عبدالوارث النجري
ما إن تم الإعلان عن حجم الأضرار التي تعرضت لها محافظتا حضرموت والمهرة جراء تدفق سيول الأمطار وإعلان المحافظتين من قبل قيادة البلاد منطقة منكوبة حتى سارعت قيادات المجالس المحلية في المناطق الجبلية الغربية لعقد الاجتماعات وتشكيل لجان الغوث والإنقاذ في محافظاتهم حسب ما تناولته وكالة الأنباء اليمنية سبأ في أخبار المحافظات، وصباح اليوم التالي يوجه المحافظ أو نائبه في تلك المحافظات مكتب الأشغال لتحريك حراثة أو "شيول" أو غيرها إلى إحدى ممرات السيول لجرف تلك السائلة أمام الناس، رغم أن معظم السوائل التي تمر وسط المدن الرئيسية لم تشهد عمليات جرف أو إصلاح منذ عشرات السنين، بل على العكس هناك الكثير من السوائل تعرضت للإزاحة والبناء العشوائي في أوساطها وأطرافها وعلى جوانبها إلى غير ذلك، والأهم من ذلك هو ما هي الميزانية التي قد ترصدها قيادات المجالس المحلية في المحافظات السابقة الذكر تحت مسمى تشكيل لجان الإغاثة في المحافظات الغير منكوبة وإيجار جرف ساعة في السائلة بمعدة واحدة وشيول أو حراثة وحتى عربية؟ وما الذي سيتم صرفه من تلك المبالغ المرصودة تحت ذلك المسمى؟ وهل من رقيب أو حسيب تجاه ذلك؟ أم أن المسألة ليست سوى العمل بالمثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد"، خاصة إذا كان المنكوبون في حضرموت والمهرة ولجان الإغاثة والطوارئ التي شكلت وجرفت في محافظات تعز وإب وذمار وصنعاء!.. أحد الزملاء حضر مثل هذه الاجتماعات التي عقدت يوم السبت الماضي وقال إن أمين عام المجلس المحلي في إحدى تلك المحافظات وجه مدير عام مكتب المالية بالقول "أين مدير المالية أقول لك من الآن يجب عند الصرف اللين والسلاسة" بمعنى أنه يجب التغاضي عن الكثير من الأمور القانونية أثناء عملية الصرف ما دام هناك توجيه صريح من الكبار في محليات المحافظات، ولم ينته الأمر عند هذا فحسب، بل إن تلك المجالس المحلية في المحافظات السابقة الذكر وغيرها من بقية المحافظات عقدوا العزم على تشكيل لجان تبرعات في مختلف المحافظات وهذا شيء طيب وجميل ومعروف عن أبناء اليمن منذ مئات السنين بالتعاون والإغاثة ونصرة المظلوم والكرم والنجدة إلى غير ذلك من العادات والسمات التي يتميز بها أبناء اليمن، لكن ما يجب علينا أن نحذر منه أن لا يتحول محافظو المحافظات ونوابهم من أمناء العموم إلى مستغلين وانتهازيين همهم المصلحة الشخصية حتى على حساب المنكوبين من إخوانهم في محافظتي حضرموت والمهرة، وحتى أيضاً لا يقلدوا أولئك الذين يفرشون الشيلان والقتر واللحف أمام المساجد كل جمعة تارة باسم أبناء فلسطين وتارة باسم الشيشان وثالثة باسم العراق وهكذا خاصة وأن أولئك المحافظين هم أول من يشكون من تلك الممارسات التي يصفونها بعمليات التسول ويلصقونها إلى بعض أحزاب المعارضة وحتى لا يوحد بين القيادات المحلية من ينطبق عليه المثل القائل "لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم" فقد سارعت القيادة السياسية الحكيمة لتفويت الفرصة على أصحاب المصالح الشخصية البحتة من خلال التوجيه بجمع التبرعات العينية ومع ذلك فلا بد من رقابة وإشراف على إجراءات جمع التبرعات وإرسالها إلى المناطق المتضررة في المحافظات المنكوبة وحتى نكون صادقين مع تلك القيادات المحلية وبمناسبة التحضير والإعداد لعقد المؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية وإستراتيجية الحكم المحلي ندعوا تلك المجالس وقياداتها في المقدمة للعمل معاً في تحديد أهم مشكلات وعوائق أنشطة المجالس المحلية في المديريات والمحافظات سواء من حيث استمرار سياسة المركزية المطلقة من قبل بعض الوزارات في عملية الإشراف على سير تنفيذ المشاريع المركزية والصرف المركزي وكذا البينيات المركزية والتدخلات المركزية الأخرى وما أكثرها، أو من حيث مركزية اللامركزية في المحافظات التي يشكون منها أعضاء المجالس المحلية في بعض المديريات إلى جانب حل الإشكاليات الخاصة بقانون السلطة المحلية ولوائحه التنفيذية والمالية وغيرها وتصادم بعض مواد القانون مع مواد في قوانين أخرى، يجب على هذه القيادات المحلية دراسة أسباب تعثر العشرات من المشاريع الجاري تنفيذها في معظم مديريات محافظات الجمهورية، يجب على هذه القيادات طرح ومناقشة المخالفات التي تتم في كل محافظة ومديرية سواء مخالفة قانون المناقصات والمزايدات في تنفيذ المشاريع الخدمية وكذا عمليات الصرف أو عدم الربط في الإجراءات والتلاعب أثناء عملية التحصيل وغير ذلك، هذا ما نأمل أن يتم طرحه في اجتماعاتكم ومؤتمراتكم القادمة حتى نشعر بالمصداقية ونمنح الثقة ونلمس الإصلاحات والنجاح، وفي النهاية نرسل من أعماق قلوبنا تحية احترام وتقدير لتلك السواعد السمراء وأفراد القوات المسلحة ورجال المهمات الصعبة المرابطين في المحافظات المنكوبة ومختلف محافظات الجمهورية الذين أبلوا بلاء حسناً في إنقاذ ونجدة المواطنين المنكوبين في تلك المحافظات، وهذا ليس جديداً على أبطال اليمن الأشاوس في القوات المسلحة والأمن، والذين يستحقون كل الحب والاحترام والتقدير والوفاء من كافة الوطن من أقصاه إلى أقصاه.