محمد أمين الداهية
النفاق كلمة شديدة القسوة لمن تطلق عليه وهو يعرف نفسه تماماً أنه بريء من هذا المصطلح الذي قذف به، من على رأسه بطحه وهو في الحقيقة منافق فهذا المصطلح بالنسبة إلى مثل هكذا شخص مجرد صفة هو يعرف حق المعرفة أنه فعلاً منافق ومفتن وقد يتباهى بأ أعمال الفتنة والنفاق التي يقوم بها ويعتبر ذلك ذكاءً وقدرة متميزة في النيل ممن يراهم في نظره أعداء أو متحابين فيما بينهم ويكره أن يرى تلك المحبة تتقوى يوماً بعد يوم سواءً بين أصحاب و أحباب أو بين أهل و جيران، فالحسد يكاد أن يحرق قلب المنافق فلا يرتاح ويهدأ باله إلا إذا ظفر بمن يستهدفهم واستطاع أن يوقع الفتنة بينهم ويشتت شملهم، والنفاق قد يظهر على مستويات مختلفة فيوجد على مستوى الأسرة والمجتمع، وأيضاً يكون فيما بين المواطن والحكومة وهذا ليس موضوعنا، ما نحن بصدده هو ذلك النفاق الذي يصيب المجتمع بشكل عام، فأعتقد أنه لا يوجد حي في أي بلد كان وبالذات البلدان العربية إلا ويوجد فيها السفهاء من المنافقين والذين يسعون دائماً وبشكل مستمر إلى الإيقاع فيما بين الناس، فمن خطيئة أو مشكلة صغيرة كحبة الخردل فعبر المنافقين تكبر هذه المشكلة حتى تصير جبل من المشاكل، فتحدث الإساءات وتوجد حينها الأضرار والإصابات وقد تصل الأمور إلى القتل والاقتتال وكل ذلك بسبب المنافقين الذين يشعلون نار الفتنة بين الناس ثم يقفون متفرجين لما أنجزوه وحققوه، فيا ترى لماذا غالباً ما ينجح المنافقون فيما يسعون إليه من فتنة بين الناس؟ هل يكون طرفاي المشكلة أو النزاع هم سبباً في ما يصلون إليه من تطورات سلبية للمشكلة بسبب إصغائهم وتصديقهم لآراء ومشورات المنافقين؟، أحياناً يقول قائل من الصعب أن يُعرف المنافق أو من يؤجج الفتن بين الناس، نستطيع أن نكون مع صاحب هذا القول وبالذات إذا كان من يقوم بدور المنافق من وصل إلى مرتبة عبدالله بن أبي، فظاهره يناقض باطنه تماماً، ولكن إذا وجد الناس العقلاء المتفهمون جيداً لمشكلتهم، والذين يريدون فعلاً أن تحل، فلا يمكن لأي منافق أن يوقعهم في شراكه؛ لأن طرفي المشكلة محايدون لا يريدون إلا الحق، وما داموا كذلك فهم أعرف بما يجب وما لا يجب، أما من يجعلون المنافقين ينجحون في مهامهم فهم أولئك الذين يتعمدون الخروج عن الحق ويسعون كما يقال "للسلطة"، وما داموا يعرفون أنهم يحيدون عن الحق ويعطون الصلاحيات للمنافقين للقيام بواجبهم في هذه الحالة على مثل هؤلاء أن يجعلوا الله رقيبهم في كل تصرفاتهم، أما المنافقون فهم أدرى بمصيرهم من غيرهم.<