كروان عبد الهادي الشرجبي
في حياتنا اليومية الحالية هل تلاحظ معي عزيزي القارئ أنه أصبح لا مكان للجار في حياتنا نعم الجار الذي يسكن معك في نفس العمارة أو بجانبك.
ضمن مساوئ التطور والحداثة أن ننسى قيماً جميلة تربينا عليها وتعلمناها من آبائنا وأجدادنا، فالجار هذه الأيام يختلف عن الجار الذي عرفناه من طفولتنا أيام زمان هو الكل في الكل نجده وقت الشدائد ووقت الأزمات والأفراح دون أن يطلب منه أحد فقد كان يقوم بذلك بدافع الأخوة والجيرة والعشرة وقد كان الكل يتعارف إذ أننا نعرفهم أباً عن جد فوالدتي تعرف والدته ووالدي يعرف والده وأنا أعرف من هم في سني وهكذا!!!
أما جار هذا الزمن فتكاد لا تعرفه إلا إذا كان عندك فضول لتعرف من هو جارك فسوف تعرف ذلك عن طريق اللافتة التي وضعت فوق الباب.
تتفقون معي أن تعامل الجيران مع بعضهم البعض في هذا الزمن قد تغير للأسوأ، أتذكر أيام زمان كان شغلنا الشاغل هو الذهاب إلى بيت الجيران واللعب مع أولاد الجيران حيث كانت الروابط غير عادية فكنا نتبادل الوجبات خصوصاً إذا أقبل رمضان نجد أن الكل يتبادل الأطعمة الرمضانية، وإذا أقبل العيد كنا نستعد بالشوكلاتة والنعنع والنقود من أجل الأولاد الذين يأتوا لمعايدتنا.
أما في حالة المرض وتم إدخال أحدهم إلى المستشفى وعاد إلى منزله بالسلامة كان الجيران يستقبلون هذا الشخص "بلغولة" وهي عبارة عن رمي نقود وحلويات مشكلة في الهواء ويقوم الأولاد بجمعها وأخذها من الأرض، طبعاً في منظر يبعث السرور والارتياح والضحك أيضاً.
هذه كلها أشياء جميلة افتقدناها في هذا الزمن الصعب، وأصبحنا نقول فين أيام زمان الحلوة؟
الآن الجار لا يريد أن يعلم شيئاً عن الجار، وأصبحت القلوب ضيقة، يمكن الحياة ومشاغل الناس وهموها هي التي تفرض ما نعيشه شئناً ذلك أم أبينا!!
ولكن لنحاول أن ننسى قسوة الحياة ونتقرب من بعضنا البعض عملاً بالمثل القائل: "جارك القريب ولا أخوك البعيد"، وليكن الرسول الكريم قدوتنا في كل أعمالنا حتى على مستوى الجار فقد أوصانا الرسول عليه الصلاة والسلام بالجار حيث قال أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، إن رسولنا الكريم يدعونا للتقارب فيما بيننا والتآلف والتواصل والتراحم، والتأخي فلنعمل جميعاً بسنة رسول الله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، ونتآخى ونتراحم، فكل تلك قيم إنسانية جميلة يجب المحافظة عليها في هذا الزمن الصعب.