبها؟ ونتأكد فعلاً كمواطنين أن حكومتنا هي شريكة فعلية للعالم من حولنا وهذا لن يتأتي بدون أن جدلية الصعود والهبوط على اعتبار أننا جزء من المنظومة الاقتصادية ونخوض معترك الحوار مع منظمات الجات والدول المانحة مع علمي أننا نواجه واحداً من أخطر التحديات الحضارية وهو الجفاف الذي يضرب بلادنا طولها وعرضها ومن أقصاها إلى أدناها والكل يعاني من مشكلة المياه في الريف والمدينة مع الفارق أننا في المدن نعيش على شراء المياه وهي بالحد الأدنى متوفرة حتى حين لكن بعد الأرياف من أين لنا "بويتات" تزودنا بالمياه، مع العلم أننا في قريتي وخلال أيام العيد لم أتمكن من البقاء فيها لأكثر من يومين بسبب انعدام المياه وشحة الأمطار وليس من مغيث لأهل القرى غير الله الرحمن الرحيم الذي وحده القادر على إنقاذ سكان الريف والقرى من الموت عطشاً وقهراً ونكداً فيما الحكومة المعنية تواصل ذات الطريق الذي لا نهاية له ولا نهاية للكوارث المترتبة عليه. . !!
بيد أن الحال في بلادنا مثير بل وأكثر من مثير فالبائع هنا يشكي ويتذمر والمشتري لا يقل عنه شكوى وتذمراً والمسؤول مقهور والمواطن مكسور ولا ندري من منا مرتاح ومطمئن وواثق بالقادم غير أولئك الذين أنذروا أنفسهم لله وبلغوا مرحلة الزهد واليقين بعظمة الخالق، وليس من يرصد بيانات وتصريحات الحكومة ويسمع تقاريرها التي تثير أكثر من علامات استفهام ولكن في عقول ذوي الألباب. . !!
من يصدق أن كلفة الكيس الأسمنت مثلاً في بلادنا تصل إلى قرابة ألف ريال بعد تصاعد سعر الليتر المازوت من "ريالين" إلى "150 ريالاً"وسعر الليتر الديزل من 2. 5 إلى "450 ريالاً" فإذا كان الكيس الأسمنت يحتاج إلى لترين ونصف الليتر من الديزل فماذا بعد. . ؟؟ هذا مثال فقط للأسعار التي تهبط عالمياً ولا تنعكس علينا حيث التصاعد لا يتراجع بل وهناك ألف ذريعة ومبرر تسوق وكل الأمر يبدو "لعبة غماية" وضحك على الذقون وشعب لا ندري إن كان عرطة أو معروط. . ؟؟
مثال آخر علبة السجائر كمران مثالاً تباع من قبل الشركة فقط بقرابة "28 ريالاً" أو اقل فيما بقية القيمة تذهب للحكومة بصورة دعم للصناديق والدواليب ولا ندري النهاية التي قد تصل بنا إليها الحكومة التي بدورها تعيش حالة من الاتكال والتوكل على السميع العليم، وحين تبرز ظاهرة هناء أو أزمة هناك تنطلق التصريحات من كل حدب وصوب والكل يؤكد أننا في السليم وأننا بعيدون عن الزلازل والبراكين والعواصف والأزمات. . طيب لو كنا كما يقول هؤلاء لماذا لم تتراجع الأسعار حتى تراجع رمزي. . ؟ لماذا لا نشعر بالتراجع، ولماذا التصاعد هو الذي يقهرنا ويكسر ظهورنا فيما التراجع لا مكان له في قاموسنا من باب العيب ربما جزءاً من ثقافتنا العرفية والقبلية. . ؟؟
لماذا لم تعمل حكومتنا كما تعمل كل حكومات العالم، أي تمشي مع الموجه فإن خفت الموجة خفينا وإن ثقلت تلقيناها بظهورنا وببقايا أجساد متهالكة لم ترتاح من وطئة ما تحمل يوماً. . ؟؟
الحكومة ومثلها الأحزاب والفعاليات والمنظمات المختلفة الولاءات والمسميات والأهداف والغايات، الكل منهمك بالحديث عن الانتخابات وليس هناك من يقف أمام ظواهر اقتصادية واجتماعية قاتلة، من أزمات الشراء والبيع والاستيراد والتصنيع إلى أزمة الأموال والمياه والتمويل والخدمات، وأزمة الوعي القائمة في أوساط النخب المعنية التي لا تعرف حقيقة في غالبها الظروف الحياتية لأبناء الشعب وخاصة في الأرياف حيث شربة المياه تساوي لدى سكان الريف كرسي وزارة بالنسبة لأعضاء الفعاليات الحزبية ونشطاء المنظمات المدنية الذين يناضلون على حقوق الإنسان داخل المدن وأمام وسائل الإعلام فيما حقوق الإنسان في القرى والأرياف تنتهك بسبب شربة مياه ليس بالضرورة أن تكون نقية أو صحية بل يقبلون أولئك بالمياه الراكدة أن توفرت فهي خير وبركة وعنوان خير. . وعليه أقترح على كل نشطاء المشهد الحزبي ونشطا منظمات الحقوق والحريات والمنظمات المدنية ودعاة حقوق الإنسان - أقترح على كل هؤلاء القيام بجولة خارج العاصمة والمدن الرئيسية، جولة إلى أرياف اليمن وقرءها ليدركوا أن هناك شعب عظيماً ويكفيه عظمة أنه صابر على أمثالهم وعلى نزقهم السفسطائي المثير للقرف. . !!
إن الانتخابات أيها السادة ليست ذات جدوى أو معنى إن كان هناك مواطنين يحلمون بشربة ماء أن رحلة للريف اليمني فعل في الكثير الذي قد يعلم على هؤلاء أبجدية الولاء والانتماء والشعور بالهوية الوطنية ومعنى أن يحب الإنسان وطنه، واعتقد لو أن واحداً من هؤلاء النشطا يعيش في قرية ريفية لكان كفر بكل ما في الوطن وليس مارس الكيد ضد الحكومة والنزق مع أن الحكومة لا تقل عن هؤلاء كيداً بنفسها وبسيادتها خاصة وهي تهرول خلف أوهام تاركة كل الحقائق على حالها تنهش بذاكرة المواطن وحياته وكأنها داء عضال لا يقل خطورة عن "البلهاريسيا " فتكاً في المريض. . !!