شكري عبدالغني الزعيتري
نجيب على السؤال أعلاه بالقول : ( الاحتمال ضعيف جدا) في وجود المساندة من قبل أنظمة حاكمة في دول عربية في المنطقة ولأميركا ولإرساء مزيدا لنفوذها وتكريس هيمنتها العسكرية علي المنطقة العربية والعالم. . حيث أن الولايات المتحدة الأميركية تتربع علي قمة نفوذها في السياسات العالمية لثلاثة أسباب : (1) وجود حلفاء لها في المنطقة العربية (دول عربية وإسلامية ) (2) امتلاكها للقوة العسكرية (3) الموقع الفريد الذي اتخذته السيطرة الأميركية علي النظام الدولي وغيره … وحيث أن وجود حلفاء لأميركا في المنطقة العربية يساندونها ويعتبرون الدعائم التي أقامتها أميركا في نهاية الحرب الباردة ومستمرة هذه التحالفات حتى اليوم بارتباطات وثيقة وعميقة بينها وبين حلفائها في المنطقة العربية وهم : (مصر و إسرائيل والمملكة العربية السعودية وتركيا والأردن والكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين ) إذ أن التحالفات القائمة مع هذه الدول تؤمن للولايات المتحدة الأميركية أساسا قويا في المنطقة العربية تمارس من خلاله نفوذها داخل وخارج الشرق الأوسط. . . كما أن الدول المتحالفة مع أميركا لها مصالحها لدى أميركا. . وهذه الدول تسعى إلي استمرار تمسكها بالتحالف الثنائي مع أميركا إذ أنها ترى انه السبيل إلي تحقيق مصالحها. . وعلية نجد دوما اجتهاداً من قبل كل دولة لتوثيق هذا التحالف الثنائي القائم بينها وبين أميركا … فجمهورية مصر بحاجة إلي المساعدات الاقتصادية إذ تحصل مصر على مساعدات مالية سنوية من أميركا تصل إلي اثنين مليار دولار. . وأيضا بحاجة إلي المساعدات العسكرية الأميركية لتؤمن لها الاستقرار لنظام حكمها الحالي … وأيضا لكي تستفيد مصر من أثر واشنطن لممارسة الضغوط علي إسرائيل كلما احتاجت ذلك. . وقد حافظ النظام الحالي في مصر وما زال يحافظ علي قيمته حتى اليوم لدى أميركا التي بدورها داومت على حماية النظام في مصر من كل الانتقادات التي يتم توجيهها إليه بشان وضع الديمقراطية في مصر سواء الانتقادات الداخلية من قبل المعارضة ولهذا تقوم أميركا ومصر بتفعيل كبير للتعاون الأمني في قضايا موجهة نحو الأحزاب الإسلامية بصفة خاصة والأحزاب الوطنية بصفة عامة المتواجدة في مصر لتقليص آثارها السلبية على النظام القائم حاليا في مصر. وأيضا حماية النظام القائم من أي انتقادات خارجية تصدر أو قد تصدر من دول ديمقراطية سواء أوروبية أو غيرها أو حتى من هيئات المجتمع المدني العالمية. . . والمملكة العربية السعودية بحاجة إلى القوة العسكرية ومساعدة أميركا في المجال العسكري وأيضا حاجة النظام الحالي في السعودية للحماية من أي اعتداءات سواء داخلية أو خارجية قد تهدده وبصفة خاصة ظهرت هذه الحاجة بعد قيام الثورات في دول عربية بالستينات. . ولصد محاولات الامتداد الناصري الذي حدث في تلك الفترة. . وتجلى بعد ظهور وقيام الثورة في اليمن ضد الحكم الملكي الأمامي وحيث كان النظام الحالي الملكي في السعودية يخشي انتقال عدوى الثورة اليمنية إلي أرضه بالمملكة العربية السعودية وضد نظام حكمها الملكي الوراثي. .
وقبلها في عام 1939م منح الملك عبدالعزيز آل سعود حق امتياز لشركة (ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا) الأميركية ولمدة ستين عاما ويغطي جميع أنحاء السعودية ((وقال العاهل السعودي حينها لأحد مسئولي الشركة انه اختار الشركة الأميركية مفضلا إياها علي الشركات اليابانية والبريطانية المنافسة لها رغم أن هذه الشركات الأخيرة عرضت مبالغ اكبر مقابل امتيازات اقل وان دافعه من وراء هذا التفضيل هو تقوية الوجود الأميركي في بلاده ))( (المصدر : العلاقات السعودية الأميركية بنسون لي جريسون ترجمة : سعد هجرس سينا للنشر القاهرة ص14 ). . واذ بعد هذا بدأت العلاقات بين أميركا والسعودية تتطور ففي 3 أغسطس صدق مجلس الشيوخ الأميركي علي تعيين (بيرت فيش) كوزير مفوض لدى السعودية وسافر إلى السعودية حيث قدم أوراق اعتماده للملك عبدالعزيز ال سعود في 4 فبراير 1940م وكان أول وزير مفوض أميركي يعين في السعودية. . وبعدها في 19 يناير 1946م أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تعليماتها إلي وزيرها المفوض في السعودية (ايدي) ليبلغ الحكومة السعودية أن حفظ امن السعودية هو احد الأهداف الأساسية لسياسة الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأدنى. وفي 18 يونيو 1951م وقعت اتفاقيات حماية أمنية مع أميركا … وفي عام 1966م وأثناء اجتماع الملك فيصل بن عبدالعزيز مع الرئيس الأميركي جونسون وعده بمساعدة عسكرية ضخمه وبدأ بذلك تعاون أمني حميم بين الدولتين (أميركا والسعودية ) ومستمرة هذه الحماية الأمنية حتى اليوم. . بل طورت بنودها وفي جميع جوانب الاتفاقيات الثنائية للحماية الأمنية وأدواتها ووسائلها. . . كما أن السعودية تعتبر أميركا سوق استهلاكية للنفط السعودي من جانب مصلحة سعودية …. و تركيا فحاجتها إلى العون الأميركي لتحقيق أهدافها السياسية الخارجية كقبول تركيا في الاتحاد الأوروبي وحاجتها إلى دعم أميركا للمحافظة علي حالة انقسام الجزيرة القبرصية أضف إلى وجود المصلحة المشتركة الحالية في تحقيق استقرار الوضع في العراق لتقويض امتداد النفوذ الإيراني في العراق وأخيرا وجود المصلحة المشتركة في مواجهة التهديد الذي تشكله إيران لجهة مجابهة الإرهابيين كما يسمونهم سواء كانوا من تنظيم القاعدة أو من حزب العمل الكردستاني أو مجلس الحرية والديمقراطية في كردستان … والأردن بحاجة إلي المساعدات الاقتصادية إذ تحصل الأردن علي مساعدات اقتصادية بما يصل إلى اثنين مليار دولار أميركي من أميركا (سنويا). كما أنها بحاجة إلي المساعدات العسكرية الأميركية لتؤمن لها الاستقرار لنظام حكمها (الملكي الوراثي ) والمحافظة عليه وعلى أشخاصه. . . . ودول الخليج الصغيرة (الكويت والبحرين والإمارات وقطر وعمان) : فهي دويلات صغيرة الكيان وهي حاليا وأنظمتها الحاكمة في يد القبضة والتصرف والقرارات الأميركية وتتمركز فيها القواعد العسكرية الأميركية إذ في الكويت يوجد معسكر (أريفجان) وهو يبعد حوالي 40 ميلا جنوب مدينه الكويت وهو القاعدة الأميركية الرئيسية في الكويت. . وفي قطر يوجد معسكر السيلية وقاعدة العديد الجوية ويعتبر معسكر السيلية هاما لأنه كان مقر القيادة التي اشرفت علي إدارة المعارك في عملية غزو العراق وتعتبر قاعدة العديد هامة أيضا بسبب قلة القيود التي يفرضها القطريون علي استخدامها ولأنها كانت ومازالت مركز قيادة العمليات الجوية المشتركة وإدارة القوات الجوية في المنطقة. . وفي البحرين ( بمدينة المنامة ) توجد إدارة الأسطول الأميركي الخامس. . وفي الإمارات العربية المتحدة قاعدة الظفرة الجوية. . وفي عمان يوجد تعاون وتواجد أميركي قواعدها الجوية في كل من (مسيرة و سيب و ثمرايت). . وهذه الدول الخليجية لا تجرؤ على أن تخرج عن بيت الطاعة الأميركية كونها مكبلة عسكريا بالقواعد العسكرية الأميركية. . .
وأخيرا نقول من وجهة نظرنا الشخصية أن إمكانية تقويض النفوذ الأميركي في المنطقة العربية حاضراً ومستقبلا ضعيف جدا في استمرار قيام هذه التحالفات بين أميركا وبين الأنظمة الحاكمة القائمة في تلك الدول العربية والإسلامية وعلى أساس تغليب المصلحة الوطنية دون أي اعتبارات لمصلحة الأمة العربية والأمة الإسلامية بالمستقبل. . . ونقول بالجزم لا يمكن تقويض النفوذ الأميركي مستقبلا وتقليص استمرار الهيمنة العسكرية على المنطقة العربية إلا بأحد ثلاث هي :
(1) إما بتفكيك هذه التحالفات الثنائية القائمة بين أميركا وكل دولة عربية أو إسلامية على حده والقائمة على أساس ثنائي بين أميركا وكل دولة (مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا والأردن والكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين ) وفق المصالح الثنائية. . بأن تسعى الأنظمة العربية ودولها نحو إيجاد تكامل ودفاع مشترك يحفظ أمن كل دوله عربية من أي اعتداءات خارجية. . وتبادل مصالح بينيه تكافئ في الوزن المصالح التي تحققها أو تحصل عليها كل دوله عربية حليفة مع أميركا. . وإقامة تعاون امني فعال فيما بينها وبحيث تأمن كل دولة عربية ونظام حكمها وأشخاصه من دولة عربية أخرى تري أنها تمثل تهديدا لها مستقبلا. . وأداة ذلك تتجلي في ورقة العمل المقدمة من فخامة رئيس الجمهورية اليمنية المشير /علي عبدالله صالح بالأسبوع الماضي بشأن مشروع مقترح إنشاء الاتحاد العربي. . .
(3) أو ظهور منافسين لأميركا في الساحة الدولية ودخولهم وبقوة في عملية تنافس شديد مع أميركا على المنطقة العربية وبالتالي توجد كفات موازين لدول قوة أخرى. . تتيح للدول العربية وأنظمتها المساومة فيما بين هذه الكفات. . ولتكون في اتجاه تقاسم النفوذ مع أميركا وتقليص الهيمنة العسكرية الأميركية على المنطقة العربية. . . واحتمال أن تكون الصين هي الدولة المنافسة ويمكن أن يتحقق لها ذلك وبأثر بارز علي الساحة الدولية على مدى (العشر إلى العشرون السنة القادمة). . إلا أن تحقق هذا لن يقلص كثيرا الهيمنة العسكرية في المنطقة العربية لوجود الفارق الكبير في امتلاك الدولتين (أميركا والصين ) لجوانب امتلاك أسلحة الدمار الشامل. . وفي صالح أميركا. . وأيضا استمرار التحالفات الثنائية القائمة بين أميركا وأنظمة حاكمة في دول عربية. <
نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني :
Shukri_alzoatree @yahoo. com