هاني عبدالحميد كرد
احتفل وطننا الحبيب بذكرى سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ولن ينسى أبناء يمننا الحبيب ذكرى توحده وستظل هذه الذكرى عزيزة كريمة غالية على قلوب كل أبناء اليمن تحتفي بها القلوب فرحة وتلهج بها الألسن ولهاً وحباً وطرباً ويحق لهم ذلك، ويحق لهذا الوطن كل هذا الحب وكل هذا التمجيد، فهو ليس ككل الأوطان، إنه الوطن الذي خرجت منه كوكبة مؤمنة لنصرة دين الله ورفعة رايته، إنه الوطن الذي سالت دماء أبنائه من أجل رفعته وعزته، إنه الوطن الذي قال عنه المؤرخون إنه أصل العرب، إنه الوطن الذي سطر أجمل وأعظم الملاحم وآخرها ملحمة الدفاع عن وحدته، إنه الوطن الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم أبنائه بأنهم ألين قلوباً وأرق أفئدة، إنه وطن الإيمان والحكمة، وطن آمن أبناؤه وجعلوا القرآن دليلهم إلى الخير والسنة منهجهم، فاجتمع أهله في أرض واحدة وفي بيت واحد يظللهم حب صادق وألفة وتأخٍ وتألف ومودة ورحمة وتراحم.
وطن بهذا الجلال وهذا الجمال حري بأبنائه أن يفتخروا به ويتفاخرون، وأن يتفانوا من أجله ويبذلوا الغالي والنفيس وأن يكونوا يداً واحدة ضد كل من يريد به سوءاً ومكروهاً، وأخص كل من تسول له نفسه زعزعة أمن هذا البلد وشق الصف ومحاولة إرجاع الوطن إلى ما قبل الوحدة المباركة من بعض أبنائه والشراذم الوافدة للانتفاع بخيره وخيراته، تلك الثلة التي أعلنت عن عداوتها ومحاربتها له عدواناً وظلماً وما زالت تصر على عدائها وحقدها على وطننا الحبيب، ولقد تكسرت شوكة هؤلاء بفضل من الله تعالى ثم بفضل جهود المخلصين من أبناء هذا الوطن الغالي على الرغم من محاولاتهم التي تضل بوجهها الكريه بين حين وآخر معلنة عن عداوتها لوطننا الآمن المطمئن والذي يسوؤها أن يظل آمناً مطمئناً، ويتجدد مع كل إطلالة لهذا العدوان دلائل على انحراف هؤلاء وحقيقة نزعاتهم الشديدة ورغباتهم الكامنة في وجدانهم في الإيذاء والحقد والحسد.
ومما يتبقى التنويه عليهأن صور الحقد والعداء لا تقتصر على ممارسات هذه الثلة المنحرفة التي باعت وطنها ودينها، إلا أن صور معاداة الوطن كثيرة تمارس علانية وخفية قد لا يعي أحد مخاطرها الآنية والمستقبلية أو يدرك آثارها السلبية على الاقتصاد والتنمية والأمن والاستقرار، وأعداء الوطن قد يتكلمون بلغتنا وقد يكونون من أبناء جلدتنا ولكنهم في كل يوم يفيدون جلودهم وهم أكثر خبرة في المراوغة ويحسنون صناعة التمثيل وتبادل الأدوار، فهم مثل الثعالب، فالثعلب ممثل بارع إذا طارده الصيادون تظاهر بالموت، وإذا شم رائحة الكلاب ولى هارباً.
وكما أن الثعالب أنواع كذلك أعداء الوطن أنواع، وكلهم يلتقون في الصفات والطبائع الخسيسة، وليس بين هؤلاء ثعلب أليف أو شريف يستحق الإشادة، فأعداء الوطن يجدر بنا تسميتهم "الثعالب البشرية"؛ لأنهم أحياناً أكثر الثعالب مخادعة ومراوغة ولأنهم يمتلكون نزعتين مختلفتين في وضح النهار نزعة وفي الليل نزعة أخرى، أن بعض هؤلاء الثعالب يفتخرون بخداعهم ومراوغتهم، فخورون بمكرهم ورداءة طبعهم التي تملكهم إن بعض هؤلاء الثعالب عندما يصيبها الخطر يظهر زيفها وخداعها، وتحاول الدفاع عن نفسها بما لديها من وسائل ولو على حساب نفسها ومبدئها ومحيطها وعرفها لا لشيء إلا لمجرد التخلص من هذا الموقف، إن بعض هذه الثعالب البشرية لا تمتلك الجرأة والشجاعة للمواجهة أو الاعتراف بخطأها وتقوم بتقديم الاعتذار أو التوبة مما هي فيه.
إن مثل هذه الثعالب البشرية التي تعيش واقعاً مزرياً ومريراً ولديها إحباط وضياع في الواقع وضياع في الأحلام، إن مثل هؤلاء يجب ألا يثيروا فينا أي شفقة أو رحمة ولا نستسلم لإراداتهم أو تأخذنا أفكارهم المعادية للوطن وتطلعاتهم الحياتية فعلاً وعقلاً وخيالاً وأمان، إنهم مجرد فقاعات صابون وزبد ماء ما يلبث أن يذهب ويختفي، لأنهم لا يملكون أي عبقرية أو أدنى فضيلة، إنهم مجرد ثعالب حتى ولو بدؤوا بهيئات مختلفة وصور جميلة براقة.
إن هذه الثعالب البشرية تعيش حولنا في كل مكان وتحوم بشكل لافت للنظر وتتحنى أي فرصة اجتماعية لتقوم بدورها الماكر .. حينما يجن الليل لينهالوا بقبضاتهم القبيحة على وجه يمننا الحبيب دون أدنى تردد، فدعونا نطارد هذه الثعالب البشرية ونمقتها اجتماعياً وإقليمياً وبيئياً وفكرياً وأدبياً حتى يعيش المجتمع ويبقى حراً عزيزاً موحداً نقياً هنيئاً دون ثعالب بشرية، فلا يوجد حيوان أروغ من الثعلب.