محمد أمين الداهية
إن تكن صادقاً فأنت بليد وإن كنت مخلصاً قد لا يرغبون بك في مقر عملك أو بين أقرانك ويصل الأمر أحياناً عند العوائل والأسر القبلية التي لا تفهم أو بالأصح مجمع غير متعلم فهم يعتقدون إنك تملك الفانوس السحري في حل أي مشكلة طارئة قد تحدث، إلا أن التعود على اتخاذ الرأي منفرداً بأي شكل من الأشكال وفي أي أمر من الأمور يولد لديهم قناعة بأن الأمر عادي مع أن انذارات تحدث بين الحين والآخر تنذر بأنن اتخاذ الرأي الفردي قد يترتب عليه مشاكل لا يعلمها متخذوا الرأي دون مشاورة، اضف إلى ذلك الجهل الواقع في المجتمع والمتوارث، كان القدماء حكماء فعلاً قد يكون الصمت محموداً في مواقف كما قد يكون إدانه وتعممه تلاحق ذلك الصامت فقصة الصائد والعصفور في الغابة التي كانت ميداناً للصيد فحين سمع صوت العصفور الغريب بقى يتتبعها حتى اصطاده فقال رفيقه: "لقد علمت أن الصمت أفضل حتى للطيور"، فالكلام قد يخرج من فم أحدكم لا يلقي له بالاً يهوي به في جهنم سبعين خريفاً، كما إن لسان المرء مربط فرسه، فقد بلغ الإنسان به إلى أعلى المراتب وبه اقتيد إلى حبل المشنقة.
أن تكون مخادعاً أو مراوغاً فقد تكون محبوباً ممن حولك رجالاً ونساء لقد صار عند الكثيرين الكذب وسيلة للتخلص من أي التزامات، وأصبح هناك نوع من البشر مشبع بقلة الحياء وعدم الخجل فقد يلتقيك في الصباح الباكر وسيلقي عليك تحية الإسلام السلام عليكم وهو لا يعرف للسلام أي مبدأ، بل هناك العكس يتداولها بعض العامة بأن علامة فلان إذا قال السلام عليكم أو أظهر نوعاً من الأخلاق الزائفة ففي الأمر شيء انتبه لنفسك منه، وهذه الطبائع وعلامة نية الشر هي موجودة في قصص وتواريخ الأمم الماضية فيذكرون أن ضحكة هتلر أمام شخص تلحقها عواقب وخيمة تجاه ذلك الشخص، كما يذكرون أن ضحكة بعض الزعماء أمام شخص قد يكون وزيراً أو رئيس وزراء أو غيره فإن تلك الضحكة يترجمها على أرض الواقع منذرة لنهاية وقرب أجل ذلك الوزير في وزارته أو غير ذلك، كما أن الزعماء يتسلون بالذي يلقى النوادر ويجعلهم يضحكون من تلك النوادر وقد يلاقي صاحب "النكتة" نوعاً من التقريب والترقية في الوظيفة، إذن الناس يتألفون عندما يتفاهمون ويكونون على مستوى من الوعي والفهم، لذلك حينما أطلق رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان والحكمة يمانية" وهذه الحكمة دائمة ومستمرة وليست مرتبطة بعصر من العصور أو قرن من القرون وبجيل من الأجيال، بل إنها معاصرة فالباحث في التاريخ قد يجد من الأحاديث ما يؤيد ديمومة الحكمة اليمانية في أهل اليمن والذين يدرسون الواقع اليمني في صوره المتعددة من الأنظمة التي حكمته والتي خرجت وجاء غيرها وإلى اليوم سيجد الإنسان المطلع إن اليمن قد واجه صعوبات جمة وكثيرة وكبيرة أكبر مما قد نرى اليوم، ففي فترة ليست بالبعيدة عنا في نهاية السبعينات وما مرت بها اليمن من تقلبات واتجاهات وصراعات دموية شهدها شمال اليمن وجنوبه، فكانت الحكمة الربانية التي هيأت أسباب ظهور فرد عادي لم ينخرط في دراسات الشرق ولا الغرب وإنما رعاية الله وحفظه لقائد جاء من ريفه وسلك في السلك العسكري كان يتحلى بروح الإخوة وتطبيب أي جرح فكان مصلح عسكري بين زملائه.
حين يختصموا ورجل اجتماعي مدني مبادر ليقدم لإصلاح شأن اختلاف هذا مع مغامر صاحب همة عالية هذه ليست شهادة متملق، بل شاهد من معاصر عاصر الإنسان علي عبدالله صالح في المعسكر بالخيمة في السهل والجبل هنا وهناك صحبة وخصومة أليست حكمة يمانية في هذا الرئيس الذي وصل إلى الرئاسة يحمل كفنه معه والكل يترقب متى سيحل به ما حل بغيره، اليوم نعمه من الله قد رأينا دستوراً وقانوناً، أي وثيقة عقد بين الحاكم والمحكوم هذه نعمه، أعرف إن الكثير وأنا معهم والواقع إن القانون فقط على الضعيف وأرد عليهم لإننا ضعفاء في قول الحق وكتابة الحق ونحن الضعفاء نستقوي على غيرنا بمال أو بقوة أو بسلطة فلم يكن الرئيس خادعاً أو مراوغاً بل رجلاً عملاقاً أسس وبنى وأوجد شيئاً لم يكن له وجود من قبل ولا ينكر ذلك إلا جاحد ومكابر وحاقد على هذا الشعب.