عبدالباسط الشميري
في مقال الأمس تحدثت عن الاعفاءات الضريبية والجمركية وكيف تتم ولماذا تتم أصلاً؟ وتغافلت عن فقرة أو حادثة بودي حقيقة أن يقرأ ما سيرد هنا كل المعنيين في الجمارك والضرائب في بلادنا خاصة منهم أصحاب المراكز السيادية والذين بجرة قلم يبددون مئات أو عشرات الملايين من الريالات التي يفترض أن تدخل إلى خزينة الدولة لا أن تذهب إلى جيوب المنتفعين والمتمصلحين، بل إن هناك شبهات تحول حول عدد من الشخصيات سوف يكشف عنهم لاحقاً إن شاء الله، لكن ما علينا إذا كانت جهات الاختصاص كلها سواء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو الهيئة العليا لمكافحة الفساد أو غيرهما غير قادرة على محاسبة وكشف خفايا وفضائح بعض القطاعات الإيرادية لكن ونحن في خضم الحديث عن هذه القضايا يجدر بنا أن نذكر بحادثة عايشتها بل شاهدتها بأم عيني وقبل سنوات في أحد البلدان العربية بالصدفة عندما قمت بزيارة لصديق يعمل مديراً لقسم المرور في بلده تناولنا القهوة في مكتبه ثم هممنا بالخروج وبينما لم تكد أقدامنا تطأ بوابة القسم حتى قدم أحد أفراد المرور بسائق أجنبي من الجنسية الباكتسانية والرجل يصرخ أنا مسكين، أنا ما أعرف، أنا، أنا .. إلخ فإذا بصديقي المدير يقف متسائلاً ماذا فعل هذا؟ أجابه العسكري ارتكب مخالفة مرورية في الشارع المجاور.
تصوروا ماذا قال له المدير المسؤول الذي يحترم وظيفته ويحترم بلده؟ لم يقل للجندي أطلقه وكذلك لم يوجه بحبس الرجل المسكين.
هل تعلمون ماذا قال؟ رغم مرور ما يزيد على عقد من الزمن على هذه الحادثة إلا أنها لا زالت ترن في أذني وأتذكرها، وكلما شاهدت رجل المرور في هذه الجولة أو تلك نعم هذه حقيقة ليست قصة وهمية بل حقيقة، ثم أية مسؤولية هذه التي تدفع بك كمسوؤل أن تقف أمام أحد الأفراد الذين يعملون تحت إدارتك؟ وبتلك الأخلاق الإنسانية الفاضلة يقف الرجل الإنسان المسؤول الملازم ثواب السبيعي ويسأل الجندي كم مبلغ المخالفة؟ فيجيب الجندي: خمسمائة ريال سيدي، لم يتوان المسؤول من إدخال يده في جيبه ويخرج المبلغ ويسلمه للجندي الذي اتجه للشباك لقطع السند وإطلاق سراح الرجل .. إنها المسؤولية التي نبحث عنها ونتمنى أن نرى مسؤولينا وهم يتمثلون هذا الملازم الذي عندما أراد أن يتكرم ويعفي إنساناً من رسوم مستحقة لم يسامحه ويتركه يذهب لحال سبيله .. لماذا؟ لأن الحق الذي عليه هو للدولة وليس لثواب ولا لغيره، وهذا ما دفع بالرجل المسؤول عندما يسامح ويعفو لا يسامح أو يعفو ويتكرم بأموال الدولة أو الشعب، بل يتكرم من حر ماله وهذا ما يجب أن يعرفه ويتمثله المسؤول في بلادنا في هذه الجهة أو تلك "من أراد أن يتكرم أو يعفو فلا يكن ذلك إلا من ماله أو من مال أبيه".
abast 66 @ maktoob.com