عبدالوارث النجري
في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والحياة المعيشية الشاقة التي صار يئن منها المواطن العادي ويعاني من تبعاتها ليلاً ونهاراً، في ظل الحديث عن أزمة الاقتصاد العالمي وبداية انهيار المنظومة الرأسمالية وتبعاتها على حياة هذا المواطن الذي يمثل السواد الأعظم من أبناء يمننا الحبيب، في ظل هذه الكوارث الطبيعية من سيول جرفت الأرض والإنسان وكل ما يربطه بالأرض من سكن وممتلكات وغيرها، في ظل هذا الخنوع والخذلان والذل والهوان الذي أصاب أبناء العروبة والإسلام، في ظل تلك الإساءات التي استهدفت رمز الإسلام ونبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، في ظل ذلك الاحتلال الذي تعاني منه العديد من الدول العربية والإسلامية وما يرافقه من سفك للدماء وانتهاك للأعراض والعقيدة وطمس للهوية وصار يهدد العديد من بلداننا العربية المجاورة، في ظل هذا لا نزال في غيبوبة عن كل ما سبق حتى صرنا نشعر بأنكم بتلك التصرفات والممارسات التي تقومون بها بأن ذلك لا يعنيكم، مع أن شعاراتكم في المؤتمرات وفي اللقاءات والتصريحات الإعلامية وفي المظاهرات والمسيرات الجماهيرية، في الخطب والبيانات الحزبية لا تخلو من التشدق باسم الثوابت الوطنية والهوية الإسلامية والقومية العربية والأمن والاستقرار والحريات وحقوق الإنسان وهموم ومعاناة عامة الناس وغير ذلك، حتى صار السواد الأعظم من أبناء هذا الشعب محتاراً من أمركم، لذا ومن خلال ماسبق ندعوكم أيها الأخوة في القيادات الحزبية في الحاكم والمعارضة وما بينهما أن تحددوا المصلحة العامة من حواراتكم ولقاءاتكم واتفاقاتكم وخصوماتكم واتهاماتكم المتبادلة والتي أصبحنا نمل منها، رغم أنكم لا يمكن أن تملوا منها، وهذا من حقكم، فمن حقكم أن تتحاوروا فيما بينكم وتقوموا بتوقيع المعاهدات والاتفاقات وتحددوا مكان اللقاء والحوار سواءً داخل مقراتكم الحزبية أو في رئاسة الوزراء أو خلف أسوار دار الرئاسة، وحتى داخل السفارة الأميركية ومقر المعهد الأميركي، أو حتى خارج الوطن، كما أنه من حقكم أن تحددوا فيما إذا كان ذلك الحوار سرياً للغاية أو بأجواء ديمقراطية وتغطية إعلامية، كما أنه من حقكم أيضاً أن تخاصموا بعضكم وتبدون بالتراشقات الإعلامية والاتهامات المتبادلة والتهديدات وغيرها، لكن يجب أن تدركوا أنه ليس من حقكم المساس بالثوابت الوطنية، وفي مقدمتها الجمهورية والوحدة والديمقراطية، وليس من حقكم اللعب بمشاعرنا وعواطفنا والمفاوضة على أصواتنا في صناديق الاقتراع وحرياتنا أثناء الاقتراع السري أحد حقوقنا المكفولة دستوراً، وليس من حقكم استغلال المناخ الديمقراطي لإثارة النعرات والفوضى والمشاكل وأعمال التخريب وكل تلك الممارسات التي تضر بالوطن وأمنه واستقراره، كما أنه ليس من حقكم العمل على تجذير الفساد المالي والإداري ومخالفة القوانين ونشر ثقافة الرشوة والمحسوبية والاختلاسات في كافة المرافق الحكومية، أما فيما يخص الاستحقاق الديمقراطي القادم والمتمثل بالانتخابات النيابية الرابعة، فأنتم بلا شك أصبحتم تدركون أن الكرة في ملعب الطرفين "الحاكم والمعارضة" خاصة بعد تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإعلان أسماء لجان القيد والتسجيل ووصولها إلى المقرات والمراكز المحدد لها، فإنه أصبح من الصعب اتخاذ أي إجراء يعرقل عملية القيد والتسجيل وتصحيح السجل الانتخابي، أما عن موضوع مقاطعة المشترك لهذا الاستحقاق الديمقراطي فإن الخسارة ستكون فادحة للطرفين "الحاكم والمعارضة"، فالمعارضة ستخسر مقاعد البرلمان وما رافق ذلك من امتيازات ودعم واعتمادات وغير ذلك من القاعدة الشعبية والمشاركة في صياغة القوانين وإقرارها.. إلخ، كما أن الحزب الحاكم هو الآخر وخاصة بعد دخوله في تكتل مع المجلس الوطني للمعارضة "أستيبني المعارضة" هو الآخر لن يملك تلك الثقة التي ينالها دائماً من الجهات والمنظمات الداعمة عقب كل استحقاق ديمقراطي، حتى أن فوزه بأغلبية مقاعد البرلمان سيكون بلا شك فوزاً هشاً ليس له أي طعم أو رائحة، وقد يتهم بمحاربة الديمقراطية أو جهل قواعد وأسس الديمقراطية الحقة، لذا صار من الواجب عليكم العودة إلى طاولة الحوار والخروج بالحلول الناجعة في أسرع وقت ممكن، وما نتمناه منكم هو اللين أثناء الحوار وعدم شد الحبل، فهذا ليس من صالح الطرفين، كما نأمل أن تكون المصلحة العامة نصب أعينكم أثناء الحوار، مصلحة الناخبين، حياة وأمن واستقرار الناخبين، جوع وظلم وقهر الناخبين، أما مصلحة الوطن فأنتم بلا شك قيادة وطنية لا غبار عليها، لذا ما نتمناه أن تتنازلوا عن بعض المصالح الشخصية والحزبية الضيقة مقابل تحقيق المصلحة العامة، مصلحة القوى الناخبة، مصلحة عامة الناس، مصلحة القواعد الشعبية لأحزابكم فهل ننتظر؟!!!