كروان عبد الهادي الشرجبي
تضعنا الظروف أحياناً في مواقف مع الآخرين نتمنى في كثير من الأحيان لو أننا لم نوضع فيها، فيكون احتكاكنا بهم شراً لا بد منه، وتظل تلك المواقف والآخرون واقعاً لا نستطيع الابتعاد عنه، فنضطر أحياناً للتجاهل وأحياناً أخرى للمواجهة أو الرضوخ للأمر الواقع.
ولكن عندما يكون الظرف أكبر مما يحتمل يبقى شعورنا الداخلي يصارع ظروفنا المحيطة، فنلجأ إلى مبدأ "اشتري دماغك" أي أن الإنسان يشتري راحته بأي ثمن كي يضمن الراحة النفسية وما يترتب عليها في أمن وأمان ومع الوقت يجد أنه أصاب الهدف وارتاح من هم الظروف ومن وجع الرأس وذلك لأن الإنسان بلجوئه إلى مبدأ اشتري دماغك ينتهج منهج "التطنيش" أو المسايرية، وبذلك عندما لا يجد الإنسان ما يحب فعليه أن يحب ما يجد، وعلى ذلك المبدأ تترتب حياته وظروفه الجديدة التي يجب أن يجاريها ويجد مع الوقت أنه بدأ يتعايش مع الظروف الجديدة أو لعل مع الزمان تتغير الظروف أو يتغير الأشخاص الذين يتسببون في تعاسته أو ضيقه أو يتغير المكان الذي ينغص عليه هدوء حياته، إذا كان الضغط المنصب على دماغه بسبب المكان أو الأشخاص.
وربما مع مرور الوقت يجد أن من يزعجه أو يسبب له الأذى هو شخص لطيف وليس بذلك السوء الذي كان يعتقده، لولا أنه تعرف عليه في الوقت الخطأ، أو أن الظروف التي جمعتهما لم تكن مناسبة، وربما تكون تلك الظروف ناتجة عن مشكلات آنية حلت مع الوقت، أو أنها تلاشت ولم يعد لها طعم المرارة الذي يسبب الضيق والغضب.
والمثير للدهشة أننا عندما نطبق مبدأ شراء الدماغ نشتري أنفسنا أولاً ونعيد إليها الثقة والطمأنينة ومن ثم نكسب من حولنا ونشتري أدمغتهم عن طريق مجاراتنا لهم ومسايرتنا للظروف كأنه ذلك لأننا نعيش مع كثير من الناس الذين يحبون أن تنفذ رغباتهم أولاً ويحبون من يسايرهم ويمشي على هواهم ولو كان هواهم لا يمشي على منطق أو منهج.
