عبدالوارث النجري
مع مرور الأيام والليالي وسباقاً مع الزمن تتغير كافة الملامح المعروفة والخطط والبرامج حتى النوايا والأهداف وكل ما هو سري للغاية، لذا فإن الظرف الذي قال فيه رئيس الجمهورية إن الحكم في اليمن كاللعب على رؤوس الثعابين يختلف تماماً عن اليوم، فتلك الثعابين التي كانت لا تتجاوز في الأمس المائة أصبحت اليوم بمئات الألاف، لذا فإنه كلما تغير الزمن يكون طردياً مع ارتفاع عدد الثعابين وصار من الصعب التحكم في اللعبة على رؤوس تلك الثعابين، فثعابين عصر العولمة والإنترنت هي بلا شك أقوى وأذكى من ثعابين زمان، كما أنه فيما مضى كان يمكن تحديد تلك الثعابين وتسميتها، لكنه اليوم وفي ظل المناخ الديمقراطي والمتغيرات الدولية والإقليمية صار من الصعب جداً معرفة تلك الثعابين المراد اللعب على رؤوسها، خاصة في ظل التكتلات الجديدة التي صارت تظهر على الساحة في مختلف القطاعات السياسية والقبلية والسياسية والاجتماعية والطائفية والمناطقية والاقتصادية وغيرها، حيث صارت ويا للأسف تلك التكتلات تتحكم في سير العديد من المرافق الحكومية وسياساتها وخططها وبرامجها، ولم يصل الأمر إلى ذلك فحسب، بل وصلت الكثير من تلك التكتلات إلى رئاسة الجمهورية وبطانة مصدر القرار، حيث يلاحظ أن مكتب رئاسة الجمهورية وبطانة مصدر القرار، حيث يلاحظ أن مكتب رئاسة الجمهورية والأمانة العامة يحتويان على مئات الثعابين التي هي على أتم الاستعداد أن تبذل جهدها في كل لحظة حتى لا يتم اكتشافها واللعب على رؤوسها!! ولا شك أن ضعف أداء الجهاز الأمني "السياسي والقومي" في الأونة الأخيرة ساهم وبشكل مباشر في انتشار مثل تلك الثعابين واختراقها لكافة مرافق أجهزة الدولة بحيث صارت قريبة من مصدر القرار وكلامها مصدق وموثوق به لدى القيادة السياسية، ولعل ما حدث من تصريحات مسبقة خير شاهد على ذلك سواء فيما يخص الكهرباء النووية أو غيرها، ولعل ما يجري اليوم هو تواصلاً لمسلسل التضليل والمناكفات والمماحكات المتبادلة بين رؤوس تلك الثعابين وتكتلاتها سواء صناعة الأزمات داخل البلاد مثل أزمة الديزل والبترول والغاز أو اختبارات مادة الفيزياء ونتائج الشهادة الثانوية المفجعة وأخيراً التطمينات حول عدم حدوث أو تعرض بلادنا لآثار سلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، حيث أصبحت الحكومة بفعل تلك التكتلات المسيطرة عليها تستحق بعقول المواطنين، متناسية أنها لا تزال وحتى اليوم عاجزة عن ضبط الأسعار في الأسواق التجارية مبررة بذلك أن الغلاء عالمي، دون أجراء أي معالجات لموجة الغلاء لولا تدخل المؤسسة الاقتصادية اليمنية في حل أزمة القمح والدقيق، وهذا ليس بالجديد على حكومة بلادنا الحالية ذات التكتلات المختلفة، والتي لا تعي ما يدور في العالم من متغيرات وتكتلات جديدة وعلى المستوى الإقليمي بالذات، كما أن الملاحظ لسياحة هذه الحكومة يجدها تتشدق في خطاباتها وإعلامها الرسمي عن تنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية، في الوقت الذي نجد فيه سياساتها وخططها وبرامجها ستكون نتائجها وأهدافها بعيدة كل البعد عن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، بل ستعمل على انهيار الاقتصاد الوطني وعرقلة برنامج التنمية في بلادنا عدة سنوات قادمة، فالحكومة التي تسعى إلى محاربة الموارد والثروات المحلية من خلال عدم ضبط المواد المهربة وعدم تفعيل الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس من سبب دخول المواد الفاسدة والسامة إلى بلادنا ليست بالحكومة الناجحة، والحكومة التي تقف أمام مجلس النواب لتشكوا من قيام بعض الأشخاص بتهريب مادة الديزل دون أن تذكرهم بالأسم حكومة عاجزة وفاشلة والحكومة التي يرتفع في عهدها عدد المشاريع التنموية المتعثرة من عام لآخر مستهترة وغير نافعة، والحكومة التي يتجذر في عهدها الفساد المالي والالخدمي وانتشار الرشوة في مختلف المرافق الحكومية تعتبر حكومة متأمرة وفاسدة، وعلى كل فإنه في الوقت الذي نجد فيه الحزب الحاكم وأعلامه هو أول المدافعين على أعضاء هذه الحكومة وفسادهم نجد أن سياسة الحكومة نفسها عكس توجهات وطموح الحزب الحاكم وميثاقه الوطني، كذلك نجد أن العناصر المستفيدة على الوضع الحالي للمؤسسات الحكومية هي عناصر تنتمي إلى أحزاب المعارضة وليس إلى الحزب الحاكم!! وهناك العديد من التوجيهات لبعض الوزراء تخدم قيادات وعناصر نشطة في أحزاب المعارضة وبصورة مخالفة، وحتى لا تذهب بعيداً عن عنوان هذا الموضوع فإن ما يجري داخل الحكو مة ما هو إلا نتاج لما تلعبه تلك التكتلات المستحدثة داخل البلاد والتي تلهث وراء مصالحها وأطماعها الشخصية وتسخر كافة المرافق والمؤسسات الحكومية لخدمة وتحقيق ذلك، وما دام وتلك التكتلات البعض منها قد حصل على ثقة مصدر القرار فإنه صار من الصعب على الرئيس أو غيره اللعب على رؤوس تلك الثعابين التي تظهر أمام فخامته بالسالمة والوديعة وخارج أسوار دار الرئاسة تكشر أنيابها لتضرب بها سكان عصر والختارش وبسبب طمع وجشع مكبوت في صدورها منذ عشرات السنين تناست بأنه في حال حدوث الكارثة لا قدر الله سيكونوا هم أول المكتوين بنار فسادهم قبل المواطن العادي الذي اعتاد على مواجهة وتجرع الأزمات والمحن!!