شكري عبدالغني الزعيتري
الإنسان من صور مخلوقات الخالق سبحانه وتعالى فقد صور الإنسان في أحسن صورة وخلق له العقل ومحكم كتابه العزيز نص على شرف العقل و ضرب الأمثال وأوضحها وبين سبحانه بدائع مصنوعاته فقال تعالى : ((وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) (سورة النحل الآية 12) وهنا إشارة إلى العقل والتفكر به واستخدامه ليفهم الإنسان قدرة الله تعالى وعظمة ملكه سبحانه. فأعطى العقل شرف وميزة التفكير والفهم دون غيره من المخلوقات العظيمة التي ذكرها الله بالآية الكريمة (الشمس والقمر والنجوم وغيرها ). وقد روي عن النبي (صلي الله عليه وسلم ) انه قال : أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له : أقبل ؟ فأقبل. ثم قال له : أدبر ؟ فأدبر. فقال عز من قائل (( وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك بك أخذ وبك أعطي وبك أحاسب وبك أعاقب )). وقال أهل المعرفة والعمل : العقل جوهر مضي خلقه الله عز وجل في الدماغ وجعل نوره في القلب يدرك به المعلومات بالوسائط المحسوسات بالمشاهدة. وقال أهل المعرفة والعلم : ينقسم العقل إلى قسمين قسم لا يقبل الزيادة والنقصان وقسم آخر يقبلهما فأما القسم الأول فهو العقل الغريزي المشترك بين العقلاء وأما القسم الثاني فهو العقل التجريبي وهو مكتسب وتحصيل زيادته بكثرة التجارب والوقائع والتعلم و يتأتى ذلك من عمل الإنسان والاجتهاد على التعلم والتثقيف والاطلاع على سائر العلوم أو بعضها أو التخصص المتعمق في احدها فبهذا يصير للإنسان عقلا راجحا ومن هنا يتجلي العقل برزانته ورجاحة درايته ويخص الله سبحانه وتعالى من أراد بأن يفيض عليه من خزائن علمه من مواهب رزانة العقل وزيادة معرفته الذي يخرج صاحبه عن حد الاكتساب العام للعقل ولما عند جميع العقلاء. إلى نطاق العقل الرزين والراجح ذي الحكمة والدراية وقال احد الحكماء : يستدل على عقل راجح ورزين لدى الرجل بأمور متعددة منها إقباله على محاسن الأخلاق وإعراضه عن رذائل الأعمال ورغبته في إسداء صنائع المعروف وتجنبه ما يكسبه عارا ويورثه سوء السمعة. وقد قيل لبعض الحكماء : بم يعرف عقل الرجل ؟ فقال : بقلة سقطه في الكلام وكثرة إصابته فيه. فقيل له : فان كان غائبا ؟ فقال بإحدى ثلاث : إما برسوله وإما بكتابه وإما بهديته. فان رسوله قائم مقام نفسه وكتابه يصف نطق لسانه وهديته عنوان همته. وقيل من اكبر الأشياء شهادة على عقل الرجل : حسن مداراته للناس. وقيل بأيدي العقول تمسك أعنة النفوس. ونقول انه اليوم وفي زماننا فإن الناس ينقسمون إلى أربعة أحوال وفقاً لامتلاك الإنسان العقل وهم : إنسان بعقل كما هو عند عامة الناس من العقلاء وإنسان ثاني بعقل عقلاء عامة الناس وعليه يزيد عقل الرزانة والدراية والرجاحة وإنسان ثالث بعقل ناقص أي بنصف عقل ونصف جنون (مرض إرادي) وسنوضح أدناه هذا النوع الثالث من أصحاب نقص العقول والذين ظهروا في زماننا هذا. وإنسان رابع فاقد للعقل كليا وهم المجانين (مرض لا إرادي). وقد جاء عند الشعراء عن ذوى العقول :
قول الشاعر : ألم تر أن العقل زين لأهله. . . ولكن تمام العقل طول التجارب.
وقيل في شرف العقل لا شرف إلا شرف العقل ولا غني إلا غنى النفس.
فقال الشاعر : إذا لم يكن للمرء عقل فانه. . . وان كان ذا بيت على الناس هين
ومن كان ذا عقل أجل لعقله. . . وأفضل عقل عقل من يتدين
وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه عندما سئل عن العاقل من الرجال : العاقل من يضع الشئ مواضعه. وقال كسرى الفرس أنوشروان : أربعة تؤدي إلى أربعة : العقل إلى الرياسة والرأي إلي السياسة والعلم إلى التصدير والحلم إلى التوقير.
وقد أظهرت البيانات المعلن عنها أن عدد فاقدي العقل بشكل كلي (مرض لا إرادي ) المجانين وهذا النوع من الناس معذورين ونسأل الله لهم الله الشفاء إذ اظهرت الإحصائيات أن عدد المجانين في الوطن العربي يصل إلى تسعة مليون عربي وان عدد المجانين في اليمن وصل إلى (171275) مجنون فاقدا لعقلة كليا. . ناهيكم عمن هم في طريقهم إلي الجنون ومصابين بأمراض نفسية فقد يشفيهم الله ونسأله تعالى الشفاء لهم أو قد ينظموا إلي إحصائية المجانين بفقدان العقل كليا ومن أسباب الجنون والإصابة بالإمراض النفسية (1) معاناة الفرد من هموم وتفكير عميق بالتزاماته الأسرية المعيشية وظروفه المادية الصعبة وعدم قدرته على الوفاء بتلك الالتزامات فيضعف نفسيا ويصاب بالجنون (2) السهر والأرق وعدم النوم بسبب تعاطي المنبهات كالقات والشاي والقهوة والحبوب المنبهة وفي الأصل يكون أجسام هذا النوع من الناس حساسة وتتأثر بشدة أمام هذه المنبهات مما تفقدهم الاستطاعة على النوم ومن ثم الجنون (3) ضغوط أسرية أو اجتماعية قد يواجهها الفرد ولا يستطيع التغلب عليها وتقهره وغيرها من الأسباب. . . . ناهيكم عن عدد فاقدي العقل لأسباب خلقية وإعاقات إذ انه أظهرت الإحصائيات المعلنة عن الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد المعاقين ذهنيا وصل إلي ( 126641) فرد معاق ذهنيا وبهذا يكون إجمالي عدد الفاقدين لعقولهم وبشكل كلي (297916) فرد مريض لا إراديا. . إلا انه هناك نوع جديد من الجنون الإرادي هم فاقدي العقل (ظهروا في عصرنا هذا) هم مجانين أو أنصاف مجانين ولا يستطاع تمييزهم أو حصرهم لأنهم يلبسون ثياب العقلاء وجنونهم متخفي و إرادي بمحض إرادتهم فهؤلاء فاقدي عقولهم وبشكل جزئي إذ تري مثلا بعضهم بالشوارع يلبسون الجنون ليمارسوا مهنة التسول والشحاته للحصول على المال. . وهناك من تذهب بهم عقولهم الناقصة وعدم التفكير السليم إلى أن يحملوا نصف الجنون (الإرادي وبرغبتهم المحضة) فتذهب بهم عقولهم إلي أذية جار أو صديق أو قريب بل يذهب ببعضهم إلى أذية المجتمع بأسرة والبلد عامة إذ ما يفعلونه ويقوم به هذا النوع من الأفراد المجانيين (إراديا) من ناقصي العقول بالذهاب إلى الموت برغبتهم ( بالانتحار) والذي يحرمه الدين الإسلامي بأن يقوموا بتفجير أنفسهم أو تفخيخ سيارات بالمتفجرات أو زراعتها هنا أو هناك في الأماكن لتواجد الكثير من الأبرياء بالأسواق العامة أوفي مباني المصالح العامة وغيرها و في بلدهم وبين أبناء مجتمعهم وصلتهم وقرابتهم ويتسببون في موت الكثير من الأبرياء ويتسببون في الإضرار بالأمن العام لمجتمع مسلم ويتسببون بالإضرار بسمعة البلد والإضرار بمصالح البلد والمجتمع سواء السياسية أو الاقتصادية أو غيرها. . . . إذ أن ما تم نهاية شهر رمضان المبارك الماضي من تفجيرات أمام السفارة الأمريكية بالشارع العام وفيه الكثير من المواطنين الأبرياء يسيرون آمنيين. . وقبلها قيام أولئك أنصاف المجانيين بالكثير من التفجيرات والتخريب لمصالح (عامة وخاصة) أدت إلي موت الكثير من الأبرياء اليمنيين. . . . والمذهل في الأمر أن التفجير الأخير الذي نفذه أولئك المجرمون ومن وراءهم ويدعمهم سواء أفراداً كانوا أو دولا (والذين ما نراهم إلا مجانين أو أنصاف المجانين إراديا ) تجاوزهم حرمات الله والأشهر الحرم التي منها شهر رمضان المبارك إذ قاموا بقتل ستة أبرياء بينهم عروسان شابان اغتربا خارج الوطن في أمريكا وجاءا إلى اليمن بلدهما يغمرهما الحنين. . وجاءا إلى الأهل والأقارب والأحبة يملؤهما الشوق. . ويريدان قضاء شهر رمضان المبارك بين امة الإسلام في اليمن بلدهما. . . . فأين عقول أولئك وغيرهم ومن يدفع بهم ويغذيهم بالفكر الخاطئ وبارتكاب الجرائم وأفعال التخريب في حق الغير. . . ؟؟ وكيف يوهمون أنفسهم وأوهمهم غيرهم بأنهم استشهاد يون سيموتون شهداء في سبيل الله تعالي ورسوله والدين والمسلمين. . ؟؟ كيف هذا الاستشهاد عندهم ومن يغذيهم بالفكر الخاطئ ممن خلفهم ودفعوا بهم ليقتلون المسلمين الأبرياء. . . ؟ والله ما أقول في الأخير إلا قد تحقق فيهم قول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حين قال : ((سيأتي يوما يلبس الدين مقلوبا كما يلبس الفرو مقلوبا )). .
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني
Shukri_alzoatree @yahoo. com