;

أزمة الأسواق.. وأزمة الأخلاق 807

2008-10-19 22:17:11

ممدوح طه

انقسم المفكرون الاقتصاديون في تحليلاتهم للأزمات التي يواجهها العالم الرأسمالي الآن بين عدة خلاصات بعضها يخرج من خلفيات علمية أو دينية أو أيديولوجية أو تحليلية موضوعية بغض النظر عن المرجعية الفكرية فما هي الأزمة التي يواجهها النظام الرأسمالي بالضبط. هل هي أزمة اقتصادية أم أخلاقية؟.

ففي حين أرجع البعض الأزمة المصرفية أساسا إلى غياب الضوابط الرقابية في الأسواق المالية، والتوسع في توفير القروض المالية ذات الفوائد العالية للشركات للأغراض الاقتصادية وللأفراد للأغراض الاستهلاكية دون ضمانات كافية، مما أغرق المنتجين والمستهلكين بالديون، وبالتالي صنع ازدهارا زائفا بأموال الغير، وأدى توالي هذه الديون وتراكم فوائدها إلى أزمة السيولة وأزمة السداد، بما أوقف دورة المال على الاستمرار فكانت النتيجة ليس فقط إفلاس المدينين ببيع بيوتهم وإنما أيضا إفلاس الدائنين ببيع بنوكهم!.

خلص البعض إلى أن الأزمة في الاختلال الهيكلي بين النظام المالي الذي يعتمد على «الربح الريعي» أي بالمضاربة بالأوراق المالية والإقراض بالفوائد العالية بقاعدة «توليد المال من المال «وإشاعة النشاط الاستهلاكي والترفي الزائف أو المؤقت دون إنتاج، وبزيادة القيم السوقية بحسابات افتراضية أو وهمية لا علاقة لها بالقيم الحقيقية.. وبين النظام الاقتصادي الذي يعتمد على «الربح الإنتاجي» بقاعدة «إنتاج السلع لتوليد المال» بمزيد من إنتاج السلع والخدمات والتجارة بهذه السلع العينية والحصول في مقابلها على المال الحلال.

وقد أدى إطلاق النشاط المالي في عهد ريجان في أميركا وتاتشر في بريطانيا دون رقابة وغض النظر عن الالتزامات الاجتماعية والأخلاقية خروجا على تلك الضوابط الاقتصادية الأخلاقية لأبو الاقتصاد الرأسمالي «آدم سميث «إلى واقع خطير يتمثل في أن نسبة الاقتصاد الريعي يصل إلى نحو 70% من حجم الاقتصاد الكلى في الدول الرأسمالية، بينما بقى «للاقتصاد العيني» المتمثل في الإنتاج الصناعي والزراعي والتجاري نسبة 30% فقط، بما زاد من الاستهلاك على حساب الإنتاج، وهذا هو الاختلال الخطير في النشاط الاستثماري لرأس المال!

من جانب آخر يرى فريق من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين الأميركيين والأوروبيين من بينهم الرئيس الأميركي نفسه بالرصد الواقعي أن الأزمة نبعت من السعي إلى الربح العالي السريع ب« الطمع والجشع، والتحايلات والخدع »، وهذا يقترب في الحقيقة من كثير من عناصر التفسير الديني للأزمة وأهمها فساد النظام الربوي، والذي يربط يربط أزمة الأسواق بأزمة الأخلاق !

وهذا يذكرني بما سمعته قبل أعوام من المفكر الاقتصادي الإسلامي الكبير الدكتور عيسى عبده رحمه الله حين قال.. في الواقع لا يوجد ما يمكن أن نسميه ب«علم الاقتصاد» لأن الاقتصاد ليس علما محضا، وليس فيه من العلم سوى قانون العرض والطلب، وما نسميه بعلم الاقتصاد تتدخل فيه علوم آداب وفنون كثيرة، وينمو ويزدهر على أسس أخلاقية واجتماعية ومنطقية، والإسلام في رأيي هو مع الاقتصاد الحر بشرط أن يكون حرا فعلا بالعدالة وبالفرص المتكافئة وبالوظيفة الاجتماعية للمال بالاستثمار الحلال بخلوه من الاحتكار، والإجبار، والاستغلال، والاستغفال، والاستئثار».

وأخيرا.. ربما تبدو تلك الأنانية وذلك الخداع والجشع الذي تبناه الكثير من الرأسماليين الأميركيين والغربيين فيما بعد هو في الغالب أبرز عوامل الزلزال الذي كان مركزه في قلب الرأسمالية اللا إنسانية، والذي ستؤثر توابعه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بدرجات متفاوتة على العالم كله. <

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد