عيدي المنيفي
لا زلت أتذكر خطاب رئيس الوزراء د. علي مجور العام الماضي أمام البرلمان وتعهده بعدم الطلب من مجلس النواب فتح أي اعتماد إضافي للأعوام القادمة، لكن جلسة مجلس الوزراء في 21 أكتوبر كانت على غير ما التزم به مجور، إذ وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2008م بمبلغ "660 ملياراً و448 مليوناً و32 ألف ريال" تقدم به وزير المالية، هذا المبلغ "الفاجعة" يتناقض كلياً مع ما التزم به الدكتور مجور وحكومته بعدم طلب فتح أي اعتماد إضافي كون الاقتصاد الوطني يتعافى يوماً عن يوم ولدينا من عوائد ارتفاع أسعار النفط ما يكفي لتغطية أي عجز في الموازنة، إلا أن طلب فتح الاعتماد نسف كل ذلك وبات الطلب "فساداً إضافياً"، وفي اعتقادي سينفق بعضه على انتخابات أبريل 2009م ليذهب الباقي إلى تغذية الفساد وملئ جيوب الفاسدين.
بحسب ما أعرفه فإن أي اعتماد إضافي لا يكون إلا في إحدى حالتين أن تكون البلد تعرضت لكوارث طبيعية مدمرة أو حرباً شاملة تقضي على الأخضر واليابس، ناهيك عن أنه لا يجوز طلب اعتماد إضافي بما لا يتعدى أقل من ربع الموازنة، وفي حالة الضرورة القصوى فقط، والمبلغ المطلوب تمريره في مجلس النواب يتجاوز نصف موازنة العام 2008م، ونحن بحمد لله لم نتعرض لكوارث طبيعية باستثناء كارثة حضرموت والمهرة، وقد جاء طلب الحكومة فتح اعتماد إضافي قبل الكارثة وليس بعدها، كما أن الحرب في صعدة توقفت بعد إعلان الرئيس عن إيقافها نهائياً، وهذا يعني أن ليس ثمة مبرر أمام الحكومة لطلب فتح اعتماد إضافي لموازنة عام 2008م ومن المفارقات العجيبة أن يطلب مجلس الوزراء فتح الاعتماد الإضافي في الوقت الذي ارتفعت فيه إيرادات اليمن النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري مبلغ "مليار و588 مليوناً و632 ألفاً و416 دولاراً أميريكياً" عن الفترة نفسها من العام الماضي وبنسبة زيادة بلغت "64.8%".
السياسية "نقلت" عن المؤسسة اليمنية العامة للنفط والغاز بأن إيرادات اليمن ارتفعت من مبيعات النفط الخام خارجياً وداخلياً خلال الفترة من يناير حتى يونيو الماضي إلى "4 مليارات 39 مليوناً و786 ألفاً و451 مليوناً و145 ألفاً و482 دولاراً" خلال الفترة نفسها من العام 2007م.
هذه المبالغ الضخمة والتي يفترض أنها دخلت الخزينة العامة لا نحتاج معها إلى أي اعتماد إضافي وأخشى ما أخشاه إن تذهب إلى حساب وجيوب الفاسدين، وهي في طريقها إلى هناك وستعزز موقع الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة.
وبنظرة سريعة عن الاعتمادات السابقة فقد دأبت الحكومة من عام 2003م وحتى الآن على طلب فتح اعتماد إضافي بلغ في ذات العام "108 ملياراً 845 مليوناً 952 ألف ريال"، وفي 2004م "188 مليار ريالاً"، وفي 2005م "541 ملياراً 164 مليوناً 180 ألف ريال" ليصل في العام الذي يليه "422 ملياراً 368 مليوناً 813 ألف ريال" وحمل عام 2007م مبلغ "278 ملياراً و330 مليوناً 567 ألف ريال".
هذه أرقام مفجعة والاعتمادات الإضافية التي لم يجد المواطن منها شيئاً سوى ضيق حاله وازدياد فقره باتت كارثة وبات يموت من الفقر كما يموت الأغنياء من تخمة الفساد الذي دمر كل ما تبقى من أمل للفقراء من عامة الشعب بعد أن يئسوا من حكومتهم ونوابهم.<
aalmonifylo @ yahoo.com
