محمد بن ناصر الحزمي
ربما يغلف الله النعمة في مصيبة والفائدة في كارثة، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، إن ما أصاب المناطق الشرقية من البلاد جراء كارثة السيول يجعل المرء حزيناً لهذا المصاب الجلل ولا يسعه إلا أن يسأل الله أن يخفف عنهم ويرحم موتاهم ويخلف عليهم بخير، وإن تكون هذه الكارثة سبباً لجمع الشمل وتوحيد الصف، إن التنافس الذي نراه اليوم في المحافظات الشرقية المنكوبة هو التنافس المطلوب المرغوب إنه تنافس في فعل الخير هدفه التعاون على البر والتقوى يتبين من خلاله أننا مجتمع متراحم يحب بعضنا بعضاً وأن اختلفنا سياسياً أو جغرافياً إلا أننا أمة واحدة كما أراد الله عز وجل أن قوافل الإغاثة إلى مناطق الكارثة سواء من قبل الدولة أو المجهود الشعبي عبر الجمعيات الخيرية قد يكون له أثر نفسي مساو لأثره المادي مما ينعكس على شدة التآزر والأخوة بين أفراد المجتمع اليمني وأن هذا التنافس يؤكده قول النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل اليمن: "أرق قلوباً وألين أفئدة"، ومن هنا أتمنى أن لا تضيق الدولة ذرعاً بالجمعيات الخيرية، وأن لا تستأثر هي بالعمل الخيري فالكارثة أكبر منها والتنافس هو الذي يجعل أبناء الشعب جميعهم يشتركون فيه؛ لأن هناك من يثق بالدولة وهناك من يثق بالجمعيات الخيرية وكم نحن بحاجة إلى الابتعاد عن التوظيف السياسي أو الحزبي لأي كارثة والابتعاد عن سوء الظن والتربص وتتبع العثرات، وحصر الزلات، وقد تكون هذه الكارثة سبباً في التوقف عن التنابز والاشتباك السياسي والتفرغ للعمل الخيري ومن المعلوم أن المناطق المنكوبة لا يمكن أن تدخل هذه الأيام في مرحلة القيد والتسجيل الانتخابي وربما تلحق بها محافظات أخرى كما هو حاصل في الحديدة لأنها مشغولة بتسجيل ما فقدت من الأرواح والأموال وهذا قد يتيح فرصة للحزب الحاكم والمعارضة لإقامة حوار جاد للتوافق على حل المشكلات القائمة وأن لا يكون الوقت سيفاً مسلطاً على رقابهم، إن حل المشكلات لا تتم بالكبر والمكابرة بل تزداد تعمقاً وتجذراً، وارجوا أن يتنبه العقلاء في الطرفين إلى هذا وأن لا ينساقوا إلى ما يجرهم إليه الإعلام الهادم الذي يقف خلفه بعض الإعلاميين وهم قلة والذين بلغوا من الشطط مبلغه، استجابة لرغبة النفس والهوى وليس حرصاً على المصلحة العامة ينقلون من الأخبار ما تحمل الفرقة وتزيد الضغينة هذا والله نسأل أن يوفق الجميع إلى ما يحبه ويرضاه وإلى لقاء آخر إن شاء الله.